"إنذار شعب".. هكذا لخص مانشيت صحيفة
مصرية صادرة اليوم الثلاثاء 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، المشهد المصري، بعد العزوف الشعبي عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بمرحلتها الأولى، يومي الأحد والاثنين، في وقت رأت فيه صحيفة أخرى - بمانشيتها - أن "الشعب خارج الصندوق"، فيما توجه صحفي إلى رئيس الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، بالسؤال: وبعدين؟ (أي: ماذا بعد؟).
فقد رأت صحيفة "فيتو" الأسبوعية، أن ضعف الإقبال صرخة في وجه الجميع، وأن إعلام "انتصار" فشل في الحشد، وأن "الإحباط والأسعار سر الغياب"، ناقلة عن محللين قولهم إن ضعف المشاركة فشل سياسي، وإن العزوف الشعبي هزيمة سياسية لـ"30 يونيو"، ما اعتبرته الصحيفة - إجمالا -: "إنذار شعب"، وسخرت من الوضع بالقول: "ضبط وإحضار للشعب".
وبمانشيت ذي لون أحمر، صدرت صحيفة "الشروق"، الموالية للسيسي، بالقول: "الشعب خارج الصندوق"؛ وذلك في إشارة واضحة إلى أن الصندوق الانتخابي غير معبر عن الشعب، وأنه آثر أن يكون "خارج الصندوق"، بما في ذلك من دلالة على المقاطعة، والرفض، ليس للانتخابات كمبدأ، ولا للصندوق كمعيار، ولكن رفضا لهذا الصندوق بعينه، الذي جاء به السيسي، وصنعه على عينه.
وقد تماهى رئيس تحرير "الشروق" مع هذا الطرح، إذ رأى في ما حدث "رسالة لمن يهمه الأمر"، حسبما عنون به مقاله، قائلا إن "هناك حالة عامة من الإحباط وسط كثير من المصريين دفعتهم إلى العزوف الجماعي عن التوجه إلى صناديق الانتخاب".
وأضاف حسين - معبرا في الوقت نفسه عن ولائه لسلطان السيسي - :"يفترض أن تستخلص الحكومة والرئاسة العبرة من هذه الرسالة القاسية، وتبدأ في "إصلاح الأمر، وتبعث برسالة تهدئة إلى الرأي العام والجماعة السياسية، خلاصتها أنها جادة في الانفتاح على كل القوى السياسة في مصر، المؤمنة بالقانون، والدستور، والدولة المدنية، مهما كانت درجة معارضتها"، وفق قوله.
وبعد أن خاطب إبراهيم عيسى - في برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، على قناة "القاهرة والناس"، مساء الأحد - السيسي قائلا: "فقدت مصداقيتك عند الشعب"، إذ به يخرج في جريدته "المقال" التي يرأس تحريرها، اليوم الثلاثاء، متبعا أسلوبا ناعما، وفق مراقبين، بالتساؤل: "وبعدين يا ريس".
عيسى لخص الفكرة الأساسية لمقاله في سؤاله ببداية المقال، الذي جاء كالتالي: "ماذا لو أراد الرئيس عبدالفتاح السيسي مناقشة أسباب وتداعيات المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية من حيث نسبة المشاركة الضعيفة "الهزيلة"، وفتور المواطن تجاه العملية الانتخابية برمتها، وهشاشة الأداء الحزبي، واستعادة التيار الإسلامي لأدواته القديمة في المتاجرة بالدين، وتجنيد الغلابة عقليا"، وفق وصفه.
وبعد استعرض البدائل المطروحة، وهي أن يناقش السيسي هذه الوقائع، والنتائج، وتلك التداعيات، مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل، أو رؤساء الأجهزة الأمنية الثلاثة: "المخابرات الحربية والعامة والأمن الوطني"، والمكتب الإعلامي للرئاسة، رأى عيسى "أن المحصلة أن الرئيس ليس لديه فريق سياسي إطلاقا".
وأردف أنه (أي: السيسي) "ليس منزعجا من هذا الغياب"، مستدركا: "لكن البلد كله سينزعج، يا سيادة الرئيس، فهذا ليس غيابا.. هذا فراغ"، على حد وصفه.
