اقتحمت عناصر خاصة من قوات
الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، المسجد الأقصى المبارك، واشتبكت مع المصلين المعتكفين فيه، خلال محاولتها إخراجهم من المسجد وتفريغه، في الوقت الذي منعت فيه النساء والفتيات والطالبات من كل الأجيال والرجال ممن تقل أعمارهم عن 45 عاما من الدخول إليه.
وبذلك يكون الـ13 من شهر أيلول/سبتمبر يوما غير عادي، حيث كرست فيه الحكومة الإسرائيلية
التقسيم الزماني للمسجد الأقصى المبارك برأي من قابلتهم "
عربي21".
وبحسب مصادر طبية وإعلامية متطابقة، أصيب 110 فلسطينيا خلال
اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى.
وقال أحد حراس المسجد الأقصى مهند إدريس لـ"
عربي21" إن "قوات كبيرة من قوات الاحتلال اقتحمت صباح اليوم المسجد الأقصى المبارك، وهاجمت المصلين بوابل من القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، كما اعتلوا سطح المسجد الأقصى، وقاموا بإلقاء عشرات قنابل الصوت والغاز على المصلين والمتواجدين داخل المسجد الأقصى".
وأشار إدريس إلى أن تلك الخطوة ما هي "إلا مقدمة لما هو متوقع أن يحدث كل يوم خلال الفترة القادمة في المسجد الأقصى من عربدة إسرائيلية على المرابطين هناك".
وتابع إدريس أن "قوات الاحتلال اقتحمت المسجد الأقصى عبر باب السلسلة والمغاربة، وهاجمت المصلين في المسجد بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية ما خلف عددا من الإصابات نتيجة المواجهات التي دارت في ساحات المسجد".
واعتدت قوات الاحتلال على حراس الأقصى، بالضرب بالهراوات والدفع وأصيب ثلاثة منهم برضوض وبشظايا القنابل الصوتية.
وأضاف المتحدث، أن "عددا كبيرا من المواطنين المعتكفين في المسجد الأقصى هرعوا إلى منع اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى، إلا أن كثافة النيران التي أطلقتها حدت من ذلك".
وذكر شهود عيان، أن قوات الاحتلال خلفت دمارا في المسجد القبلي، حيث تعمدت تخريب وتحطيم النوافذ الزجاجية والكراسي، وخلع الحواجز الحديدية.
أبعاد خطيرة
ومنذ صباح الأحد، منع الاحتلال جميع المسلمين من دخول المسجد الأقصى، فيما اقتحم المسجد مجموعات من المستوطنين عبر باب المغاربة، ومن بينهم وزير الزراعة الإسرائيلي "أوري آرئيل"، تلبية لدعوات "جماعات الهيكل المزعوم".
ومنعت قوات الاحتلال، المسلمين من الدخول لأداء صلاة الفجر، وتمكن كبار السن من الرجال فقط من الدخول، وبعد انتهاء الصلاة بدقائق وأثناء خروج المصلين قامت القوات باقتحام الأقصى، وهاجمت المصلين بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، كما قامت بإغلاق المسجد القبلي واعتلت سطحه وحاصرت الشبان المعتكفين داخله واعتدت عليهم بغاز الفلفل والأعيرة والقنابل الصوتية، وخلال ذلك قامت فرق من قوات الاحتلال الخاصة بإخلاء ساحات المسجد جميعها.
وقال المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، إن هناك أبعادا خطيرة في عملية الاقتحام والتطور في عملية الاقتحام، خصوصا بعد أن كشفت صحيفة "هارتس" أن هناك مخططا للحكومة الإسرائيلية بفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى قبل نهاية العام".
وأضاف عبيدات في حديث خاص لـ"
عربي21"، أن المجموعات الاستيطانية والاقتحامات للأقصى، تريد خلق وقائع جديدة من خلال تمديد عملية منع المصليين والمصليات والمرابطين والمرابطات من الدخول إلى المسجد الأقصى في الفترة الصباحية، وزيادة المدة الزمنية في عملية المنع، تضاف إلى حدة المستوطنين المتطرفين من أجل أداء صلواتهم الطقوسية في ساحات المسجد الأقصى.
ونوه عبيدات أنه تجري هناك عمليات سيطرة على المساحات الفارغة من الساحات الواقعة بين المصلى القبلي وحائط البراق من أجل إقامة الصلوات التلمودية في تلك المنطقة.
وقال المتحدث: "تم صدور قرارات بحبس المرابطين والمرابطات، وحرق أي منظمة أو جمعية خارج عن القانون، بالإضافة إلى وضع قواعد وقوانين للأوضاع التي تسير بالمسجد الأقصى ووضع أسماء المرابطين والمرابطات التي يسمح لهم بالدخول فقط".
وتابع الإعلامي
الفلسطيني،أن" كل هذه الإجراءات والممارسات في عمليات الحفر في المسجد الأقصى وحظر المرابطات والمرابطين من دخول المسجد يدل على سيطرة إسرائيلية كاملة عبر عملية التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى".
ويرى الصحفي المقدسي، أن خطورة الاقتحامات هي خلق أمر واقع بمعنى تطويع العقل الفلسطيني والعربي على قبول ما يجري من فرض حقائق جديدة، مثل محاصرة الحرم الإبراهيمي الشريف، بمعنى أن تصبح عملية التقسيم عملية مفروضة على أرض الواقع، بالتالي بموجب التقسيم يصبح للمستوطن الحق في إقامة صلواته دون ممانعة.
سياسة ممنهجة
واعتبر المختص بالشؤون الإسرائيلية محمد أبو علان أن ما يحدث في المسجد الأقصى هو سياسة إسرائيلية ثابتة في إطار التهويد وليست حالة جديدة، ولكن تزداد حدة الممارسات اليهودية ضد المسجد الأقصى في فترة الأعياد اليهودية، وهم الآن على أبواب رأس السنة العبرية.
ونوه أبو علان في تصريح لـ"
عربي21" أن الحكومة الإسرائيلية "تريد الحد قدر الإمكان من دخول الفلسطينيين للمكان، وترسيخ فكرة أن السيادة إسرائيلية على المكان، وهذه التوجهات عززت بالأمر الصادر عن وزير الحرب الإسرائيلي الذي اعتبر جمعيات المرابطون والمرابطات جمعيات خارجة عن القانون لمنعهم من التصدي لاقتحامات المستوطنين".
وأضاف المتحدث "إعلام الاحتلال الإسرائيلي، بعد اقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى، والتي آخرها كان صباح اليوم، يبدأ بترويج الشائعات لتبرير جرائمه بحق المسجد الأقصى وبحق المصلين".
فرصة لتقسيم الأقصى
أما المحلل السياسي خالد معالي، فقال إن اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى يأتي في سياق المحاولات المحمومة من قبل "نتنياهو" لتقسيم المسجد الأقصى الزماني والمكاني.
وأضاف معالي في حديث لـ"
عربي21"، أن هذه فترة ذهبية لحكومة الاحتلال "استغلال هذه الفترة الذهبية لانشغال العرب بحروبهم الداخلية وفتنهم، والانقسام الفلسطيني، وهو ما يشكل فرصة لا تعوض لنتنياهو كي يستولي على الأقصى ويقسمه، ويفرض وقائع على الأرض فيه بقوة السلاح ليرضى المستوطنين والمتطرفين لديه، وليحقق ما يعتبره انجاز بالخطوة الأولى في طريق هدم المسجد الأقصى، لاحقا لبناء الهيكل المزعوم".