في ظل غياب القانون وانتشار للسلطة النفوذية في العاصمة السورية
دمشق، تستمر الأوضاع الإنسانية والمعيشية للسوريين ضمن مناطق سيطرة النظام السوري بالانجراف نحو مستنقعات الاستغلال، وفق مصالح شخصية لبعض المسؤولين وأصحاب القرارات، مستغلين الأوضاع الراهنة التي تسود البلاد.
ويعاني الدمشقيون ومن نزح إلى العاصمة دمشق منذ أشهر طويلة من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة جدا في اليوم، وارتفاع كبير للغاية في أسعار السلع التموينية والمعاشية لمستويات لم يعاصروها من قبل، إضافة إلى انهيار الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.
إلا أن كل ما سبق لم يشفع لهم أمام تمرد السلطات الفئوية والشخصيات التي تدير مناطق سيطرة النظام السوري، ليضاف إلى ما سبق ذكره، ظاهرة أزمة "
المحروقات"، والتي ظهرت بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وهي أزمة من طراز جديد سببها الرشوة والمحسوبية والاحتكار والطمع.
وأكد الناشط الإعلامي "يوسف العبد الله" من دمشق لـ "
عربي 21" خلال اتصال خاص معه، أن محطات لبيع محروقات والتي توجد في منطقتي "المزة والشيخ سعد" غربي دمشق، تغلق أبوابها أمام المدنيين عنوة، وقد وضعت لافتة صغيرة كُتب عليها "المحطة مغلقة"، على الرغم من أن هذه المحطات لا تبعد عن رئاسة وزراء النظام السوري سوى مئات الأمتار.
ويوجد على بُعد عشرة أمتار فقط من مدخل "المحطات" مشاهد أخرى يكاد المرء يعتقد أنها "كاميرا خفية" أو ما شابه، فهناك مئات المدنيين يصطفون في
طوابير طويلة، ينتظرون دورهم في الحصول على "غالون" واحد (وعاء لتعبئة المحروقات) من المحروقات بضعف السعر المخصص من قبل حكومة النظام، ليصل سعر الصفيحة الواحدة منه إلى أكثر من 7000 ليرة سورية، أي تقريبا ما يعادل 24 دولارا أمريكيا، بينما سعر الصفيحة المسعرة لدى النظام هي 3200 ليرة.
ويضيف العبد الله: "الغريب في الأمر، وهو ما يثير الدهشة فعلا، أن الباعة في السوق السوداء هم أنفسهم من الموظفين العاملين في محطات المحروقات، ولكنهم يعملون في السوق السوداء لكسب المزيد من المال والأرباح لأصحاب هذه المحطات ولجيبهم الخاص، وكل هذا يجري أمام أعين الدوريات الأمنية التي تجوب المنطقة ولا تحرك ساكنا، وفي بعض الحالات تأتي هي نفسها للتزود بالوقود من هذه الأسواق السوداء دونما أي مبالاة.
وأوضح المصدر، عمال الأسواق السوداء "عمال محطات المحروقات"، يقومون بتعبئة الغالونات من محطة الوقود التي يعملون بها، ومن ثم يأتون بها إلى السوق السوداء، ويسلمونها لأصحابها، مقابل الحصول على أضعاف السعر، مؤكدا أن المدنيين المنتظرين في طوابير أمام هذه الأسواق يقومون بدفع "رشاوى" للعمال، من أجل أخذ ورقة دور، ويتهافت المدنيون على العامل وكأنه "يملك مفتاح الجنة"- على حد وصفه.
مصادر إعلامية موالية للنظام السوري، عقبت بدورها على هذه الأفعال بطريقة خجولة للغاية، مكتفية بتأكيد انتشار هذه الحالات والأفعال وسط دمشق، ومتحدثة عن عشرات الشكاوى التي وصلتها حول "الأسواق السوداء" ومرتكبيها، دون ذكر أي إجراءات قامت بها حكومة دمشق حول الاستغلال المستمر من قبل شخصيات محسوبة ومقربة على النظام السوري.