واستطرد: "هذا الواقع لا يمكن إلا أن يقود إلى سيطرة التيار الديني مرة أخرى، حيث رئيس يكره السياسة، وحكومة موظفين، وأجهزة لواءات، وحركات احتجاجية لا تفهم، ولا تشتغل في السياسة، وأحزاب كرتونية وأليفة ومتربية في حديقة الأجهزة الأمنية، وشعب يعزف عن المشاركة في العملية الانتخابية".
وأضاف: "تغلغل التيار الإسلامي في الشارع، حيث يملأ الفراغ بتعويض تخلي الحكومة عن خدمة مواطنيها، وبالمتاجرة بالدين، مستغلا جهل الناس بالدين الصحيح الحقيقي".
واختتم مقاله بالقول: "ثم لستم في حاجة لأحكي لكم ما الذي يترتب عليه هذا الوضع، فأظننا لم ننس ما قبل 25 يناير، وما بعده"، وفق قوله.
عدم استخدام كلمة "المقاطعة"
تجنبت صحف الثلاثاء استخدام تعبير "المقاطعة" في وصف ما حدث، واستخدمت تعبيرات مثل "ضعف الإقبال"، و"ضعف المشاركة"، مثلما فعلت "الأهرام".
إقرار بضعف الإقبال
الجريدة الوحيدة التي أقرت ب"ضعف الإقبال"، في مانشيتها، بصحف الثلاثاء، كانت هي "الأهرام"، وذلك على عكس مانشيتها أمس، إذ خرجت اليوم بمانشيت أحمر اللون يقول: "المرحلة الأولى للانتخابات تنتهي بإقبال ضعيف".
وبحسب "الأهرام": "شهد أمس عزوفا من الناخبين عن المشاركة خاصة الشباب، وكان الإقبال بشكل عام أقل من المتوسط، كما تباينت نسب المشاركة بين الريف والحضر، حيث بلغت في بعض القرى 30% وفي بعض المناطق الحضرية 15%".
وفي السياق نفسه قالت الوطن: "آخرة الانتخابات.. حاشد ومحشود وآخرتها لجنة فاضية"، مشيرة إلى أنه "على أعتاب اللجان الخاوية إلا من الموظفين والقضاة، تبارى المرشحون ومندوبوهم في حشد الناخبين، ولم يخل الأمر من فكاهة".
صدِّق أو لا تصدِّق: القضاة والمرشحون وقوات الأمن ثلث عدد الناخبين
هكذا قالت المصري اليوم، مضيفة: "قدَّر أحمد زكي بدر، وزير التنمية المحلية، نسبة التصويت في انتخابات مجلس النواب بنحو 7% خلال الفترة الصباحية و10% خلال الفترة المسائية.
وأضافت الصحيفة أنه: "وصل عدد عناصر الأمن من الجيش والشرطة المكلفين بتأمين لجان الانتخابات إلى 415 ألفا، في حين وصل عدد القضاء المشرفين على صناديق الاقتراع إلى 16 ألف قاض، مقابل 2768 مرشحا بواقع 2573 على المقاعد الفردية و195 مرشحا على القوائم".
"وبافتراض أن كل مرشح فردي له مندوب في كل مركز انتخابي، يصل عدد مندوبي المرشحين لـ151 ألفا و132 مندوبا، وبذلك يصل عدد المشاركين في العملية الانتخابية من عناصر الأمن والقضاة والمرشحين ومندوبي المرشحين لـ568 ألفا و900 شخص، وهو ما يعادل نحو 30% من متوسط نسبة المشاركين التي أعلنها وزير التنمية المحلية"، وفق "المصري اليوم".
البحث عن أسباب العزوف الانتخابي
انشغلت صحف الثلاثاء بالبحث عن أسباب عزوف الناخبين عن المشاركة في العملية الانتخابية.
ورأت اليوم السابع أن "قانون الانتخابات "بوظ" (أفسد) الانتخابات"، مشيرة إلى أن "اتساع النطاق الجغرافي للقوائم، والتأجيل المتكرر، وتراجع الإرهاب.. أعادت المصريين للنكبة"، وفق وصفها.
وقالت الجمهورية إن: "الأحزاب تعترف بالأخطاء وأسباب ضعف الإقبال: الوجوه القديمة متكررة.. والجديدة غير معرفة.. المال السياسي والاتجار بأحلام البسطاء.. غياب الوعي.. والاعتماد على الشعارات".
