تبدو خيارات
المصريين في
الانتخابات البرلمانية الأسبوع المقبل، محدودة، في ظل غياب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي "لجماعة الإخوان المسلمين"، والأحزاب السياسية المتحالفة معه.
واتفق مرشحون للانتخابات، ومقاطعون لها، في حوارات مع "عربي21"، على أن الانتخابات شبه محسومة، وأنها ستأتي ببرلمان شكلي، وسط إقبال ضعيف لا يمثل شرائح الشعب المصري المختلفة والمتنوعة، ولن يفرز إلا برلمانا في "حب
السيسي"، في إشارة لقائمة "في حب مصر" التي تدعمها "جهات سيادية" في البلاد.
برلمان محسوم مقدما
وقال البرلماني السابق، والمرشح المستقل عن دائرة الدقي والعجوزة في القاهرة، طارق الملط، إن "الخيارات أمام المواطنين تبدو محصورة في مساحات ضيقة".
وأضاف الملط لـ"عربي21": "الانتخابات المقبلة تفتقر للتنوع الموجود في الشعب المصري، ولا تعكس الأطياف السياسية الموجودة بمرجعياتها وأيدولوجياتها المختلفة"، مشيرا إلى أن "التيار الإسلامي الذي يعد جزءا أصيلا من الحركة الوطنية في مصر، جزء كبير منه مغيب"، في إشارة إلى "جماعة الإخوان المسلمين".
ورأى أن الإشكالية الأكبر في تلك الانتخابات هي "مناخ الكراهية والتحريض، سواء من لا يعترف بهذا النظام، أو من اعترف به، وقبل المشاركة فيه على أمل خلق حياة ديمقراطية سليمة".
وأكد "الملط أن التخوف الآن هو "ألا تكون هناك حياة سياسية، وفقدان الثقة في الأحزاب والعمل السياسي، في ظل عدم قبول أي كفاءات بعيدة عن العصبية القبلية والمالية، واتجاه واضح لاختيار من يطبل للنظام"، بحسب تعبيره.
برلمان في حب السيسي
بدوره، أكد الناشط السياسي، والمرشح المنسحب من قائمة "في حب مصر" المدعومة من النظام، حازم عبد العظيم، أن "البرلمان القادم لا يعبر عن انتقال ديمقراطي حقيقي في مصر"، وفق تقديره.
وقال لـ"عربي21": "عدنا إلى انتخابات عصر مبارك 2010 بثوب مختلف"، مضيفا: "لا يوجد مناخ سياسي يتقبل المعارضة".
وأوضح عبد العظيم أنه انسحب من قائمة "في حب مصر"؛ "لأنها كانت في اتجاه تأييد مطلق للرئيس"، بحسب قوله.
واستهجن عبد العظيم ما أسماه "التدخل السافر للجهات الأمنية في العملية الانتخابية بشكل يفوق ما كان يحدث إبان حكم مبارك"، والعودة إلى ما وصفه بـ"المربع صفر".
وأعرب عن اعتقاده بأن ينعكس كل ذلك بالسلب على عدد المشاركين في الانتخابات، وقال: "المشاركة ستكون دون المستوى، ولن تحقق ما يصبو إليه النظام. فالناس تشعر أنه برلمان في حب الرئيس، وأن صوتها لن يحدث أي فارق".
عزوف الناخبين
أما أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، محمد سودان، فقلل من شأن تلك الانتخابات، ووصفها بـ"العملية غير الشرعبة"، وأنها "لن تحظى بتمثيل شعبي يرضى عنه النظام".
وقال لـ"عربي21": "نحن، حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، لن نشارك في أي انتخابات ينظمها النظام الانقلابي، ولن نعترف بها"، مشددا على أن "أعضاء البرلمان المقبل فاقدين للشرعية، وعضويتهم باطلة"، وفق قوله.
وأضاف: "لا ندعو الآخرين للمقاطعة، ولا نملك الضغط عليهم، ولكن دعني أقول إن ما رأيناه في انتخابات الرئاسة الماضية، كان هزلا قضى على الحياة السياسية برمتها".
ورأى سودان أن عبد الفتاح السيسي "يجري تلك الانتخابات على مضض، استجابة لمطالب الغرب؛ بإضفاء نوع من الشرعية على نظامه، وعدم إحراجهم في استمرار التأييد له"، وفق تقديره.
وقال إن "مجلس النواب المقبل صنع على عين العسكر، وسيعمل على التصفيق للنظام، وتنفيذ ما يملى عليه، وتمرير القوانين والتشريعات الفاسدة والجائرة"، مؤكدا على أنه "لن يمثل الشعب، ولن يعمل لصالحه".
خيار المقاطعة
من جهته، أكد المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، أن الخيار الأمثل أمام المواطنين هو "مقاطعة انتخابات مجلس النواب؛ لأن النظام لا يحترم إرادة الناخبين في الأساس".
وأضاف أبو زيد لـ"عربي21" أن "ما يجري عبث لا يجوز المشاركة فيه، فالنظام الحاكم أتى على غير إرادة الشعب في الأصل، والمجلس المنبثق عنه أشبه بمجالس التعيين، يعلي من مصلحة النائب والنظام على حساب الشعب"، وفق تعبيره.
ولفت إلى وجود "حالة تشويش لدى الناس، بسبب التناغم بين أعضاء الحزب الوطني المنحل، والأحزاب المشاركة في العملية السياسية"، مشيرا إلى أن الهدف منه "تقاسم المصالح، وحسابات تلك الأحزاب لا علاقة لها بالناخب".
وأوضح أبو زيد أن "الانقلاب العسكري لم يترك مجالا أو متنفسا لأي عمل سياسي شرعي"، وأن "المواطنين ليس أمام أي خيارات حقيقية ومنطقية، أو طبيعية. والمجلس القادم ما هو إلا نوع من الشكليات، واستكمال المظهر الخارجي"، وفق تقديره.