استهجن أمناء شرطة في
مصر، ادعاء وزارة
الداخلية بأن الوقفة الاحتجاجية التي قام بها أفراد شرطة في مديرية أمن الزقازيق بمحافظة الشرقية، للمطالبة بتحسين أوضاعهم، جاءت بتحريض من جماعة الإخوان المسلمين، واصفين هذا الزعم بأنه "محض افتراء".
ونددوا في حديث لـ"
عربي21" بالحملة الإعلامية التي تشنها ضدهم بعض القنوات الفضائية المصرية، وبالنيل من وطنيتهم وولائهم، وجحود فضلهم في التصدي لما أسموه بـ"الإرهاب"، وباتهامهم بتنظيم وقفات احتجاجية مقابل مبالغ مالية دُفعت لهم.
مطالب مشروعة
وانتقد رئيس ائتلاف أمناء وأفراد الشرطة بالجيزة، الأمين سعيد الشهاوي، اتهام المحتجين بأنهم مدفوعون من قبل جماعة الإخوان، مضيفا لـ"
عربي21": "هذا الكلام غير صحيح تماما، ولا يمكن أن يحدث مطلقا".
وردا على بيان "الداخلية" الذي توعد فيه أمناء الشرطة المحتجين بالمحاسبة، قال الشهاوي: "لن نسمح بحدوث ذلك، وسنقف إلى جانب زملائنا، وسننظم وقفات احتجاجية على مستوى الجمهورية، إن تطلب الأمر".
وبيّن أن المطالب التي تم رفعها في احتجاج الشرقية؛ تعبر عن جميع مطالب أمناء الشرطة على مستوى الجمهورية، ولكن "لم يجرِ التنسيق فيما بيننا بعد، ومطالبنا تزعج الداخلية التي يستأثر قياداتها وضباطها بالمال والمزايا، وكأنهم أسياد وغيرهم هم العبيد".
وبشأن الاجتماع الأخير لهم مع قيادات بـ"الداخلية" في شهر أيار/مايو الماضي، والذي انتهى بوعود بتحقيق حزمة مطالب قدمها أمناء الشرطة؛ قال الشهاوي إن "المحصلة من هذا الاجتماع صفر، ولم يتم الاستجابة لمطلب واحد حتى الآن، ولكننا لن نتخلى عن مطالبنا جميعها".
حقوق مسلوبة
من جانبه؛ أكد رئيس اتحاد أمناء شرطة الشرقية، منصور أبو جبل، الذي أصيب في الوقفة، أن مطالبهم معروفة لدى الجميع، مشددا على "وجوب" الاستجابة لها.
وقال لـ"
عربي21" إن مطالب الشرطة "تتمثل في صرف الحوافز والعلاوات المتأخرة، وزيادة بدل مخاطر العمل، وسرعة الموافقة على التدرج الوظيفي للخفراء، ومساواة الأفراد والخفراء بالمدنيين في حالة إحالتهم لمجالس التأديب، وإنشاء صناديق خاصة لهم، والتعاقد مع مستشفيات خاصة لعلاجهم وأسرهم، وعدم نقل أو إيقاف أي منهم دون التحقيق وثبوت إدانته وفقا للقانون".
وعن نوع الإصابة التي لحقت بـ"أبو جبل" قال زميله الأمين السيد فؤاد، إن "إصابته ناجمة عن الإجهاد الشديد، وليس لها علاقة بأي اعتداء"، مؤكدا أن وجوده وزملاءه معه في المستشفى "من أجل حمايته من أي عدوان"، على حد تعبيره.
المشروع والممنوع
من جهته؛ قال الخبير الأمني العميد محمود قطري، إن "مطالب أمناء الشرطة مشروعة، ولكن طريقتهم غير قانونية"، مشيرا إلى أن "بعض مطالبهم تحقق في أعقاب ثورة يناير".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "جميع أفراد وأمناء الشرطة لا يلقوا الرعاية الصحية الملائمة"، مطالبا بتوفير "مستشفيات ونواد خاصة بهم".
إلا أنه انتقد محاولتهم الضغط على "الداخلية" بتنظيم مثل تلك الوقفات التي وصفها بأنها "خروج عن القانون يستوجب العقاب الشديد"، قائلا: "ينبغي أن يتم منع هذه الوقفات، حتى وإن تطلب الأمر نزول الجيش لمواجهة المحتجين، وإخضاعهم للقانون بالقوة، ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية".
واتهم قطري أمناء الشرطة بـ"إفساد الجهاز الشرطي، فهم يعملون خمسة أيام في الشهر فقط، ولذلك لا يوجد أمن حقيقي في الشارع، ويستغلون عددهم لفرض سيطرتهم، حيث يبلغ عدد الضباط نحو 37 ألف ضابط، فيما يبلغ عدد الأفراد نحو 200 ألف فرد"، مشيرا إلى أن "قوتهم تكمن في تجمعهم، وتخشاهم القيادات في مراكز الشرطة ومديريات الأمن".
مقدمة لفلتان أمني
من جهته؛ عدّ رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى السابق، رضا فهمي، أن ما حدث "مقدمة لحالة من الفلتان داخل وزارة الداخلية".
وأضاف لـ"
عربي21": "ستتسع دائرة الاحتجاج، إلا أن يستجيب عبدالفتاح
السيسي لابتزاز أمناء الشرطة، ويقوم بزيادة أجورهم، وتحسين ظروف العمل والعلاج، كما هو الحال مع أبناء المؤسسة العسكرية".
وعزا أسباب تنظيم هذه الوقفات إلى "الوعود التي تلقتها الشرطة من السيسي خلال الفترة الماضية؛ بمنحهم مكآفات ومزايا، مقابل قمع المتظاهرين في الشارع المصري، وإيقاف الحالة الثورية، إلا أنه تم تحسين أوضاع القيادات العليا، دون الطبقات الدنيا من الأفراد والأمناء والمجندين، الذين تحملوا العبء الأكبر في تلك المغامرة، وكانوا بانتظار مكافآتهم، ولكن ذلك لم يحدث".
وسخر فهمي من إلصاق تهمة تلقي أمناء الشرطة
رشاوى بجماعة الإخوان، وقال إن "الداخلية تهدف إلى تحريض المجتمع عليهم، وإسقاط حقهم في مطالبهم، ومن ثم التنكيل بهم، وجعلهم آية لمن خلفهم من الأمناء والأفراد".