يبدو أن تهديدات
القذافي التي صرح بها عام 2011، في أعقاب اندلاع الثورة الليبية بالفوضى العارمة في منطقة المتوسط تتحقق اليوم مع التدفق الكبير لقوارب الموت التي تحمل
اللاجئين السوريين وغيرهم إلى
أوروبا عبر المتوسط.
وكان القذافي قال إن أطرافا "ستستغل فراغ السلطة بدلًا من الحكومات المستقرة التي تضمن الأمن. ستقوم المليشيات المرتبطة بابن لادن بالسيطرة، وسيقوم الأفارقة بالتحرك بشكل جماعي نحو أوروبا، وحينها سيتحول البحر الأبيض المتوسط إلى بحر من الفوضى".
وعلى الرغم مما يشاع عن تدابير وإجراءات تتبعها أوروبا للحد من الهجرات إليها، فإن حجم الفوضى التي وعد بها القذافي يبدو أنها أكبر من قدرات أوروبا على معالجتها والتقليل من آثارها.
اللاجئون السوريون المشردون من وطنهم بسبب إصرار النظام السوري ومن خلفه حلفاؤه في طهران وبيروت وبعيدا في موسكو باتوا الآن يطرقون أبواب أوروبا بشكل لا يمكن للأوروبيين احتماله وفقا لما نقله مراقبون مطلعون على حجم الهجرة السورية، مشيرين إلى أن الشهر الماضي فقط شهد وصول عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين عبر الحدود الأوروبية بشكل غير نظامي.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة إن العالم يواجه "أسوأ أزمة" لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية داعيا أوروبا التي تشهد بعض دولها تدفقا هائلا من المهاجرين غير الشرعيين إلى استقبالهم بشكل "حضاري" و"لائق".
وأضاف ديمتريس أفراموبولوس أن "أوروبا تواجه صعوبة في استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يلجأون إلى حدودنا".
من جانبها أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الخميس أن نحو 224 ألف لاجئ ومهاجر وصلوا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.
وقالت المفوضية التي حدّثت أرقامها في نهاية تموز/ يوليو، إنها أحصت 98 ألف مهاجر في إيطاليا و124 ألفا في اليونان. وشهدت الفترة ذاتها مقتل أو فقدان 2100 شخص في البحر المتوسط، بحسب المفوضية. ولا يشمل هذا الرقم الأشخاص الذين فقدوا الأربعاء قبالة ليبيا.
وكان وصل أكثر من 360 مهاجرا نجوا من غرق مركبهم إلى باليرمو شمال غرب صقلية على متن سفينة تابعة للبحرية الإيرلندية. وتتواصل عمليات الإغاثة بحثا عن أكثر من 200 مفقود يرجح أنهم لقوا حتفهم.
وقال وليام سبيندلر، متحدثا باسم مفوضية اللاجئين: "لدينا أزمة لاجئين على أبواب أوروبا. معظم من يعبرون المتوسط يفرون من الحرب أو الاضطهاد، ليس هؤلاء مهاجرين لأسباب اقتصادية".
وأضاف أن "سبب حصول أزمة ليس عدد اللاجئين بل عدم قدرة أوروبا على التعامل مع هذا الأمر بشكل منسق". وتابع سبيندلر بأن "على الدول الأوروبية أن تعمل معا لا أن تتبادل توجيه الاتهامات".
وتظهر إحصاءات اللاجئين أن السوريين هم غالبية الواصلين وتبلغ نسبتهم 34%، يليهم الإريتريون بنسبة 12% والأفغان بـ11% والنيجيريون بـ5% والصوماليون بـ4%.
ولا تقتصر مأساة اللجوء على الواصلين إلى أوروبا وما يعانونه من سوء المعاملة ونقص الرعاية، بل تتعداه إلى أن يلقى الهاربون من الموت جراء الحرب، الموت بالغرق في عرض البحر المتوسط بقوارب الموت.
وأعلن المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي محمد المصراتي السبت أن 111 جثة انتشلت من الموقع الذي غرق فيه قبل يومين زورق كان يقل مئات المهاجرين قبالة سواحل ليبيا، فيما لا يزال هناك عشرات المفقودين.
وقال المصراتي: "جرى انتشال 111 جثة من موقع غرق المركب قبالة مدينة زوارة" على بعد نحو 160 كلم غربي طرابلس. وأضاف أنه "جرى أيضا إنقاذ 198 من المهاجرين".
وشدد على أن "هناك عشرات المفقودين، إذ إن المركب كان يقل حوالي 400 راكب".
وكان المسؤول عن فرقة البحث في زوارة صديق سعيد قال إن بعض الناجين قدروا عدد الركاب بنحو 400 على متن المركب الذي غرق صباح الخميس ولكن مركبا آخر غرق الأربعاء في المنطقة نفسها وعلى متنه 60 شخصا.
وأوضح أنه "من الصعب حصر الأعداد بدقة، حتى عدد القتلى، يمكننا فقط إحصاء أعداد الجثث التي ننتشلها".
وأعربت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن خشيتها من ارتفاع حصيلة القتلى، وأعلنت أن المركبين اللذين غرقا الأربعاء والخميس قبالة زوارة كانا ينقلان 500 راكب في الإجمال.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية مليسا فلمنغ: "نعتقد أن 200 لا يزالون مفقودين ونخشى أنهم غرقوا. مكتبنا في ليبيا يتحقق من الأمر مع خفر السواحل".