بعد أربعة أعوام من وقوع مذبحة
ماسبيرو، التي قتل وأصيب فيها عشرات المتظاهرين
الأقباط في
مصر على أيدي قوات
الجيش، تغير الحال وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين هي المتهمة الوحيدة بالوقوف وراء تلك الأحداث.
وأصر مؤيدون للانقلاب من رجال الكنيسة الأرثوذكسية والإعلامين والمسؤولين الحاليين والسابقين على تبرئة الجيش من قتل الأقباط في تلك اللية التي شاهد فيها المصريون على شاشات التلفزيون مدرعات الجيش وهي تدهس الأقباط وتقتل منهم الكثيرين.
وكانت المذبحة قد وقعت يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 عندما دعت حركات شبابية قبطية إلى تنظيم مسيرة نحو مبنى التلفزيون الحكومي احتجاجا على هدم كنيسة "مار جرجس" بمحافظة أسوان، وعندما وصلت المسيرة إلى منطقة ماسبيرو نشبت اشتباكات عنيفة بين آلاف المتظاهرين الأقباط وقوات الجيش ما أسفر عن مقتل 30 شخصا وإصابة العشرات من الجانبين.
مؤامرة إخوانية
وفي حين أجمع أهالي الضحايا على تحميل المجلس العسكري - الذي أدار البلاد في تلك الفترة - مسؤولية المذبحة، كان للبابا "تواضروس الثاني" بابا الأقباط رأي آخر، حيث اتهم الإخوان المسلمين بتدبير المذبحة.
وقال "تواضروس"، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، إن الإخوان خدعوا الشباب القبطي واستدرجوه إلى ماسبيرو لمواجهة قوات الجيش ثم تركوهم وانصرفوا.
أما أسامة هيكل، الذي كان وزيرا للإعلام وقت وقوع المذبحة، فأكد هو الآخر أن مذبحة ماسبيرو كانت مؤامرة إخوانية محكمة لإسقاط الدولة، وأضاف في لقاء تلفزيوني مع قناة "العاصمة" مساء الجمعة: "قوات الجيش لن تقتل أحدا ولم يكن معهم طلقة واحدة، وما حدث كان مؤامرة إخوانية بمساعدة جهات أجنبية لوضع الجيش في مواجهة الشعب".
وفي شهادتها على الأحداث قالت الإعلامية بثينة كامل، المؤيدة للانقلاب، إن سيدات منتقبات كن يحرضن الشعب في وسائل المواصلات على المسيحيين عبر إشاعة أن الأقباط يقتلون ضباط الجيش، وتابعت عبر "فيسبوك": "لما هربنا في مكتب قناة الحرة كان معانا أحد المسؤولين عن إدارة البلطجية ورنة هاتفه المحمول كانت رنة دينية"!.
وأحيا نشطاء أقباط الذكرى الرابعة لمذبحة ماسبيرو بإقامة قداس بكاتدرائية "الملاك ميخائيل"، التي تضم مدفنا لضحايا الأحداث يوم الجمعة، شارك فيه أسر ضحايا المذبحة وعدد من الشخصيات العامة.
"حاكموا طنطاوي"
من جهتها، أدانت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" عدم فتح تحقيق علني وشفاف في أحداث ماسبيرو على الرغم من مرور أربعة سنوات على تلك الأحداث التي وقعت.
وأضافت المنظمة الحقوقية، في بيان لها الجمعة تلقت "
عربي21" نسخة منه إن المسؤولين السياسيين والأمنيين، خاصة قيادات الشرطة العسكرية وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أفلتوا جميعا من المحاسبة على استخدام العنف وقتل المتظاهرين، بل إن كثيرا منهم تمت مكافأتهم بتولي مناصب عليا بالدولة.
وطالب "فادى يوسف" مؤسس "ائتلاف أقباط مصر" بإعادة فتح التحقيقات في الأحداث وتقديم الجناة للعدالة.
وطالبت "تنسيقية 9 أكتوبر" - التي تضم حركات ونشطاء أقباط - قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بتشكيل لجنة تحقيق في مذبحة ماسبيرو.
وأشارت التنسيقية، في بيان لها، حصلت "
عربي21" على نسخة منه، إلى أن هذه اللجنة يجب أن تكون ذات طبيعة خاصة لتستجوب المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن المذبحة الموجود منهم في موقعه ومن أحيل للتقاعد، مؤكدة أن الدولة بكل أجهزتها ما زالت تماطل في الحق وتكرّم القتلة المسؤولين عن إهدار الدماء الزكية وتطلق أبواقها الإعلامية سعيا لقتل الشهداء مرة أخرى.
وكانت محكمة عسكرية قد حكمت على ثلاثة من جنود الجيش بالسجن بين عامين وثلاثة بتهمة الإهمال والتسبب في قتل متظاهرين بدهسهم بمركبات الجيش بطريقة عشوائية، في حين أدانت محكمة الجنايات قبطيين اثنين بسرقة سلاح ناري تابع للقوات المسلحة قضت عليهما بالسجن ثلاث سنوات، وهو الأمر الذي يرفضه أهالي الضحايا والحقوقيون الذين يريدون محاكمة المسؤولين الكبار المتورطين في تلك المذبحة.
وفي هذا السياق، طالب المحامي الحقوقي "جمال عيد" بالتحقيق مع المشير "حسين طنطاوي" رئيس المجلس العسكري السابق لمسؤوليته عن المذبحة.
وأضاف "عيد" عبر "تويتر" قائلا: "نفق المشير طنطاوي، كوبري المشير طنطاوي، مسجد المشير طنطاوي، مذبحة ماسبيرو أيضا تمت في عهد المشير طنطاوي، والتحقيق فيها يجب أن يطال المشير طنطاوي".
أما المحامي الحقوقي "خالد علي" رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فعلق على ذكرى المذبحة بقوله إن قتل شباب ماسبيرو والجنود في سيناء وفض اعتصام رابعة وقتل عمالنا في ليبيا جميعها تعتبر مذابح إنسانية. وأضاف: "لا تبرر الدم، ولا تصنف الشهداء وفق هواك، وطالب بمحاكمة كل من شارك في وقوع هذه المذابح".