أقال رئيس
الحكومة التونسية الحبيب الصيد اليوم وزير العدل محمد صالح بن عيسى من مهامه وتكليف وزير الدفاع فرحات الحرشاني بالإشراف بالنيابة على تسيير شؤون الوزارة.
ولم يوضح البلاغ الذي أصدرته دائرة الاتصال والثقافة برئاسة الحكومة الثلاثاء؛ سبب
الإقالة إلا أن تصريحات الوزير بن عيسى الأخيرة حول المثلية الجنسية والدور الأمريكي بالمنطقة ربّما يكون هو السبب الرئيس للإقالة، في حين عزا الوزير المعزول الأمر إلى "خلافات شديدة" حول مشروع قانون "المجلس الأعلى للقضاء".
وطالب الوزير المقال، الذي لا ينتمي لأي حزب، بإلغاء الفصل 230 من القانون الجنائي التونسي الذي يعاقب على المثلية الجنسية، معتبرا أن هذا الفصل لا يتلاءم مع الدستور الجديد الذي ينصّ على احترام الحريات الخاصّة.
وقال الوزير المعزول لوكالة فرانس برس: "حصل شيء خلال اليومين الماضيين، فاختلفنا (أنا ورئيس الحكومة) اختلافا شديدا، فنتج عن ذلك هذا القرار (الإقالة)".
وتابع قائلا: "كان مبرمجا الثلاثاء عقد جلسة في مجلس نواب الشعب للمصادقة على مشروع المجلس الأعلى للقضاء".
وأضاف: "طلب مني رئيس الحكومة الحضور كعضو من الحكومة في جلسة المصادقة، ولكن النص الذي سيصادقون عليه مختلف تماما عن المشروع الأول الذي أعدته الوزارة، فرفضت حضور المصادقة على مشروع لا يتماشى مع اختياراتي وقناعاتي".
وأوضح أن لجنة التشريع العام في مجلس نواب الشعب (البرلمان) الذي يحظى فيه حزبا نداء تونس العلماني وحركة النهضة الإسلامية (شريكان في ائتلاف حكومي رباعي) بأغلبية المقاعد؛ هي التي أدخلت "تغييرات كليّة" على مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل.
وتابع: "لسنا متعودين أن يقول الوزير لا لرئيس الحكومة، لم يتقبل رئيس الحكومة مني هذا الرد. لكن كوني وزيرا فهذا لا يعني أن أتخلى عن قناعاتي أو كرامتي".
ولفت الوزير إلى أنه كان يستعد للاستقالة، قائلا: "قرار استقالتي موجود على مكتبي (..) لكن قرار الصيد كان أسرع".
وكان بن صالح (67 عاما) أستاذ قانون عام بالجامعة التونسية، وقد سبق له تولي منصب عميد كلية العلوم القانونية بتونس.
وفي 15 أيار/ مايو الماضي صادق البرلمان على قانون إنشاء المجلس الأعلى للقضاء، لكن "الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين" أسقطته بسبب عدم تطابقه مع الدستور التونسي الجديد الذي ينص على استقلالية القضاء.
وعارضت كل نقابات القضاء في تونس القانون الذي رأت أنه لا يضمن استقلالية المجلس والقضاء عن السلطة التنفيذية. وبحسب الدستور "يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سير القضاء واحترام استقلاله".
المثلية الجنسية
وكان بن عيسى قد قال في تصريح لإذاعة "شمس" الخاصة قبل أيام إن المجتمع المدني مطالب بالتحرك من أجل الدفع نحو حذف هذا الفصل من المجلة الجزائية الذي ينص على معاقبة من يمارس كل أشكال "اللواط" أو "السحاق" بالسجن مدة ثلاث سنوات.
وقال بن عيسى، تعليقا على قضية شاب متهم باللواط، إنه يجب أن "لا يسمح بالاعتداء على الحياة الخاصة للأفراد بعد الدستور"، وأضاف أن "المثلية تبقى اختيارا خاصا بالفرد، والمجتمع عليه أن يوفر كل الظروف المناسبة للأفراد كي يمارسوا حريتهم، لكن دون المساس بحقوق المجتمع"، بحسب تعبيره.
وفي سياق آخر، أكد الوزير المقال خلال مداخلة له أمام لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب قبل يومين؛ وجود ما قال إنها "ضغوطات من أطراف أجنبية للإسراع بالمصادقة على مشروع قانون يتعلّق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته".
تعليمات أمريكا
وجاء في مداخلة الوزير التي نشرتها الصحف المحلية؛ أن "مؤسسات دولية لم يبق لها إلا أن تعطينا تعليمات، وهي تترصد كل حركات تونس"، مشيرا إلى حديث دار بينه وبين السفير الأمريكي بتونس.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد
السبسي قد أكد أن تونس لن تلغي الفصل القانوني الذي يجرم المثلية الجنسية، مشيرا إلى أن مطالب وزير العدل في هذا السياق لا تلزم الدولة التونسية في شيء، وأن رأي الوزير لا يلزم إلا نفسه، بحسب قوله.
وأضاف السبسي في حوار صحفي، خلال زيارته الأخيرة إلى مصر، أن تونس لن تقوم أبدا بتعديل القانون الجزائي من خلال إلغاء المادة 230 التي تجرم المثلية الجنسية.