لا يزال قيام السلطات
المصرية بإغراق الشريط
الحدودي مع قطاع
غزة، بدعوى تدمير الأنفاق، وحماية الأمن القومي؛ يثير انتقادات واسعة في مصر، على الصعيدين السياسي والحقوقي.
ويُعد مشروع إغراق الشريط الحدودي مع قطاع غزة قديم جدا، بحسب رئيس منتدى الحوار الاستراتيجي، اللواء عادل سليمان، الذي أشار إلى أن هذا المشروع "تم طرحه في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل
شارون".
وأضاف لـ"
عربي21": "منذ قرر شارون الانسحاب من قطاع غزة في عام 2005؛ يتم تجريب أفكار كثيرة بشأن التعامل مع هذا الشريط الحدودي الصغير".
ووصف الأنفاق بأنها "عمل غير مشروع على حدود دولة كاملة السيادة"، مؤكدا أن معاناة سكان غزة "ليست بسبب تدمير الأنفاق، وإنما بسبب قلة التسهيلات على معبر رفح الحدودي، التي من شأن تيسيرها القضاء على الأنفاق تلقائيا"، على حد قوله.
وبشأن الأضرار البيئية والاقتصادية التي تسببها
المياه المالحة التي يتم ضخها على الشريط الحدودي؛ قال سليمان: "إذا كانت تلك المياه ستضر بالحياة البيئية والزراعية على الجانب الآخر؛ فيجب أن يعاد النظر فيها بالتنسيق مع الطرف المتضرر، حتى لا تتسبب في نتائج وخيمة على المواطن العادي، والبحث عن وسيلة أخرى".
مشروع "شاروني"
بدوره؛ قال مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، إن ما يحدث على الشريط الحدودي مع قطاع غزة "خطوة غير مسبوقة في تاريخ البلدان العربية، وتطبيق لمشروع شاروني بغيض".
وتوقع أن يستمر نظام الانقلاب في مصر بالتصعيد تجاه قطاع غزة، معللا ذلك بأنه "يسعى لاستفزاز الشعب الفلسطيني؛ ليقوم بأي رد فعل يسوغ قيام السلطات المصرية بعمل عسكري لصالح
الكيان الصهيوني ضد القطاع".
وأضاف يسري لـ"
عربي21" أن "إغراق الشريط الحدودي بمياه البحر المتوسط جريمة دولية، وتتعارض مع مبادئ الإنسانية"، مطالبا بأن "يسري على منفذ رفح؛ ما يسري على منافذ الجمهورية، وهو ما أثبتّه بالقانون في وقت سابق"، كما قال.
وتابع: "هذه المنافذ خاضعة لقوانين، ولا يحق للحكومة أو الرئاسة إلغاؤها، وإنما بمقدورها تعليقها لفترة محددة، مرتبطة باعتبارات تتعلق بالأمن القومي، ولا يوجد في الوقت الحالي ما يبرر ذلك".
الخطر الحقيقي
من جهته؛ قرن الناشط الحقوقي، محمد أبو هريرة، ممارسات نظام الانقلاب في مصر، مع انتهاكات الكيان الصهيوني، واصفا إياها بأنها "ترقى إلى جرائم الإبادة".
وقال لـ"
عربي21" إن نظام عبدالفتاح
السيسي "تجاوز كل الخطوط الحمراء في التعامل مع حصار قطاع غزة، وليس من حقه إغراق الأراضي الفلسطينية بالمياه المالحة، حتى لو اعتبرنا أن من حقه تدمير الأنفاق".
وشدد على أن الخطر الذي يهدد الأمن القومي المصري "ليست الأنفاق الصغيرة التي تستخدم لتمرير بضائع ومواد غذائية للمحاصرين بالداخل، وإنما هو السلاح النووي الذي يمتلكه الكيان الصهيوني".
ورأى أن سقوط قطاع غزة يشكل "خطرا حقيقيا على الأمن القومي المصري؛ لأنه خط الدفاع الأول عن مصر ضد أطماع الاحتلال الإسرائيلي"، متسائلا: "لمصلحة من يتم إغراق
المنطقة الحدودية مع القطاع؟".
وأضاف أنه بالرغم من كل عيوب الرئيس المخلوع حسني مبارك؛ فإنه "لم يتعامل مع هذا الملف بهذه الاستراتيجية التدميرية، وسمح باجتياز آلاف الفلسطينيين الحدود مع مصر عام 2008، في حادثة لو تكررت اليوم؛ لأبادهم النظام القائم عن بكرة أبيهم".
مؤامرة "سيسية"
أما المنسق العام لحركة "قوميون وناصريون ضد المؤامرة"، سيد أمين؛ فقال إن "هذه الخطوة تهدف للقضاء على غزة نفسها، وليس على الأنفاق"، مؤكدا أن "ضخ كميات كبيرة من المياه بدون حساب باتجاه الأراضي الفلسطينية؛ يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، وإخلاء قطاع غزة منهم".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذه مؤامرة ينفذها السيسي لصالح الكيان الصهيوني"، مشيرا إلى أنها "تزيد من معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون على المياه الجوفية، في المكان الوحيد المحاصر في العالم".
وقالت المنسقة العامة للتحالف الثوري لنساء مصر، منال خضر، إن عواقب ما يجري على الحدود مع غزة؛ ستكون كارثية على الأمن القومي المصري في المدى البعيد.
وأضافت لـ"
عربي21" أن "هذه خطوة إجرامية من جانب قائد الانقلاب العسكري؛ لحفظ أمن اليهود، والتقرب إليهم، ورد الجميل، والقضاء على المقاومة الإسلامية في قطاع غزة"، مؤكدة أن ما يحلم به السيسي "لن يتحقق".
واعتبرت أن المقاومة في غزة تقف سدا منيعا، يمنح الأمان للحدود المصرية الشرقية من مخطط اليهود القائم على مقولة "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، مضيفة أن "كل المؤامرات لن تكسر عزيمة المقاومة، بل ستزيدها إصرارا وإيمانا بقضيتها".