وأشارت الوطن إلى : "7 "خطايا" للحكومة والأحزاب والإعلام في الانتخابات"، لخصتها في: "الارتباك الاقتصادي، واليأس والإحباط، وتصدر وجوه "الوطني"، وغياب الدعاية، والأثر السلبي للإعلام، وضعف دور الأحزاب، والثقة في الرئيس"، باعتبارها "أهم أسباب ضعف الإقبال على التصويت بالمرحلة الأولى".
وحديث عن حشد رسمي وانتهاكات
في المقابل، تحدثت صحف عن حشد رسمي من أجل التغطية على ظاهرة عدم الإقبال على الانتخابات.
وآثرت أن تفضح ذلك صحيفة "المصري اليوم"، التي قالت - بعنوان رئيس -: "الدولة تدفع ب3 ملايين موظف للتصويت".
كما انقسم مانشيت "المصري اليوم" إلى ثلاثة موضوعات، جمعها مانشيت يقول: الحشد الرسمي يستر الصناديق"، وتحته جاءت الموضوعات كالتالي: "التليفزيون والمساجد و"الدي جي" لجذب الناخبين".. "الحكومة : المرشحون والمواطنون وراء ضعف الإقبال".. "العليا للانتخابات" تتوقف عن إعلان نسب المشاركة".
وفي التفاصيل قالت "المصري اليوم": "لجأت أجهزة الدولة إلى عدد من الإجراءات لجذب الناخبين للمشاركة في التصويت بدوائر المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، أمس، بعدما شهد اليوم الأول إقبالا ضعيفا على اللجان، وطبقت المصالح الحكومية قرار مجلس الوزراء بانصراف الموظفين نصف يوم مبكرا، ليتاح لهم التصويت، ولجأت بعض الجهات مثل محافظة البحر الأحمر إلى توفير أتوبيسات لنقل الموظفين إلى مقار اللجان، لضمان ذهابهم إلى مراكز التصويت.
وواصل التليفزيون الرسمي، وعدد من الفضائيات الخاصة، تنفيذ حملة "انزل وشارك" لحث المواطنين على المشاركة، كما طوعت شبكة القرآن الكريم الإذاعية برامجها لذلك، وشارك في الحملة عدد من المثقفين والإعلاميين والفنانين.
واستعانت الوحدات المحلية والمراكز في العديد من الدوائر بمختلف المحافظات بسيارات عليها مكبرات صوت وسماعات "دي جي"، تذيع الأغاني الوطنية لحث الناخبين على التصويت، فضلا عن ترديد المنادين شعارات منها: "انزل يا مصري.. ارض ضميرك.. انزل وشارك.. حكم رأيك.. من أجل مستقبل أولادك ومستقبل بلدك.. صوتك أمانة.. انزل وشارك.
واستخدم عدد من الأئمة ميكروفونات المساجد في بني سويف، عقب صلاة الظهر، لدعوة الناخبين للخروج للإدلاء بأصواتهم، وألغت جامعة أسيوط المحاضرات بكافة كليات الجامعة في الساعة الحادية عشرة صباحا، تيسيرا على الطلاب، خاصة المغتربين منهم، لتمكينهم من المشاركة في التصويت..
وإلى جانب الخطوات الحكومية لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، خصص مرشحون سيارات لحشد الناخبين بمكبرات الصوت، واعتمد عدد منهم على الأغاني الوطنية والشعبية والمواويل القديمة لجذب الناخبين، فيما وزع آخرون هدايا أمام اللجان، ودشن البعض حملات طرق أبواب قام بها أنصارهم، لإقناع المواطنين بالنزول للتصويت لمرشحيهم، ونقلهم بالمجان إلى اللجان الانتخابية، فضلا عن استمرار البعض في ظاهرة دفع الرشاوى لضمان الحصول على أصوات الناخبين".
وعلى صعيد الانتهاكات المتصل نشرت "الأخبار" صورة "رشوة الناخبين "عيني عينك" بإحدى دوائر إمبابة بالجيزة".
وقالت الجمهورية: "تجاوزات وتجارة أصوات".
وأشارت الأهرام في موضوعها الرئيس (المانشيت) إلى أنه "شهدت بعض المناطق ظاهرة شراء أصوات الناخبين، حيث تراوح سعر الصوت بين 200 و800 جنيه في أغلب المحافظات، وعزا المراقبون أسباب عزوف الشباب عن المشاركة إلى عدم الاقتناع بالمرشحين سواء القدامى أو الجدد، وعدم معرفتهم بالأحزاب".
