تحلت صحيفة
مصرية بالجرأة، ونشرت صورة لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، مع المتهم بالوساطة في تسهيل الرشوة، بالقضية المعروفة إعلاميا بـ"قضية
الفساد الكبرى"، محمد فودة، الأمر الذي أثار جدلا حول الصورة، لا سيما أن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كانوا قد سبقوا ونشروا الصورة ذاتها.
وأبدى نشطاء وصحفيون انزعاجهم مما لاحظوه على الصورة، ما اعتبروه "حفاوة وحميمية" بادية في اللقاء بين السيسي وفودة.
وكان التساؤل الرئيس على ألسنة الجميع هو: كيف لمدير المخابرات الحربية، ثم وزير الدفاع، ألا يعرف أن هذا الشخص فاسد؟!
صحيفة "النبأ" المصرية المتداولة يوم الخميس لمزت السيسي، ونشرت تقريرا بعنوان "13 صورة للسمسار النصاب مع كبار القوم"، بدأته بصورة السيسي، وهو يصافح فودة، بحرارة، وبكلتا يديه، إذ إنه يصافحه باليمنى، ويربت بيسراه على يمناه أيضا، فيما يبدو المتحدث الإعلامي السابق باسم القوات المسلحة، العميد أحمد علي، وإحدى القيادات الكبرى في الجيش، ما يشي بأن الصورة للسيسي قبل وصوله إلى سدة الرئاسة.
وبجانب صورة السيسي وفودة، نشرت الصحيفة صورا لفودة مع ستة وزراء حاليين في حكومة إبراهيم محلب، هم: وزير الصحة عادل العدوي، ووزير النقل هاني ضاحي، ووزير الأوقاف مختار جمعة، ووزير التنمية المحلية عادل لبيب، ووزير البترول شريف إسماعيل، ووزير الري حسام مغازي.
وما أثار الاندهاش في صورة لقاء السيسي وفودة، أن فودة كان معروفا للمصريين جميعا بأنه بطل قضية فساد "كبرى" مع محافظ الجيزة الأسبق، ماهر الجندي، الذى كان قد أهدى مبارك قبلها بأيام نسخة من المصحف أثناء زيارته لأحد المعارض، بينما كان شريكه في القضية هو نفسه محمد فودة شريك وزير الزراعة السابق في القضية الجديدة.
وعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حازم حسني: على الأمر بالقول: "صدفة غريبة عن محمد فودة المتهم في قضية فساد وزارة الزراعة بالتوسط في جريمة الرشوة".
وأضاف في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لأنهم حولوا المصريين لشعب بلا ذاكرة، وبلا تفكير، فقد هلل المصريون وراء عربية الرش التي تسمى بمحاربة الفساد.. تناسى الإعلام، ونسي المصريون، أنهم استيقظوا ذات يوم على قضية فساد تكاد تكون نسخة بالكربون من قضية الفساد المتهم فيها وزير الزراعة المقال"، وفق وصفه.
واستدرك: "دعونا من هذه الصدفة التي هي خير من ألف ميعاد"، ودعونا نتساءل: "هل كان القبض على المستشار ماهر الجندي قديما دليلا على أن نظام مبارك كان يحارب الفساد، ولا يتستر عليه؟ (وذلك في تلميح إلى تصوير الإعلام المصري للسيسي لدى الكشف عن القضية، على أنه محارب ضد الفساد).
من هو المتهم الرئيس محمد فودة؟
ومحمد فودة، صاحب أكبر قضية فساد، وحاصل على دبلوم صنايع، وعمل سكرتيرا لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، في منتصف التسعينيات، بناء على تزكية من محافظ الجيزة الأسبق ماهر الجندي، الذي أحضره معه من مدينة زفتي في الغربية، وانحصرت كل مهامه حينها في ترتيب اللقاءات الإعلامية والصحفية مع وزير الثقافة.
وقد ألقي القبض على فودة والجندي، وعدد من رجال الأعمال عام 1997م، بتهم تسهيل بيع أراض خاضعة لمصلحة الآثار التابعة لوزارة الثقافة لرجال أعمال مقابل رشاوى مالية كبيرة.
ونشرت الصحف وقتها تفاصيل التحقيقات والمكالمات التي جرت وتسجيلات بالرشاوى التي دفعت وحصل عليها مسؤولون كبار، وبعد جلسات عدة قضت محكمة جنايات الجيزة بمعاقبته بالسجن خمس سنوات، وتغريمه ثلاثة ملايين و167 ألف جنيه، وإلزامه وزوجته، رانيا طلعت السيد، برد مبلغ مماثل إلى خزينة الدولة.
وقد خرج فودة من السجن، واختفى عن الأضواء فترة طويلة، ثم ظهر بعد 25 كانون الثاني/ يناير 2011 بصحبة رئيس تحرير إحدى الصحف المستقلة الشهيرة، وأصبحت تلك الصحيفة تتبناه وتنشر أخباره ومقالاته، وبات واحدا من أثرياء مصر، دون أن يعرف أحد سر ثروته؟ ومن أين أتى بها؟
ثم تزوج من الممثلة غادة عبد الرازق، وتم الطلاق بعد شهور من الزواج، عقب تداول أخبار عن ضبطها له في وضع مخل بالآداب.
وتحت عنوان "دولة فودة العميقة"، كتب الصحفي محمود المملوك، على صفحته بموقع "فيسبوك"، قائلا: "عمل فودة مستشارا إعلاميا لرجل الأعمال أيمن رفعت الجميل، المتهم بتقديم الرشوة ومحتكر ميناء دمياط، كما أنه عمل مستشارا إعلاميا لغرفة صناعة الإعلام التي يرأسها رجل الأعمال محمد الأمين، وأيضا مستشارا إعلاميا لمجموعة قنوات cbc".
وتابع: "يرأس فودة شركة future media الوكيل الإعلاني لـcbc، وجريدة الوطن، التي هاجمت فودة بالفساد بعد القبض عليه برغم أنها كانت تمجد فيه قبل ضبطه، كما أنه يعمل مستشارا إعلاميا لشركة الإنتاج الفني التي أسسها محمد الأمين، وأنتجت مسلسلات زوجته السابقة الممثلة غادة عبد الرازق".
واستطرد بأن فودة يعمل أيضا مستشارا إعلاميا لتجربة مجدي الجلاد الجديدة (التي تواجه مشكلات في الترخيص حتى الآن)، كما أنه عمل مستشارا إعلاميا لرجل الأعمال محمد كرار، صاحب مجموعة "كمبنسكي"، ممول تجربة الجلاد الجديدة.
واختتم "المملوك" كلامه قائلا: "الشاهد في القضية أن فودة سوف يخرج منها (إذا استمر وضعه القانوني فيها كما يقال في التحقيقات)، وسيعود ليكون دولة عميقة مرة أخرى.. الأزمة ليست في فودة.. الأزمة تخصنا نحن".
وكان القائم بأعمال النائب العام، المستشار علي عمران، أمر الاثنين، بحبس وزير الزراعة المستقيل، صلاح الدين هلال، ومدير مكتبه محيي الدين محمد سعيد، ورجل الأعمال أيمن محمد رفعت الجميل، و"فودة"، على ذمة التحقيقات في قضية الفساد المذكورة.