ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن شركات
المشروبات الغازية الكبرى دفعت ملايين الدولارات لخبراء تخسيس الوزن؛ لمواجهة المزاعم التي تربط الإفراط بتناول المشروبات الغازية بزيادة الوزن.
ويشير التقرير إلى أن شركة "
كوكا كولا" العملاقة قامت بدعم مركز بحثي ومبادرة لتشجيع تناول الطعام الصحي في بريطانيا؛ لدحض مزاعم علاقة "كوكا كولا" بانتشار
السمنة.
وكشف تحقيق موسع قامت به الصحيفة أن شركات المشروبات الغازية، التي تدعم الألعاب الأولمبية والفيفا وكأس العالم لرياضة الرغبي، أقامت صلات مع عدد من المراكز البحثية، بينهم مستشارون صحيون يعملون للحكومة البريطانية، قاموا بالتشكيك بوجود علاقة بين المشروبات الغازية، التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، والسمنة.
ويستدرك التقرير بأن الكثير من الباحثين العلميين يرى أن تناول السكر والمواد التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، هو السبب الرئيسي للسمنة، التي تقتل سنويا 53 ألف شخص في بريطانيا، وتكلف خدمات الصحة الوطنية 5.1 مليار جنيه إسترليني سنويا.
وتلفت الصحيفة إلى أن
دراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي، أشارت إلى أن افتقار المواد الغذائية للسعرات الحرارية والنشويات والبروتين، هو السبب وراء انتشار الكثير من الأمراض، بنسبة أكبر من تناول الكحول والتدخين والكسل.
ويوضح التقرير أنه كشف عن علاقة "كوكا كولا" بمراكز
البحث العلمي، بعد رفض الحكومة اقتراحا تقدمت به رئيسة الجمعية الطبية البريطانية ديم سالي ديفز، التي طالبت بوضع ضريبة على السكر.
وبحسب تحقيق الصحيفة، فقد أنفقت شركة "كوكا كولا" الملايين على إنشاء المركز الأوروبي الهيدراتي، الذي قدم نصائح للناس بتناول مشروبات رياضية وغازية، مثل تلك التي تقدمها الشركة. كما وقدم مدير مجلس استشاري حصلت جامعته على مليون جنيه إسترليني من "كوكا كولا" نصائح حول التغذية لمؤسسات رياضية معروفة. وقدمت "كوكا كولا" أموالا لمؤسسات رياضية بريطانية، مثل مؤسسة التغذية البريطانية يو كي أكتيف، وجامعة هيل ومستشفى هوميروتون الجامعي، والمنبر الوطني للسمنة وجمعية أمراض السكري وأسبوع السمنة وجمعية دراسة السمنة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن باحثين إسبانيين توصلوا في عام 2013، إلى أن أوراق البحث المقدمة عن المشروبات السكرية، التي مولتها جهات تعبر عن تضارب في المصلحة مع صناعة الأطعمة والمشروبات الغازية، بما فيها "كوكا كولا"، عادة لا تشير إلى علاقة بين السمنة والسكر أكثر بخمس درجات من الأوراق البحثية التي قدمها باحثون مستقلون. وقدم الباحثون توصية بـ"القيام بجهود إضافية لاستثناء الأطراف ذات المصالح المتضاربة".
وتنقل الصحيفة عن عضو مجلس الصحة العامة سايمون كابويل، قوله: "تحاول (كوكا كولا) التلاعب، ليس بالرأي العام، وإنما بالسياسة والقرارات السياسية، وتذكر أساليبها بتلك التي استخدمتها شركات صناعة السجائر والمشروبات الكحولية، التي حاولت التأثير على نتائج البحث العلمي، من خلال دعم أبحاث علمية مستقلة".
ويذكر التقرير أن شركة "كوكا كولا" أنفقت مبلغ 6.6 مليون يورو لإنشاء معهد في الفترة ما بين 2010 -2015. وتشير التعليمات للمعهد بأهمية تناول المشروبات الرياضية التي تبيعها شركات مثل "كوكا كولا". بالإضافة إلى أن اثنتين من أعضاء مجلس إدارة المعهد لا تشيران في صفحتيهما على وسائل التواصل الاجتماعي إلى شركة "كوكا كولا"، مع أن صفحة المعهد على الإنترنت تشير للشركة كونها أحد المؤسسين.
وتبين الصحيفة أن مدير المعهد الأوروبي رون موغان يعمل أستاذا في جامعة لفبرا، التي تلقت مبلغ 817.292 جنيها إسترلينيا منذ عام 2007 من شركة "كوكا كولا". وعمل موغان، الذي قدم النصيحة لجمعية كرة القدم ولجنة الرياضة، مستشارا لـ"كوكا كولا" وغيرها من شركات المشروبات الغازية منذ التسعينيات.
وينوه التقرير إلى أن الشركة التقت، من خلال نقابات التجارة، الحكومة البريطانية أكثر من مئة مرة في الفترة ما بين عام 2011 و 2014. وتنظم الشركة عشاء سنويا للبرلمانيين البريطانيين. وتنشر المنظمات التي تدعمها الشركة رسالة مفادها أن الحركة والنشاط الجسدي، هما الأهم أكثر من الحديث الدائم عن السمنة.
وتورد الصحيفة أن مدير "يو كي أكتيف" فريد تورك تحدث عام 2013 عن الإفراط في السمنة، مشيرا إلى البحث الذي أجراه ستيفن بلير، الذي تلقت جامعته دعما بقيمة ثلاثة ملايين دولار من "كوكا كولا"، وقال: "قد تكون سمينا ولائقا جسديا".
ويكشف التقرير عن أن الشركة قدمت أيضا دعما ماليا لمستشاري الحكومة العلميين، ومنهم عضو لجنة المعايير الغذائية في إسكتلندا كاري روكستون. وكتبت في عام 2010 دراسة مشتركة، دعمها مجلس السكر البريطاني، ووجدت أنه لا توجد علاقة بين ما ينتاوله الشخص من سكر والسمنة. وكتبت على موقعها على الإنترنت: "لم أعثر على العلاقة التي تربط بين السكر والسمنة".
وتنقل الصحيفة عن روكستون قولها إن مجلس السكر لم يتحكم بدراستها، وإنها قامت بالإشارة إلى "مظاهر قلق ممكنة" حول تناول المشروبات المسكرة ودورها في السمنة. وقالت إن نتائجها متساوقة مع معايير الحكومة السابقة، وإنها لم تتلق أموالا من شركة "كوكا كولا".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول أستاذ التغذية والطعام والصحة العامة في جامعة نيويورك ماريون نيستل: "بحسب رأيي، فإنه يجب ألا يقبل أي باحث علمي دعما ماليا من شركة (كوكا كولا)، فهو بذلك يتنازل عن نزاهته العلمية".