سلطت وكالة "فرانس برس" الضوء على قصة لاجئين أفغان في
إيران قتل بعضهم وأصيب آخرون أثناء القتال إلى جانب قوات النظام في
سوريا. وتناولت مسألة تجنيدهم مقابل مغريات، في حين يقاتل عدد منهم بدافع ديني، بحسب روايات أقربائهم الذين نقلت عنهم الوكالة.
وتنفي إيران، الحليف الاستراتيجي والداعم الأساسي للنظام في دمشق، تجنيد أفغان للقتال إلى جانب القوات النظامية.
لكن شهادات مقاتلين أفغان، وأقرباء لهم، تلقي الضوء على تجنيد لاجئين أفغان من أثنية الهزارة الشيعية في إيران لدعم القوات المقاتلة إلى جانب النظام السوري.
وتقول "فرانس برس": "تمتلئ عينا جيهانتاب بالدموع وهي تروي قصة زوجها حيدر، في الـ35 من العمر، فقد اتصل بها قبل شهرين من طهران ليبلغها: أنا ذاهب إلى سوريا، وقد لا أعود مجددا".
تجلس جيهانتاب مع أطفالها الثلاثة على الأرض في منزلها في كابول، قائلة: "القليل من المقاتلين ينجون من الحرب الوحشية في سوريا".
أما زوجها حيدر فتقول إنه أغراه الراتب الشهري، وقيمته 700 دولار، فهو ضخم لعامل ليس لديه أي خبرة قتالية، بحسب قولها. وليس ذلك فقط، فإن ما أغراه أيضا الوعد بالحصول على الإقامة في إيران، الأمر الذي يطمح إليه لاجئون أكثر ما يخشونه هو الترحيل.
وتضيف جيهانتاب، التي طلبت عدم ذكر اسمها كاملا، خوفا من أن يهدد ذلك احتمال حصولها على الإقامة: "لقد رجوته عدم الذهاب، وأن لا يقتل نفسه من أجل المال".
لكن ما توقعه حيدر تحقق بعد فترة قصيرة، فبعد أيام على مغادرته إلى سوريا أبلغ مسؤول إيراني أقرباءه، اللاجئين أيضا في طهران، أنه قتل في المعارك.
وحيدر ليس سوى مثال واحد ضمن عدد متزايد من الشبان الأفغان العاطلين عن العمل، الذين يلجأون إلى إيران المجاورة، هربا من حرب طويلة في بلادهم، ليجدوا نفسهم يحملون السلاح في نزاع آخر.
وبحسب الخبير في المجموعات الشيعية المسلحة، فيليب سميث، فإن "العديد من المقاتلين الأفغان الشيعة يستخدمون وقودا للمدافع فيما يتعلق بتجنيدهم أو نشرهم أو استغلالهم في سوريا".
ويقدر وجود بين ألفين و3500 أفغاني يقاتلون حاليا في سوريا.
وقال سميث: "البعض منهم أرغم على القتال، وآخرون تلقوا وعودا بالحصول على وثائق إقامة لعائلاتهم فضلا عن راتب محدود".
أما السفارة الإيرانية في كابول، فنفت هذه الادعاءات، وأكدت أن الحديث عن تجنيد لاجئين أفغان "لا أساس له من الصحة".
وفي فيديو نشر على الإنترنت، غالبا من قبل معارضين للنظام السوري العام الماضي، ظهر مقاتل أفغاني مصاب، وهو يروي أنه كان لاجئا في إيران، حيث عرضت عليه السلطات 600 دولار شهريا للقتال في سوريا، تفاديا لترحيله.
ولم يتسن التأكد من صحة هذا الفيديو.
وبعيدا عن الإغراءات بحياة أفضل، يشارك بعض المقاتلين الأفغان في الحرب في سوريا دفاعا عن مذهبهم. ومحمد البالغ من العمر 27 عاما ذهب للقتال للدفاع تحديدا عن مقام السيدة زينب في ضواحي دمشق، على حد قوله.
ويقول محمد، عامل البناء في طهران، إنه سافر مع العشرات من المقاتلين الأفغان إلى دمشق منذ سبعة أشهر على طائرة مدنية، بعد أسبوع من تدريب عسكري مكثف.
وانضم محمد، وفق قوله، إلى لواء "الفاطميون" الذي يضم مقاتلين من الأفغان، ويقاتل إلى جانب "
حزب الله" اللبناني.
ويقول محمد: "الدولة الإسلامية عدو مشترك لإيران وأفغانستان على حد سواء".
ويظهر لواء "الفاطميون" وغيره من المجموعات المقاتلة من عراقيين وباكستانيين مدعومين من إيران، اعتماد النظام السوري على مقاتلين اجانب في هذه الحرب الدامية.
وفي منزل حيدر في كابول، تحاول زهراء قريبته مواساة جيهانتاب التي فقدت زوجها "في حرب لا علاقة لنا بها"، وفق قولها.
وخلال حديثها مع حسين، شقيق حيدر، عبر الهاتف، قالت زهراء إن "الذهاب إلى سوريا مثل الذهاب في مهمة انتحارية".
وحسين تطوع أيضا للقتال في سوريا، حتى أنه أصيب في معدته.
ورد حسين مطمئنا من أحد مستشفيات طهران، قبل نقله إلى غرفة العمليات: "أنا بخير، كان هناك بين 300 و400 أفغاني. الكثير منهم قتل، أما أنا فقد نجوت".
أما زهراء فقالت له: "سمعت أنك تنوي العودة إلى هناك، لا تفعل ذلك، ابحث عن عمل في إيران".
ورد حسين قائلا: "لا يوجد عمل في إيران"، ثم ينقطع الاتصال بينهما، وتضع زهراء رأسها بين يديها وتقول بأسى "لا قيمة لحياة الأفغان، داخل أفغانستان أو خارجها"، على حد قولها.