قال رئيس هيئة السوق المالية
السعودية، إن الهيئة منفتحة على تخفيف قواعد
الاستثمار الأجنبي المباشر في سوق الأسهم لمساعدة بورصة المملكة على الانضمام للمؤشرات العالمية.
وفي أول مقابلة له مع وسيلة إعلام عالمية منذ توليه منصبه في كانون الثاني/ يناير، أكد محمد الجدعان أنه ليس هناك أي قلق بشأن ضعف قيم التداول من قبل المستثمرين الأجانب الذين يعرفون باسم المؤسسات الأجنبية المؤهلة.
وقال الجدعان إن الهيئة بدأت تلمس بالفعل التأثير الإيجابي لدخول المستثمرين الأجانب للمرة الأولى إلى سوق الأسهم البالغة قيمتها 470 مليار دولار.
وكان قرار هيئة السوق المالية بفتح البورصة السعودية "تداول" للاستثمار المباشر من قبل المستثمرين الأجانب في 15 حزيران/ يونيو الماضي خطوة هامة ضمن الإصلاحات الاقتصادية في المملكة، كما أنه كان أحد أبرز التطورات في الأسواق الناشئة.
لكن الحدث لم يشهد دويا كبيرا مثلما توقع خبراء واقتصاديون في ظل القيود التي وضعتها الهيئة على الحد الأقصى لملكية الأجانب لأسهم الشركات واشتراطها قواعد مشددة للحصول على تراخيص الاستثمار الأجنبي المباشر، من بينها أن تبلغ قيمة الأصول التي تديرها المؤسسات المؤهلة خمسة مليارات دولار وأن تكون المؤسسات لديها خبرة استثمارية لا تقل عن خمس سنوات.
وأثارت تلك القيود حفيظة شركات
المؤشرات مثل "أم أس سي آي" و"فايننشال تايمز" التي تتعقب مؤشراتها تريليونات الدولارات من ثروات المؤسسات العالمية، ما يعني أنه سيتعين على المملكة تعديل هذه القواعد في حال رغبت للانضمام للمؤشرات.
وقال الجدعان خلال مقابلة مع "رويترز" في مكتبه بمقر الهيئة في الرياض، إن "أحد أهدافنا هو التأكد من الانضمام للمؤشرات العالمية، وحتما سندرس بطريقة حكيمة السبل لضمان إقناعهم بأن السوق جاهزة للانضمام لمؤشراتهم".
وأضاف: "سنفعل كل ما هو مطلوب من وجهة النظر التنظيمية لنكون جاهزين".
ومن شأن انضمام السعودية للمؤشرات العالمية أن يرفع حجم الأموال الداخلة للمملكة بشكل كبير، ويقدر البعض أن تتجاوز تلك المبالغ 50 مليار دولار.
وهذا المبلغ لا يقارن مع حجم السيولة الحالية التي ضختها 11 مؤسسة أجنبية قال الجدعان إنها حصلت على تراخيص الاستثمار المباشر من الهيئة.
وبحسب بيانات البورصة السعودية، فقد بلغت قيمة ملكية المؤسسات الأجنبية المؤهلة 845.9 مليون ريال (225.7 مليون دولار) حتى 15 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو ما يعادل 0.05 بالمئة من قيمة السوق.
وشدد الجدعان على أن انخفاض قيم التداول من قبل المستثمرين الأجانب أمر لا يدعو للقلق وقال، إن "السيولة لم تكن أحد الأهداف الرئيسة لفتح السوق... أوضحنا ذلك مرارا قبل 15 يونيو".
وتابع بأن "السوق كبيرة بالدرجة الكافية وستنمو في السنوات المقبلة وستكون قادرة على استيعاب استثمارات كبيرة من الأجانب، لهذا فإنه لا يوجد ما يدعو للقلق".
وأضاف أن فتح السوق يهدف لتحقيق استفادة للاقتصاد السعودي بوجه عام، وإن تلك الفوائد بدأت تظهر بالفعل مع تزايد الأبحاث المتعمقة للمؤسسات العالمية والمحلية عن سوق الأسهم والاقتصاد.
