كشفت التحركات "الإصلاحية" الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي عن تحركات لقوى عراقية وتدخلات
إيرانية تشد بطريقة عكسية لعرقلة خطوات العبادي.
وعلى الرغم من رفض المرجعية الشيعية العراقية التدخل في خطوات العبادي واكتفائها بدور المراقب بحسب صحيفة "الأخبار" التابعة لحزب الله اللبناني، فإن كتلا شيعية كبيرة تضغط على العبادي لوقف مساره، بل وأدت الضغوط إلى تجميد "الحزم الإصلاحية" مؤقتا استعدادا لخوض معركة تنفيذ ما تم اتخاذه من قرارات واجهت اعتراضات الكتل السياسية مثل كتلة "بدر".
وطالبت كتلة بدر التي يتزعمها النائب وقائد مليشيات الحشد الشعبي هادي العامري، العبادي ببيان أسباب إعفاء عدد من الوزراء ضمن برنامجه الإصلاحي. وتساءلت: "هل الإعفاء كان لفشلهم أم لضعفهم أم لفسادهم مع بيان معيار البقاء والإعفاء؟".
وحصلت بدر التي يتزعمها على وزارات البلديات والداخلية وحقوق الإنسان في حكومة العبادي، حيث قرر الأخير ضمن الحزمة الثانية من الإصلاحات التي أطلقها في السادس عشر من الشهر الحالي دمج الوزارة الأولى مع وزارة الإعمار، وإلغاء الأخيرة لعدم الحاجة لها فضلاً عن تقليص عدد الوزارات من 33 إلى 22 وزارة.
وعلى صعيد موقف المرجعية في النجف، فقد عبر مصدر مقرب منها عن ارتياح وتفاؤل المرجع علي السيستاني بشكل حذر من إصلاحات العبادي وقرارات خفض امتيازات المسؤولين في السلطات الثلاث، وإلغاء بعض الوزارات ودمجها ببعضها الآخر، مشيرا إلى أن المرجعية تقوم برسم الخطوط العامة ولا تتدخل في التفاصيل.
ولفت إلى أن المرجعية ومكاتبها تلقت اتصالات مباشرة وغير مباشرة من قبل جهات سياسية ودولية وإقليمية، مؤكدا أن أكثر من جهة وشخصية حاولت الاتصال بالمرجع نفسه أو الأشخاص المقربين منه بهدف فهم موقف المرجعية مما يحصل والخطوات القادمة.
وعلى صعيد التدخلات الإيرانية، فقد رأى مراقبون أن زيارة نوري
المالكي إلى طهران على الرغم من حظر السفر المفروض عليه هي رسالة تحد من إيران ودليل غضب على المسار الذي ينتهجه العبادي في إزاحة الموالين لها عن المشهد.
وأشار المراقبون إلى أن زيارة سليماني تأتي بعد إشارات وبرقيات صريحة وواضحة من إيران تعارض التظاهرات، وتُبدي امتعاضها من تمزيق صور زعامات وقيادات دينية موالية لها في كربلاء والديوانية جنوب العراق وبغداد خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى أن إيران غير راضية عن إصلاحات حكومة العبادي وتعتبرها غير صحيحة.
وتناقلت مواقع محلية عراقية تصريحات لمسؤول عراقي رفيع المستوى بحكومة العبادي، قوله، إن "سليماني وصل صباح السبت إلى مطار بغداد برفقة وفد سياسي وديني، وهي المرّة الأولى التي يصل فيها إلى العراق بمهمة سياسية وليست عسكرية منذ أكثر من عام".
وبيّن أن "زيارة سليماني تأتي على خلفية المشاكل الحادة بين قادة التحالف الوطني والتظاهرات التي تضرب مدنا عدة من جنوب ووسط العراق، وإقالة مسؤولين بارزين مقربين من إيران أبرزهم المالكي المتواجد حاليا في طهران".
بدوره، اعتبر القيادي في التيار الصدري، حسين طعمة، أن "زيارة سليماني للعراق تأتي بعد إشارات وبرقيات وصلت من طهران تعارض تلك التظاهرات بشدة وتدعو لإخمادها". وأضاف أن "السيد مقتدى الصدر دعا إلى تظاهرات مليونية ولن يتراجع عن قراره حتى لو كانت إيران ترفضها". وأكد أن "العراقيين ملّوا من الوضع الراهن، حيث يعيش القادة في النعيم والشعب في الجحيم".
وقال طعمة، إن "المالكي يحرّك الوضع نحو الانفجار كما فعل مع المحافظات السنية انتقاما، وهذا الرجل لا يختلف في شيء عن العقيد معمر القذافي والرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح والجميع متفق على أن التظاهرات يجب أن يتم احتواؤها وإرضاء الشارع، لكنه يستثمرها بحرف مسارها وتحويلها إلى غوغاء"، واصفا ذهابه إلى إيران بأنه "استجداء لإعادته إلى السلطة".
بدوره، قال عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني مجيد سورجي، إن سليماني متواجد بالعراق في مهمة سياسية لا عسكرية.
ولفت إلى أن الزيارة "تهدف لإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل ليلة الواحد والثلاثين من تموز (يوليو)، حين انفجرت التظاهرات جنوب العراق، وأعقبتها خلافات كبيرة، وإقالات واسعة طالت الجناح الموالي لإيران".
وقال إن العبادي في موقف "مريح حاليا؛ فالشارع مؤيد له، وهناك دعم ديني من مرجعيات النجف. وربما تكون هناك خلافات في وجهات النظر بين مرجعية النجف ونظام الحكم بإيران".
ووصف سورجي زيارة المالكي إلى إيران بأنها "أول كسر لقرارات العبادي وتحدّ له، خصوصا أن الأخير غادر على متن طائرة خاصة بدعوة من إيران، ولم يتمكن أحد من اعتراضه".
وكانت عناصر مسلحة من جماعة "ملتقى البشائر" وهي جماعة مسلحة تنتمي لحزب "الدعوة الإسلامية" بزعامة المالكي، واجهت المتظاهرين مساء الجمعة في ساحة التحرير ببغداد، واعتدت على عدد منهم بالسكاكين والحراب، ما أسفر عن إصابة عدد من المتظاهرين بطعنات بينهم فتاة نقلت إلى المستشفى، قبل تدخل قوات من الجيش ومليشيا مسلحة تابعة للحشد الشعبي تمكنت من طرد المهاجمين واعتقال ثلاثة لاحقا.