تكبدت
البورصات العربية خسائر فادحة في تعاملات الأسبوع الماضي، وسط موجة هبوطيه اجتاحت
أسواق الأسهم والسلع الأولية حول العالم في ظل حالة عدم اليقين بشأن مستقبل
الاقتصاد الصيني، وهو ما أجج المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي.
وقال محللون وخبراء أسواق مال لوكالة الأناضول، إن السبب في وتيرة الهبوط الحادة بالأسواق العربية يعود بالأساس إلى التخوف من تباطؤ عالمي تقوده الصين، وهو ما دفع المستثمرين إلى عمليات بيع واسعة على الأسهم كبدتها خسائر بمليارات الدولارات.
ووفقا لحسابات الأناضول، فقد فقدت الأسهم المقيدة في ثماني بورصات عربية أكثر من 67 مليار دولار من قيمتها السوقية، كان لبورصة السعودية النصيب الأكبر منها بواقع 39.4 مليار دولار، بينما كانت
بورصة مسقط الأقل خسارة بنحو 24 مليون دولار.
وفي تصريحاته للأناضول، قال محمد معاطي، مدير إدارة البحوث الفنية لدي ثمار للوساطة في الأوراق المالية: "هناك حالة من القلق وعدم اليقين بشأن مستقبل نمو الاقتصاد العالمي نتيجة الأوضاع المضطربة في الصين، يبدو أن خفض قيمة اليوان واضطراب سوق المال الصيني تسببا في حالة من الذعر لدى المستثمرين".
وخفضت السلطات الصينية منتصف الأسبوع قبل الماضي قيمة عملتها "اليوان"، في خطوة مفاجئة أثارت المخاوف على وضع الاقتصاد الصيني، الأقوى والأكبر بين الدول النامية، فتدنت أسعار السلع الأولية وعملات الدول النامية وترنحت أسواق الأسهم في أوروبا وأمريكا.
وأضاف "معاطي" في اتصال هاتفي مع "الأناضول": "وصل سعر النفط إلى مستويات هي الأدنى منذ عدة سنوات، وهو ما يهدد الأسواق بمزيد من الخسائر خاصة بورصات الخليج التي تعتمد بلدانها بشكل رئيسي على النفط".
وهبطت أسعار النفط للعقود الآجلة بنحو حاد في تعاملات الأسبوع الماضي، لتواصل خسائرها للأسبوع الثامن على التوالي في أطول وتيرة أسبوعية منذ آذار/ مارس 1986.
وتظهر حسابات مراسل الأناضول، انخفاض عقود خام القياس العالمي "مزيج برنت" الأسبوع الماضي، بنسبة 7.6% إلى 45.46 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ بداية العام الجاري، ينما هبطت عقود الخام الأمريكي بنحو 2.05% لتغلق عند 40.45 دولار للبرميل.
وقال معاطي للأناضول: "الأسواق باتت في حاجة إلى محفزات جديدة تدعمها من أجل معاودة الصعود مجددا، ولكن سيظل ذلك مرهون باستقرار الوضع العالمي وظهور بوادر على تعافي الصين، وتحسن أداء البورصات العالمية".
وتتفاقم مخاوف المستثمرين حول العالم من تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، خاصة بعدما انكمش نشاط المصانع الصينية بأسرع وتيرة له في ست سنوات ونصف، في آب/ أغسطس الجاري. وسجلت الأسهم الأمريكية أكبر خسائر أسبوعية منذ نحو أربع سنوات في تعاملات الأسبوع الماضي.
وبحسب رصد قام به مراسل الأناضول، فقد كانت بورصة مصر الأكبر خسارة بعد تراجع مؤشرها بنسبة 8.97% لأدنى مستوياته منذ كانون الثاني/ يناير 2014، وسط عمليات بيع مكثفة للأجانب كانت السبب الرئيس وراء هبوط السوق.
وأظهر تقرير البورصة الأسبوعي، أن تعاملات الأجانب في تداولات الأسبوع الماضي، مالت نحو البيع بصافي بيعي بلغت قيمته 227.09 مليون جنيه (29 مليون دولار)، ومال العرب أيضا نحو البيع بصافي بيعي 39.2 مليون جنيه (5 ملايين دولار).