وفي المقابل: حديث وهمي عن إقبال وطوابير
في المقابل، تصدر معظم الصحف الصادرة الثلاثاء، على عكس الصحف الصادرة أمس، صور للإقبال الشعبي على المشاركة في الانتخابات!
ففي الأخبار تصدرتها صورة "كفيف عمره 83 عاما أصر على الإدلاء بصوته"، مع صورة "بدء فرز الأصوات بالإسكندرية".
وفي الجمهورية صورتا: "حضور في كرداسة"، و"مشاركة كبيرة من السيدات في حلايب وشلاتين".
وفي الأهرام تصدرتها ثلاث صور، كالتالي: "عجوز فرحا بعد الإدلاء بصوته في إدفو"، و"ناخبة تدلي بصوتها وهي تحمل طفلتها في إمبابة"، و"إقبال كبير من المرأة على مركز اقتراع بأرض اللواء".
ونشرت "المصري اليوم" ثلاث صور أيضا، مع المانشيت، الأولى ل"حشد نسائي أمام إحدى لجان الوراق في اليوم الثاني للانتخابات"، والثانية ل"سيدة مسنة بعد الإدلاء بصوتها في قنا أمس"، والثالثة لـ"فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة أصرت على إبطال صوتها بكرداسة أمس".
وتحدثت اليوم السابع عن: طوابير حلايب وشلاتين.. ارتفاع نسب المشاركة في البحر الأحمر"، فيما قالت الجمهورية: "السيدات في صدارة المشهد لليوم الثاني".
"ذكر أرقام كبيرة" منسوبة لمصادر مجهولة
حاولت صحف لملمة "فضيحة" العزوف الشعبي باللجوء إلى التدليس على المصريين، وذكر أرقام كبيرة عن حجم المشاركة، منسوبة إلى مصادر مجهولة، كما جاء في "الشروق" التي قالت: "مصدر ب"العليا للانتخابات": نسبة الإقبال تراوحت بين 25% و30%.
وقالت الوطن: مزاد حكومي على نسب التصويت.. إسماعيل: المشاركة 16%. وبدر: 11%.. وقمصان: أتوقع 22%.
شغل الرأي العام بالإعادة وتقدم قائمة السيسي
حاولت الصحف نقل اهتمام الرأي العام من قضية ضعف المشاركة إلى قضية متصدر الانتخابات، وأن الإعادة مصير غالبية الدوائر، مبرزة تقدم قائمة "في حب مصر" ، المعروفة بأنها قائمة السيسي، على ما عداها من القوائم.
فقالت الشروق: "مؤشرات أولية: "في حب مصر" تتقدم القوائم الانتخابية".
وكررت "اليوم السابع" المانشيت نفسه، فقالت: "المؤشرات الأولية: اكتساح قائمة "في حب مصر".
وكررت الوطن المانشيت ذاته بالقول: "المؤشرات الأولية: تقدم "حب مصر".. والنتائج غدا".
وفي السياق نفسه، قالت المصري اليوم: المؤشرات الأولى: قائمة "في حب مصر" تتقدم في الجيزة وغرب الدلتا.
وقالت الأخبار: "الفرز بدأ.. والنتائج الكاملة غدا.. "في حب مصر" تقترب من حصد أول 60 مقعدا.. وعبدالرحيم علي يتقدم في العجوزة".
وقالت الجمهورية - في المانشيت - : "الإعادة" تدق أبواب الدوائر".. رئيس الوزراء: الإقبال أكثر من 15%".
وقالت الأهرام: "مجلس النواب يستقبل الأعضاء الجدد بداية الشهر المقبل".
وأخيرا: حملة على الإخوان و"النور"
حرصت الصحف على نشر مواد تمتلئ بدعاية سلبية بحق الإخوان المسلمين، وحزب "النور"، وذلك على الرغم من عدم مشاركة الأولين، ومشاركة الأخير، في الانتخابات.
فقالت صحيفة المقال: "الإخوان شمتانين في المصريين.. و"النور" شمتان في الإخوان".
وقالت اليوم السابع - بعنوان عريض (8 أعمدة) -: "التزوير بالنقاب في حزب "النور"، مشيرة إلى: "القبض على منتقبة في مطروح تصوت بأسماء أخريات لصالح "النور".. السلفيون يستخدمون "البطاقة الدوارة" في الإسكندرية"، بحسب قولها.