تواجه الحكومة
اللبنانية الأحد ضغوطا غداة أكبر تظاهرة للمجتمع المدني يشهدها لبنان في تاريخه، بعد أن حدد المتظاهرون مهلة من 72 ساعة لإيجاد حل لأزمة النفايات التي أطلقت شرارة الاحتجاجات.
واليوم، كتب منظمو حملة "#طلعت_ريحتكم" متوجهين إلى المسؤولين السياسيين "تكت ساعتكن"، متوعدين بتصعيد التحرك إذا تم تجاهل مطالبهم بحلول مساء الثلاثاء، أي لدى انتهاء مهلة من 72 ساعة، أعلنت السبت للتوصل إلى حل مستدام لمشكلة النفايات في لبنان.
ولم يصدر أي رد فعل من الحكومة على هذه المهلة، لكن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، اعتبر مساء الأحد في مهرجان لحركة "أمل" التي يتزعمها أن "العلة في النظام والطائفية والحرمان".
وأعلن بري مبادرة جديدة في محاولة لتجاوز المأزق الذي تشهده البلاد، لافتا إلى أنه سيدعو في أيلول/ سبتمبر إلى "حوار يقتصر على (رئيس الوزراء) تمام سلام، وقادة الكتل النيابية جدولة البحث في رئاسة الجمهورية، وفي عملي مجلس النواب والوزراء وماهية القوانين النيابية"، واصفا هذه الدعوة بأنها "محاولة متواضعة لإدخال الضوء إلى بيوتنا بدلا من النفايات السياسية".
وبعد أسابيع من الاحتجاجات، اعتبرت حركة "#طلعت_ريحتكم" أنها نجحت عندما جمعت بعد ظهر السبت عشرات الآلاف من الأشخاص في ساحة الشهداء، وسط بيروت.
وقال أحد منظمي التحرك، لوسيان بورجيلي: "إنه فعلا انتصار كبير (...) لقد نهض الشعب واستطاع أن يثور على الطبقة السياسية، رافعا العلم اللبناني. اجتمع الناس (السبت) دون طوائف، وأحزاب أو دعم خارجي".
وأوضح أن "كل السيناريوهات ستؤخذ في الاعتبار"، بالنسبة إلى مراحل التحرك المقبلة.
ونظمت الحملة تحت شعارات مثل "المواطن أولا"، و"يسقط يسقط حكم الأزعر"، تعبيرا عن عدم قدرة الناس على احتمال المزيد في غياب أي إصلاح حقيقي منذ نهاية الحرب الأهلية العام 1990، حيث أججت من حدة غضبهم قضايا الفساد، ونقص الخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء.
وبالإضافة إلى تحرك "
طلعت ريحتكم"، انضمت إلى الحملة مجموعات أخرى من المجتمع المدني، مثل "بدنا نحاسب" و"عالشارع" و "حلوا عنا" و"مستمرون"، وكلها تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحت عنوان "سبت الشعب"، كتبت صحيفة "السفير"، الأحد، أن "ساحة الشهداء عادت لأصحابها الحقيقيين جيل جديد (...) شباب أبصر النور على صور لشخصيات سياسية لم تغادر منابرها ومواقعها" منذ أربعين عاما.
واعتبرت الصحف أن الطابع غير المسبوق لتظاهرات الأيام الماضية، يبشر بمرحلة جديدة، إذ كتبت صحيفة النهار أن التظاهرة "تنذر بحتمية التغيير الآتي، بإرادة الشعب من السياسيين أنفسهم، أو بضغط الشارع الذي خرج عن سلطة القوى التي تتقاسم الحكم في 8 و14 آذار"، في إشارة إلى أكبر كتلتين سياسيتين متنافستين، الأولى بزعامة حزب الله الشيعي المدعوم من دمشق وطهران، والثانية بزعامة رئيس الوزراء السني السابق سعد الحريري، المدعوم من واشنطن والرياض.
والطرفان الممثلان منذ 18 شهرا في "حكومة التوافق"، يخوضان حوار طرشان يحول دون اتخاذ قرارات فاعلة.
وعقدت الحكومة برئاسة تمام سلام جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، الخميس الماضي، دون أن تعلن مبادرات لحل أزمة النفايات.
وكتبت النهار: "للمرة الأولى منذ زمن تتحرك قوى المجتمع المدني لمطالب حياتية، لا تلبية لنداء زعيم سياسي أو طائفي".
ويقوم النظام اللبناني على تقاسم السلطة وفق حصص طائفية، وعلى "ديموقراطية توافقية" تضمن منذ 1943 المشاركة بين المسلمين والمسيحيين.
ولكن هذا النظام يعدّ مسؤولا منذ عقود عن استشراء الفساد والهدر والمحسوبية والحرب الأهلية (1975 إلى 1990 ) والأزمات المتكررة التي تفاقمت منذ 2011، بسبب الحرب في سوريا، التي مارست الوصاية لفترة طويلة على لبنان.
ويتولى المناصب السياسية في لبنان زعماء الحرب السابقون، الذين يتقاسمون الحقائب الحكومية ومقاعد البرلمان.
وعدا عن معالجة مشكلة النفايات، يطالب المحتجون بتنظيم انتخابات نيابية جديدة، بعد أن عمد النواب إلى التجديد لأنفسهم مرتين، منذ آخر انتخابات في 2009، بسبب الانقسامات السياسية.
ويبدو النواب كذلك عاجزين عن انتخاب رئيس للجمهورية منذ شغور المنصب في أيار/ مايو 2014.
ويطالب المحتجون باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، ومحاكمة المسؤولين عن أعمال العنف نهاية الأسبوع الماضي، ومن بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد إطلاق الرصاص المطاطي على المتظاهرين.
وفي تغريدة الأحد، أثنى وزير الداخلية على "المظاهرات المتحضرة" السبت، التي جرت بهدوء بعد أسبوع من تظاهرات شهدت صدامات. ولم توقف قوى الأمن سوى عشرة أشخاص.
وقال الوزير إن نتائج التحقيقات في أحداث السبت الماضي ستعلن الأربعاء.
وأعلن معظم السياسيين تضامنهم مع الحركة الموجهة ضدهم، دون أن يقدموا حلولا للمطالب المطروحة.
وكتبت: الزعيم الدرزي وزعيم الحرب السابق، وليد جنبلاط، على "تويتر": "تحرك الأمس خلافا لتحرك الأسبوع الماضي، عبر عن الأوجاع الحقيقية للمواطن اللبناني التي لا يملك أو لا يتجرأ حزب من الإجابة عليها، ناهيك عن معظم الطبقة السياسية".