وكان من ضمن الأسباب التي أثرت على أداء البورصة المصرية صدور بعض القرارات الحكومية، التي طالت بعض الشركات المقيدة، ومنها التحفظ على أموال وممتلكات رجل الأعمال صفوان ثابت رئيس مجلس إدارة شركة "جهينة" للصناعات الغذائية، فضلا عن إحالة شركة "النساجون الشرقيون"، أكبر منتج للسجاد الصناعي في العالم إلى النيابة العامة، بتهمة "الممارسات الاحتكارية".
وهوت بورصة السعودية، الأكبر في العالم العربي لأدنى مستوياتها منذ منتصف كانون الأول/ ديسمبر، ونزل مؤشرها الرئيس بنسبة 7.7%، بفعل عمليات بيع مكثفة على الأسهم القيادية في قطاعي البنوك والصناعات البتروكيماوية.
وانحدرت أسعار أسهم 68 شركة نحو أدنى مستوياتها في عدة سنوات أو ربما منذ الإدراج، ومن بينها "أسمنت السعودية" و"سافكو" و"كيان" و"بنك البلاد" و"التصنيع" و"موبايلي" و"زين" للاتصالات، وذلك وفق مسح أجرته الأناضول.
ونفت الحكومة السعودية، مسؤوليتها عن الخسائر المتلاحقة التي أصابت البورصة، ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية يوم الأربعاء الماضي، عن مصدر مسؤول (لم تذكر اسمه)، أن التراجعات التي شهدها السوق لم تكن بفعل أي مبيعات للأسهم من جانب جهات حكومية تسعى لتدبير السيولة مثلما ذكرت بعض التقارير الإعلامية المحلية.
وفي الإمارات، تراجع مؤشر بورصة دبي بنحو 5.6% مسجلا أدني مستوياته منذ أواخر آذار/ مارس الماضي، وسط خسار حادة لأسهم قطاعي الاستثمار والعقارات مع هبوط مؤشراتهما بنحو 8% و 7% على التوالي.
ونزل سهم شركة "أرابتك" القابضة للمقاولات أكثر من 6% بعدما ترددت أنباء قوية عن انسحابها من مشروع المليون وحدة في مصر، وهو ما نفته الشركة، في بيان صدر عنها يوم الخميس الماضي، أكدت فيه أنها لا تزال تناقش حيثيات المرحلة الأولى من المشروع، المكونة من 100 ألف وحدة سكنية مع الجهات المعنية المصرية.
وتراجعت بورصة العاصمة أبوظبي بنحو 4.6%، وهو أول تراجع أسبوعي لها منذ بداية العام الجاري، لتغلق عند أدني مستوياتها منذ مطلع نيسان/ أبريل الماضي، مع تراجع أسهم قطاعات الطاقة والعقارات والبنوك.
وهبطت بورصة قطر بنحو 4.32% على مدار الأسبوع وأغلق مؤشرها الرئيس عند أدنى مستوياته منذ أواخر آذار/ مارس الماضي، وسط هبوط جماعي للقطاعات بقيادة "الاتصالات" بنسبة 11.2% .
وانخفض مؤشر بورصة الكويت السعري بنسبة 3.94% نحو أدنى مستوياته في عامين ونصف، فيما تراجع مؤشر بورصة مسقط بنحو 3.62% مبددا جميع مكاسبه المحققة منذ بداية العام ومحققا أدنى مستوياتها منذ منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وجاءت بورصة البحرين في ذيل القائمة بعد هبوط مؤشرها بنسبة 1.09%، محققا أكبر وتيرة تراجع أسبوعية في أكثر من شهر، بدفع هبوط أسهم 10 شركات مقابل صعود أربعة فقط.
وعلى عكس أداء باقي الأسواق، فقد صعدت بورصة الأردن بعدما زاد مؤشرها العام بنسبة 2% خلال الأسبوع، وبعدما استمر في وتيرته الصاعدة للجلسة الثامنة على التوالي بدعم ارتفاع أسهم القطاع المالي والصناعي.