ما زال الذعر يسكن قلب الفتى غانيتا مودا، بعد الحادث المروع الذي تعرضت له عائلته حين هاجمتهم مجموعة من سكان قريتهم بالسكاكين وأجهزت على معظمهم، في واحدة من
الجرائم المتكررة في أرياف
الهند بداعي "القضاء على
السحرة".
ويروي هذا الشاب البالغ من العمر 17 عاما، لمراسل وكالة فرانس برس ما جرى في تلك الليلة المرعبة قبل أشهر، ويقول: "ما زلت لا أفهم كيف نجوت".. فقد قتل والداه وأربعة من أشقائه بالسكاكين، في هجوم شنه سكان من القرية اتهموا والدته بأنها مشعوذة.
ويقول: "اتهموها بأنها سحرت أطفالا صغارا أصيبوا بأمراض".
ويقيم غانيتا حاليا لدى منظمة غير حكومية تعتني به، وهو ما زال يعالج من ضربات السكاكين التي تلقاها في بطنه.
ففي المناطق الريفية من الهند، ما زالت الخرافات متجذرة في العقول، ويتعرض أشخاص للقتل لاشتباه السكان بهم بأنهم مسؤولون عن إصابة أحد ما بالضرر بواسطة السحر.
وتوجه انتقادات إلى السلطات بأنها لا تتحرك كما ينبغي، لوقف هذه الجرائم ذات الدوافع الخرافية.
ففي العام 2014 سجلت 160 جريمة قتل في 13 ولاية هندية، منها 32 جريمة في أوريسا.
ومنذ العام 2000 أودت هذه الجرائم بحياة ألفي شخص. وفي آب/ أغسطس الماضي، أثار سحل خمس نساء وقتلهن ضربا في ولاية جاركند، اهتمام الصحافة العالمية.
وقد أوقفت السلطات 27 شخصا من المتورطين في هذه الجرائم التي أطلقها شخص يزعم أنه طبيب، اتهم نساء بأنهن ساحرات ألقين الشعوذات على عدد من السكان فتسببن في وفاتهم.
ويغذي انتشار هذه الظاهرة الاعتقاد الواسع الانتشار في مناطق الريف، بأن كل مرض أو خسارة في الزراعة أو نفوق حيوان هي أضرار تسببها أعمال السحر الأسود، بحسب ما يشرح بيجاي كومار شارما قائد شرطة أتوريسا لوكالة فرانس برس.
وأقرت ولايات هندية عدة قوانين لمكافحة هذه الجرائم، لكن الخبراء يعتقدون أنها غير كافية، وأنه ينبغي تثقيف السكان وتحصينهم ضد الوقوع في الاعتقاد بالشعوذات.
ويقول ساشابيرافا بندهاني، وهو ناشط حقوقي مقيم في بهوبانيشوار، عاصمة أوريسا: "الجهل في مسائل الصحة والقضاء والزراعة وتربية المواشي هو أصل هذه المشكلة".
فسكان هذه المناطق النائية لا يحظون بخدمات عامة، ولا عيادات طبية، ولذا فإنهم يلجأون إلى المعالجين التقليديين، حيث يختلط الطب الشعبي بالشعوذات والسحر الأسود. وإذا كان القضاء على
السحرة هو الدافع الأساسي في هذه الجرائم، فإنها لا تخلو من أسباب خفية أخرى تُقنّع بقناع صيد المشعوذين.
والبعض يتهمون نساء من أقاربهم زورا بأنهن ساحرات، بغية قتلهن والحصول على ميراثهن من الأراضي، دون مساءلة.
يقول غانيتا، إن الساعات الأربع التي أمضاها مع شقيقه في الغابة وهو يسمع نداءات الاستغاثة من عائلته بعدما فر من المجزرة، كانت الأطول في حياته.
في اليوم التالي، مر به أحد السكان، واصطحبه إلى مركز الشرطة التي أوقفت عشرة متهمين. لكن غانيتا لا يرغب في العودة مجددا إلى قريته.. بل إنه ينتظر أن يبلغ الثمانية عشر عاما ليرحل مع شقيقه الوحيد الناجي معه إلى مكان بعيد.