افتتحت الحكومة
العراقية مؤخرا مكتبين اثنين في كل من أربيل وكركوك لاستقبال المتطوعين الجدد من نازحي
الأنبار وصلاح الدين؛ في صفوف
الجيش العراقي، بناء على رغبة أمريكية في تجنيد المزيد من أبناء المحافظات السنية في الوحدات العسكرية العراقية، تمهيدا لعمليات استعادة المدن السنية من سيطرة
تنظيم الدولة.
وفي حديث خاص بـ"
عربي21"، يقول عضو لجنة قبول المتطوعين في مكتب ليلان، قرب مدينة كركوك، النقيب فراس المحمداوي: "منذ فترة ليست بالقليلة قدمنا مقترحا لوزارة الدفاع لفتح مكتبين في أربيل وكركوك، لمنح فرصة للذين هجرهم تنظيم الدولة من مناطقهم للتطوع، والمساعدة في تحرير مناطقهم".
وأوضح المحمداوي: "نحن لا نسعى لزيادة الأعداد قدر سعينا لاستقطاب أبناء المناطق الذين هم أصحاب الحق الأول في الدفاع عن مناطقهم وتحريرها، والعودة إلى منازلهم"، مضيفا: "ومع هذا، سيبقى الباب مفتوحا لاستقبال المتطوعين من كل المحافظات للراغبين في الدفاع عن بلدهم ضد الزمر الإرهابية"، حسب وصفه.
ولا يستغرب المحمداوي ضعف الإقبال على التطوع؛ لأسباب يراها تعود إلى "أن النازح لا يفكر بالتطوع لاعتقاده بعدم قدرة الجيش على استعادة مناطقه، لهذا يتفرغ لتأمين معيشة عائلته". لكنه رأى أن "خطوتنا هذه قد تعطيهم بعض الأمل في المساهمة بتحرير مناطقهم، كما نسعى لاستعادة ثقتهم بالمؤسسة العسكرية التي قدمت المزيد من التضحيات لحمايتهم من خطر الإرهاب طيلة سنوات طويلة، لهذا تركنا موعد التقديم للتطوع مفتوحا".
يذكر أن الحكومة العراقية كانت قد فرضت تعليمات مشددة على السماح لدخول النازحين من الأنبار إلى العاصمة، ما دفعهم للنزوح باتجاه إقليم كردستان، أو مدينة كركوك. ولهذا جاء التركيز على التحرك "في أوساط النازحين من الأنبار في كركوك (لتجنيدهم)، بسبب ما يمتلكونه من خبرة سابقة في قتال تنظيم الدولة، حيث تدور الآن معارك شرسة بحاجة لإدامة زخم الهجوم، ورفده بعناصر على معرفة جيدة بمناطقهم"، كما يقول النقيب فراس المحمداوي.
وبحسب النقيب المحمداوي، سيكون التدريب على يد مدربين متخصصين من الجيش العراقي حصرا، "وهو جزء من سياسات البرنامج الأمريكي لتدريب المقاتلين
السنة في محاولة أمريكية لوضع أسس موازنة أكثر قبولا في الشارع السُنّي الذي يحتفظ بصورة سيئة عن أداء الجيش العراقي الذي تسيطر على قراراته قيادات الحشد الشعبي، كما يعتقد السُنّة".
وقال: "من هذا المنطلق يضعف الإقبال على التطوع في الجيش من قِبل السُنّة الذين يتخوفون من الجيش، كما يتخوفون من المليشيات والحشد الشعبي".
ويشير المحمداوي في ختام حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن المتطوعين سيتمتعون بامتيازات خاصة، كزيادة في الراتب الشهري، وتقديم المساعدات المالية والغذائية لعائلاتهم النازحة إلى كركوك، وإقليم كردستان.
لكن غزوان العلواني، أحد النازحين من الأنبار، وهو كان قد اطلع على تفاصيل التطوع والامتيازات الممنوحة للمتطوعين، تساءل قائلا لـ"
عربي21": "ماذا يعني تقديم التسهيلات فقط للعائلات النازحة التي يتطوع أحد من أبنائها؟ أليس هذا استغلال لمعاناة النازحين؟".
وسبق للعلواني أن قاتل تنظيم الدولة في مدينته الرمادي، لكنه "يرفض قتالها مرة أخرى ما لم يتم إبعاد الحشد الشعبي عن معارك الأنبار".
ويرى في دعوة الحكومة النازحين للتطوع تعبيرا "عن قصر نظر في سياسات الحكومة التي تريدنا أنْ نقاتل تحت راية الحشد الشعبي، أو أن نكون بيادق في مشروع أمريكي خداع"، بحسب وصفه، في إشارة إلى البرنامج الأمريكي لتدريب المقاتلين السُنّة.
ويستبعد العلواني احتمالات أن يلقى مشروع التطوع أي نجاح في استقطاب النازحين "الذين لا زالوا يذكرون المعاملة السيئة التي قابلتهم بها الحكومة على أبواب عاصمتنا التي أغلقت في وجوهنا، فلماذا نريق دماءنا دفاعا عن رئيس الحكومة الذي أغلق العاصمة بوجوهنا؟ أم عن الحشد الشعبي الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق أهل السُنّة في ديالى وصلاح الدين؟".
ويختم العلواني حديثه بالقول: "نحن وحدنا من يستطيع قتال تنظيم الدولة، وإخراجه من مدننا؛ لكن لن نقاتله تحت قيادة هربت أمامه في الوقت الذي كانت تعامل أبناء الرمادي معاملة العبيد"، على حد قوله.