مع ازدياد أعداد
اللاجئين الذين قصدوا
أوروبا مؤخرا، وفي ظل تسهيل بعض الدول الأوروبية وصولهم إلى أراضيها، وخاصة ألمانيا، تزايدت أيضا أعداد من يحملون وثائق مزورة، ينتحلون بها صفة "لاجئ سوري"، ما دعا ناشطين إلى إطلاق حملات للتبليغ عنهم، لا سيما أنهم لا يحوزون على أماكن سكن السوريين في بلاد اللجوء، بل أيضا يقومون بأفعال تسيء لسمعة السوريين، بحسب نشطاء.
ومن بين هؤلاء الناشطين، كاثرينا ساتين، المختصة بشؤون اللاجئين والمهاجرين السوريين، وهي تقوم من الدنمارك على إحدى هذه الحملات، حيث أنشأت صفحة خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم "حملة التبليغ عن السوريين المزيفين".
وتقول ساتين لـ"عربي21": "لقد وصلت إلينا عدة تبليغات مرفقة بالصور والوثائق، عن لاجئين غير سوريين انتحلوا صفة لاجئ سوري لدخول دول أوروبا وتقديم طلب اللجوء لديها، ومنهم من جنسيات أردنية، ولبنانية، وحتى أفغانية، وغيرها، ما دعانا إلى إطلاق هذه الحملة التي لاقت تفاعلا كبيرا".
وترى ساتين أنه من الممكن أن يكون هؤلاء قد تمكنوا من انتحال صفة لاجئ سوري، بعد أن حصلوا على جوازات سفر ووثائق مزورة تحمل صورهم، حيث بات من السهل الحصول عليها، وخاصة في تركيا، وبأسعار قد تصل لأقل من 1500 دولار لجواز السفر الواحد".
وتبين ساتين أن الصور التي وصلت إلى الحملة ترصد لاجئين في ألمانيا والسويد والدانمارك، وغيرها، وقد تم قبول طلبات لجوء بعضهم، فيما تدرس طلبات لجوء آخرين، بحسب المعلومات التي تم رصدها من لاجئين سوريين موجودين في أماكن الإقامة ذاتها لهؤلاء المزيفين، وأنه سيتم التواصل مع السلطات المعنية في الدول الموجودين فيها للإبلاغ عنهم".
من جهة أخرى، فقد أطلقت حملات مماثلة للتبليغ وفضح متهمين بارتكاب جرائم خلال مشاركتهم في القتال إلى جانب قوات النظام السوري، أو مع مليشيا الحشد الشعبي الشيعية في العراق، أو إلى جانب تنظيم الدولة، بعدما وصلوا إلى دول أوروبية، وقبل بعضهم كلاجئين، ومنهم أيضا ممن انتحلوا صفة اللاجئ السوري، فيما آخرون من هم من السوريين بالأصل.
وبرزت عدة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، منها حملة "مجرمو الحرب اللاجئون" و"يوميات مجرم في أوروبا"، و"حملة التبليغ عن منتحلي الجنسية السورية في السويد". وقد نشرت هذه الصفحات صورا لهؤلاء "المجرمين" في أثناء مشاركتهم في القتال، وأخرى في أثناء وجودهم في إحدى الدول الأوروبية، وكذلك محادثات بين الناشطين الذين كشفوهم وبين هؤلاء "المجرمين" الذين سارعوا بإغلاق صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأبرز الصور تلك التي ظهر فيها أحد عناصر مليشيات الدفاع الوطني التي تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري، ليث أيمن منشدي، الذي تظهر صور له و هو يقف بين جثث، قيل إنها لمقاتلين سوريين، فيما يظهر في صور أخرى في إحدى بلدان اللجوء، وهو موجود بإحدى معسكرات اللجوء في ألمانيا، وقد تم الإبلاغ عنه.
وانتشرت صورة أخرى لأحد عناصر حزب الله العراقي، يعرف باسم سجاد البهادلي، وشارك في القتال إلى جانب قوات شيعية في تكريت وغيرها في العراق. وكانت وسائل إعلام قد تعاطفت معه بعد انتشار صورة له وهو يبكي، مع طفله، عند الأسلاك الشائكة على حدود المجر، ليتبين لاحقا أنه أحد "المجرمين" الهاربين من العراق.
وبدوره يؤكد الناشط السوري فراس الشاطر، المقيم في ألمانيا، توارد معلومات حول لاجئين من جنسيات مختلفة انتحلوا صفة لاجئ سوري، وأنه قام بتحذير أصدقائه من اللاجئين السوريين، ودعاهم للإبلاغ عنهم قبل نشر صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكي لا يأخذوا الحيطة، مؤكدا أن الحكومة الألمانية لا تتعامل سوى مع البلاغات الرسمية، التي يجب تقديمها لدى مراكز الشرطة والمراكز الأمنية في المدن والمقاطعات الألمانية.
ويلفت الشاطر، في حديث لـ"عربي21"، إلى أن الحكومة الألمانية لاحظت ذلك على ما يبدو، لذلك أعلنت عن قيامها بإجراءات جديدة، منها إخضاع أي لاجئ لاختبار اللغة واللهجة، وقد نشر ذلك على مواقع حكومية، منذ نحو يومين ولم يتبين حتى الآن كيفية إجراء هذا الاختبار.
وكانت السلطات الألمانية قد عملت على إغلاق حدودها، بعد تدفق نحو 62 ألف لاجئ في الفترة الممتدة منذ نهاية شهر آب / أغسطس الماضي وحتى منتصف أيلول / سبتمبر الجاري، وسمحت فقط للاجئين السوريين الذين يبرزون وثائق تثبت جنسيتهم بالدخول إلى أراضيها، إلا أن ذلك على ما يبدو لم يكن ناجعا، بسبب الحصول على وثائق مزورة، وسط عدم إمكانية التدقيق على أعداد كبيرة من اللاجئين الوافدين عبر حدودها مع النمسا، ما دعا لاتخاذ إجراءات أخرى.
يشار إلى أن إحصائية صدرت قبل أيام عن الاتحاد الأوروبي؛ تشير إلى أن 44 ألف لاجئ من أصل 213 ألفا وصلوا مؤخرا إلى دول الاتحاد الأوروبي، هم من السوريين، في حين نشرت الصحافة الغربية تقارير عن مراسليها حول وثائق تقول إنهم سوريون، وهو ما اعتبرته صحيفة الديلي ميل البريطانية" أنه يفضح "كذبة" أن غالبية اللاجئين يفرون من الحرب.