تعد محافظة ديالى
العراقية (57 كم شرق بغداد)، من بين أكثر محافظات العراق تنوعا طائفيا وقوميا، حيث يسكنها خليط قومي عربي كردي، وخليط طائفي عربي من
السنة والشيعة، بخلاف المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية، والمحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية.
لكن سكانا من العرب السُنَّة في ديالى يقولون إنهم يتعرضون لحملات تطهير عرقي ممنهجة على يد
المليشيات الشيعية التي باتت هي صاحبة القرار الأول في المحافظة، وهي تسعى إلى إخلاء المحافظة المحاذية لإيران من العرب السُنَّة الذين كانوا يشكلون غالبيتها المطلقة.
وفي حديث خاص لـ"عربي21"، يقول الضابط محمد المفرجي، وهو ضابط شرطة سني ترك عمله وغادر إلى أربيل بعد اعتقاله من المليشيات الشيعية، إن هذه المليشيات تحاول إفراغ ديالى من العرب السنة من خلال خطف الشباب في كل من بعقوبة والمقدادية، ومساومة ذويهم على مبالغ مالية، وإلا سيتم قتلهم. وأوضح المفرجي أن هذه الحملة تتم على الأحياء بالتدريج لإفراغها من الشباب، لسببين الأول حتى لا يبقى من يدافع عن مساجد الحي، وثانيا لإبقاء العائلات بلا معيل، حسب قوله.
ويضيف الضابط محمد المفرجي: "تم اعتقالي بعد أن توجهت بدوريتي للاستفهام بعد نداء وجه إلينا حول مسلحين يهاجمون مسجدا في حي المعلمين في بعقوبة، وحين ترجلت وعناصري من السيارة، فوجئت بعناصر من الحشد الشعبي يُكسِّرون محتويات المسجد، فطالبتهم بالتوقف، فقاموا باعتقالي ووجهوا لي شتائم وكلمات طائفية".
ويواصل المفرجي حديثه لــ"عربي21" حول انتهاكات هذه المليشيات قائلا: "المليشيات في ديالى لا تتبع لأي جهة حكومية، بل هي دولة داخل الدولة، وقياداتها على اتصال مباشر مع إيران. وعندما تحركت بعض الأطراف من أجل إطلاق سراحي، تم التوسط لي لدى قيادي إيراني في مليشيا إيرانية تسيطر على إحدى مناطق ديالى"، وفق قوله.
ويشكو عناصر الشرطة والصحوات السُنَّة من حملات اعتقال مستمرة تنفذها المليشيات الشيعية، التي اعتقلت خلال الأسابيع الماضية أكثر من 60 عنصرا من هؤلاء، كما يعانون من استهداف تنظيم الدولة لهم بسبب قتالهم إلى جانب المليشيات والقوات الأمنية العراقية.
وقد شهدت مدن عدّة في محافظة ديالى موجات من التفجيرات بالألغام المزروعة على الطرقات أو في الأسواق، وبالسيارات المفخخة.
ويقول الضابط المفرجي في حديثه لـ"عربي21": "لدي ما يكفي من المعلومات والدلائل على أن أغلب التفجيرات في بعقوبة، مثلا هي تفجيرات يقوم بها الحشد الشعبي والمليشيات الشيعية، كذرائع مسبقة لشن حملات اعتقالات تستهدف الشباب السُنّي، كما يستهدف الحشد الأئمة والخطباء الذين يرفضون التبعية له، وقاموا مؤخرا بتصفية الشيخ عبد الرحمن الدليمي بعد أن رفض تعليمات الحشد الشعبي بإغلاق مسجده وعدم إقامة صلاة الجمعة فيه"، وفق تأكيد المفرجي.
ويختم الضابط في الشرطة العراقية، محمد المفرجي، حديثه بأنه فضّل الخروج من ديالى؛ لأنه يرى أن مصيره سيكون القتل بسبب دفاعه عن مسجد يتعرض لهجوم مسلحين، مخاطبا السياسيين السُنَّة قائلا: "عليكم أن تسمعوا، وفي مقدمتكم رئيس البرلمان سليم الجبوري، أن ما يجري للعرب السُنَّة في ديالى خطير، وأنّ أوضاع العرب السُنَّة تزداد سوءا يوما بعد يوم، ولن يكون هناك سُنّي واحد فيها طالما أن الميليشيات التي تقودها إيران هي صاحبة القرار في المحافظة، وإيران لن تقبل بأي وجود سُنّي على حدودها".