ولم تعلن الهيئة بعد عن أسماء المؤسسات التي حصلت على تراخيص الاستثمار الأجنبي المباشر.. وبسؤاله عن ذلك قال الجدعان إن الهيئة تدرس إعلان قائمة بأسماء المؤسسات في حال كانت ستحقق فائدة للسوق.
ومن بين الشركات التي أكدت حصولها على تراخيص الاستثمار الأجنبي مجموعة "آشمور" و"بلاك روك" و"سيتي غروب" و"أتش أس بي سي".
ويمكن للمستثمرين الأجانب الذين لا يملكون هذه التراخيص الاستثمار في البورصة عبر اتفاقيات المبادلة، حيث يقوم طرف مرخص من الهيئة بملكية الأسهم بالنيابة عن مستثمر أجنبي.
وقال الجدعان إن العمل باتفاقيات المبادلة سيظل قائما مادام مجلس الهيئة يرى أنها تفيد السوق.
تطوير السوق
أشار الجدعان خلال المقابلة إلى أن الهيئة تعمل على زيادة عمق السوق السعودية عبر تطوير عدد من المنتجات المتاحة للشركات، لا سيما تلك التي تتعلق بسوق الدين المحلية.
وتضم البورصة السعودية حاليا أسهم 171 شركة مدرجة، وهو رقم لم يشهد كثيرا من الزيادة مؤخرا إذ لم تكن هناك سوى أربعة طروحات أولية منذ الطرح الكبير لأسهم البنك الأهلي التجاري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 والذي بلغت قيمته ستة مليارات دولار.
وقال الجدعان إنه لا توجد أي مخاوف بشأن قلة عدد الطروحات الأولية حاليا وإن هناك قدرا كبيرا من الطروحات أولية قيد التنفيذ، مضيفا أن شركات بالقطاع الخاص وكذلك مؤسسات حكومية تدرس طرح أسهمها في البورصة.
وتابع بأن "قرار الإدراج من عدمه يعود للشركات، ونبذل كل ما في وسعنا للتأكد من تطوير الإجراءات ومن توافر كافة الأدوات لتسهيل العملية".
وأشار إلى أن الهيئة تدرس مع البورصة السعودية "تداول" إطلاق سوق ثانوية تركز على تعزيز إدراج الشركات المتوسطة والصغيرة والشركات العائلية والتي تمثل شريحة كبيرة من الاقتصاد السعودي، لكن القليل منها مدرج بالفعل في البورصة.
وقال الجدعان: "ندرس عدة خيارات (للسوق الثانوية).. أن تضم الشركات المتوسطة والصغيرة وحدها، أم الشركات المتوسطة والصغيرة وشركات جديدة، أم الشركات المتوسطة والصغيرة والجديدة إلى جانب الشركات المتعثرة".
وأضاف أن الخطة التي سيتم التوصل إليها في هذا الصدد سيجري استطلاع رأي المختصين من الجمهور بشأنها قبل تنفيذها.
وأكد أن تسهيل نمو سوق السندات المحلية أحد الأهداف الرئيسة للهيئة.
وقال: "هذا الأمر محل تركيز ونحن سعداء جدا بأن الحكومة بدأت في طرح سندات لأن ذلك سيشجع المزيد من الشركات على الدخول للسوق".. وذلك في إشارة لطرح الحكومة السعوية لسندات بقيمة تصل إلى 20 مليار ريال شهريا منذ تموز/ يوليو.
ومن بين النواحي الأخرى التي تعمل الهيئة على تطويرها دراسة تطوير قواعد الدمج والاستحواذ بين الشركات وقواعد صناديق الاستثمار وقواعد الإدراج وحوكمة الشركات.
وقال الجدعان: "الأمر أشبه بورشة عمل.. الهيئة تعمل على ضمان تحقيق أهدافها وحماية المستثمرين والحد من المخاطر وفتح آفاق جديدة للاستثمار في مناخ يتمتع بالشفافية".