تذكر صحيفة "إندبندنت" البريطانية في تقرير أعده بيتر بوفام، أنه في حي مينغالا تونجينوت في العاصمة البورمية رانغون، حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى 70%، أي ما يشكل غالبية سكانه، قرر طبيب مسلم يمارس العلاج الطبيعي، اسمه سان تين كاو (49 عاما)، ترشيح نفسه للانتخابات.
ويشير التقرير إلى أن قرار كاو جاء بعدما أعلنت زعيمة المؤتمر القومي للديمقراطية أنغ سان سوكي عدم ترشيح أي مسلم على قائمتها، رغم أن المسلمين يعدون من مؤسسي المؤتمر.
وينقل بوفام عن أحد مؤسسي المؤتمر، ويدعى يو وين هتين، قوله: "لدينا
مسلمون مؤهلون للترشيح، ولكننا لا نستطيع اختيارهم لأسباب سياسية".
وتلفت الصحيفة إلى أن المؤتمر كان يخطط لترشيح مسلم عن منطقة مينغالا، قبل أن تقرر سوكي في أيلول/ سبتمبر استبعاد المسلمين من قائمتها، رغم أن المرشح كو ميا أي كان من جيل 88، وأحد الناشطين الكبار في انتفاضة عام 1988، وأصبح قياديا في ثورة الزعفران عام 2007. ورغم سجله النضالي، إلا أن الحزب قرر استبعاده، وتطهير الحزب منه وغيره من المسلمين؛ خوفا من إغضاب البوذيين الشوفينيين الذين قادوا الحملات ضد المسلمين.
ويستدرك التقرير بأنه رغم حصول البورميين على حقوقهم في السنوات الأخيرة، إلا أن الدولة لم تعد تمارس الرقابة، حيث يستطيع الناس قول وكتابة ما يريدون. مشيرا إلى أنه مع أن الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل لن تكون دون تجاوزات، إلا أن حضور أكثر من 1500 مراقب محلي ودولي سيجعل من الصعوبة بمكان تزييفها.
ويقول الكاتب إن سنوات "التحول الديمقراطي" بالنسبة للمسلمين البورميين كانت "كابوسا" بدأ عام 2012، عندما اندلع العنف في ولاية أركان، وانتشر وقتل فيه المئات. وأدت أحداث عنف أخرى إلى تشريد أكثر من مئة ألف مسلم من
الروهينغا، يعيش معظمهم في مخيمات بائسة. وهم محرومون من الجنسية البورمية، حيث قامت الحكومة بمصادرة الهوية المؤقتة التي منحتها لهم. وسيمنعون الآن، ولأول مرة منذ استقلال
بورما، من التصويت في الانتخابات.
وتنوه الصحيفة إلى أنه في عام 2013 انتشر العنف في مناطق من البلاد لم تشهد أحداث عنف من قبل، فقد تم
اضطهاد مجتمع قاتل من أجل استقلال البلاد، وعاش جنبا إلى جنب مع بقية أبناء المجتمع.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن سان تين كيا وصف من مكتبه الواقع فوق محل لبيع الشاي في مينغالا كيف تعرض المسلمون للتهميش، وجردوا من حقوقهم شيئا فشيئا منذ استقلال البلاد عام 1968. ويقول: "أثناء النضال من أجل الاستقلال ضم أنغ سان المسلمين في ائتلافه. وعاش المسلمون والبوذيون دون انقسامات"، ويقصد بأنغ سان والد زعيمة المعارضة سوكي.
ويضيف كيا للصحيفة: "بدأ التمييز عام 1974، عندما صودرت هوياتنا واستبدلت بأوراق منعتنا من السفر. ومنع الطلاب المسلمون المتخرجون من الجامعة من الحصول على وظائف، وليس المسلمون فقط، بل أتباع الأقليات الدينية والإثنية كلهم. وتم تغيير النظام التعليمي، ففي السابق كان الطلاب يدرسون ديانات البلد كلها، أما الآن فتدرس البوذية فقط، وهو ما زاد من الشكوك داخل المجتمعات".
ويوضج كيا أن الوضع زاد سوءا، ويقول: "منذ بداية الإصلاح فإن العنف المعادي للمسلمين، الذي انتشر في أنحاء البلاد كلها عام 2013، كان مؤامرة سياسية حبكتها السلطات، ولهذا السبب توقفت قبل أن تصل إلى رانغون".
ويتساءل بوفام: هل سيتغير الوضع في حال فاز المؤتمر الوطني الديمقراطي؟ يجيب الطبيب المسلم: "في الماضي كنت سأقول نعم، أما الآن فهو خائف. وفي حالة تشكيله الحكومة فسيواجه ضغوطا من المتطرفين البوذيين وبقية القوميين".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن الطبيب المسلم يرى أنه "ينبغي على بقية مجتمعات الأقليات أن تفهم أنها لا تستطيع الاعتماد على المؤتمر الوطني للديمقراطية، بل إن عليها النضال معتمدة على نفسها للحصول على حقوقها".