نشرت مجلة "نيوستيتسمان" مقالا للمختص في دراسات التطرف في جامعة "كنغز كولج" بلندن، شيراز ماهر، قال فيه إن عملية القصف التي قام بها الطيران الحربي الروسي في سوريا حققت شيئا واحدا وهو زيادة الفوضى في صراع مجنون أصلا.
"وبالرغم من كل الكلام عن محاربة الإرهاب ركزت عمليات الكرملين لحد الآن على حماية وتقوية سيطرة الرئيس بشار
الأسد على شمال غرب سوريا حيث خسر جيشه مساحات في الأشهر القليلة الماضية. وهذا هو الهدف الأساسي من التدخل الروسي. وكانت المجموعات الجهادية قد شكلت تحالفا في وقت سابق من هذا العام لتكوين ما سمي بجيش الفتح الذي حقق عددا من الانتصارات في محافظة إدلب. هذا الاتحاد جمع جبهة النصرة وأحرار الشام وفيلق الشام، وكان سقوط المدن الاستراتيجية مثل جسر الشغور مهددا بإضعاف سيطرة الأسد على اللاذقية وطرطوس وكلاهما معاقل علوية ينبع منها التأييد للأسد، ولذلك فقد ركزت الغارات الروسية على تخفيف هذا الضغط".
ويعلق مهر: "هنا يكمن الفرق بين الغارات الغربية والغارات الروسية في سوريا. فكون بوتين قرر أن يواجه كل أطياف المعارضة ضد الأسد فإن
روسيا ستواجه ردة فعل أوسع من الجهاديين وستجد من الصعب احتواءها".
وأشار إلى أن "الجهاديين عملوا لفترة طويلة في القوقاز وأعاد الصراع في سوريا النشاط لهم، وليس الأمر فقط أن أعدادا كبيرة منهم سافرت إلى سوريا لتنضم لتنظيم الدولة والقاعدة، ولكن أولئك الذين بقوا كان لديهم محفز لتجديد نشاطهم تجاه قضيتهم".
وقال إن "فيديو جديد أصدره التنظيم حول ولاية القوقاز حرض على الانضمام إلى المعركة هناك.. فبحسب بيان لأبي بكر البغدادي قال إنه لا حاجة للهجرة إلى سوريا الآن".
وأضاف أن "حملة روسيا في سوريا ستعاني من إعادة ذكريات ورومانسية الروايات الجهادية حول ضعف القوة العظمى، حيث إن ظاهرة المقاتلين السنة الأجانب ظهرت أول مرة خلال الاحتلال الروسي لأفغانستان".
ويلفت الكاتب النظر إلى أن "الكثير من الشخصيات الجهادية على مستوى العالم بنت شهرتها هناك بمن فيها عبدالله عزام الذي قاد الأفغان والعرب وبقيت أعماله ومآثره مهمة للجهاديين اليوم. كما أن أسامة بن لادن أثبت نفسه كمقاتل محترم في أفغانستان واشتهر بعد أن قاد مجموعته وانتصر في معركة جاجي عام 1987".
ويواصل قائلا: "بينما حصر الغرب أهدافه في
تنظيم الدولة فإن الروس يقاتلون كل المجموعات المعارضة للأسد. والخط في ذلك هو أنه سيوحد مجموعات كانت متفرقة. وفي الواقع فإن جبهة النصرة وأحرار الشام اتفقتا على توحيد القيادة لقتال الروس بشكل أكثر فاعلية".
وهناك مجموعات أخرى بدأت في العمل؛ فقال بيان للإخوان المسلمين في سوريا: "تشجب حركة الإخوان المسلمين في سوريا الاحتلال الروسي البغيض، فأصبح الدفاع عن البلاد واجبا على القادرين عليه. ونحن على استعداد لبذل الجهد للدفاع عن البلاد وحمايتها من أعدائها".
وتحدث الكاتب عن ردود فعل إسلاميين آخرين على الهجوم الروسي، فقال: "ليس الإسلاميون السوريون وحدهم الذين غضبوا بسبب التحرك الروسي، فقد وقعت مجموعة من علماء المسلمين قوامها 52 عالما، معظمهم سعوديون، على بيان كرد فعل على الغارات الجوية الروسية.. ومع أنه كتب بحرص فإن الاستنتاج الواضح هو أن الجهاد ضد الروس أصبح الآن واجبا".
وقال البيان: "أيها العلماء والمصلحون والمفكرون: إنها والله حرب على الإسلام الذي ارتضاه الله للعباد؛ فأعلنوا هذه الحقيقة للناس واشحذوا الهمم"، ودعا البيان لتقديم الدعم للسوريين.
ويرى الكاتب أن "فكرة "الحرب على الإسلام" هي ثابتة في التحليل الإسلامي والجهادي للنظام الدولي على مدى الخمس عشرة سنة الماضية. والتدخل الروسي في سوريا قوى الفكرة بأن من ينضم للجهاديين "يقاتل دفاعا عن الأمة كلها". وينظر إلى الحملة الروسية على أنها حرب صليبية بامتياز وخاصة أنها جاءت بمباركة من الكنيسة الأرثوذكسية وبالتحالف مع الإيرانيين الخبثاء الذين يسعون لتقويض الإسلام من الداخل، وهذه هي مخاوف الألفيين السنة".
ويدعو البيان الدول العربية لقطع علاقاتها مع روسيا وإيران.
ويتفق بيان العلماء مع وجهة نظر الإخوان المسلمين في سوريا والتي تقول بأن دخول روسيا على الخط يدل على ضعف الأسد: "فاعلموا –رحمكم الله- أن روسيا ما تدخلت إلا لإنقاذ النظام من هزيمة محققة؛ لقد هزم الله بكم أمن النظام وشبيحته ثم جيشه ثم الجماعات الرافضية الصفوية الإيرانية والعراقية والأفغانية وغيرها، ودحر بكم حزب الشيطان، وهو سبحانه قادر على هزيمة روسيا". وهذا الكلام له تداعيات كبيرة، وخاصة أن أكثر نسبة من المقاتلين الأجانب في سوريا هم من السعوديين، كما أن العلماء السعوديين الذي وقعوا البيان لهم مكانة عند هؤلاء السعوديين وعند غيرهم من المسلمين خارج حدود السعودية.
ومع أن ما يصدر عن الكرملين من بيانات يتحدث عن حملة محدودة في سوريا، فإن التاريخ يقول غير ذلك. ولذلك علينا توقع موجات جديدة من الشباب الغاضب من الخليج وشمال أفريقيا وأبعد من ذلك إلى سوريا قريبا.