يجد
اللاجئون السوريون أنفسهم في الأردن بين نارين، نار العودة إلى بلدهم الممزق وسط المعارك والحروب، أو نار التحول إلى مواطنين من الدرجة الثانية في بلدان اللجوء الأوروبية، التي ضحى من وصلها بالغالي والنفيس للوصول إليها، لتحقيق أحلامه في العيش الكريم والبحث عن الأمان المفقود والفردوس الموعود.
ويوميا يحاول مئات اللاجئين السوريين الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي، ولسان حالهم يقول "سفرني على أي بلد أوروبي"، في محاولة منهم للوصول إلى بر الأمان أو البحث عن حياة أفضل، يتسلقون الأسلاك الشائكة ويركبون قوارب تخترقها المياه أو يسافرون خلسة في حاويات نقل ينعدم فيها الهواء.
أحمد أسعد لاجئ سوري، يقيم في الأردن، يحمل شهادة البكالوريوس في المحاسبة، وهو يرغب بالهجرة إلى أي بلد أوروبي، للبحث عن حياة أفضل، وتأمين مصدر رزق جيد له ولعائلته المكونة من زوجته وثلاثة أطفال.
أسعد الذي يبلغ من العمر 33 عاما، ويسكن بإحدى ضواحي العاصمة عمان في بيت بالإيجار، برر سبب طلبه الهجرة إلى أوروبا في حديث لـ"
عربي21"، قائلا: "أود الهجرة بسبب قلة فرص العمل في الأردن، علاوة على غلاء المعيشة التي يقابلها ضعف في الدخل المادي، وتدن في مستوى المعيشة".
وبحسرة وألم، واصل أسعد وصف حال معيشته في الأردن، بقوله: "لقد تركنا في
سوريا أموالنا وأملاكنا من أراض ومتاجر ومزارع، وبتنا هنا فقراء ومحتاجين، نتسول المساعدات من المفوضية، ونرضى برواتب متدنية جدا، لسد جوع أطفالي".
ولم يختلف حال حسان الحمصي عمن سبقه، فالحمصي يقيم في الأردن منذ ثلاث سنوات، ويعمل فنّي "ستالايت" بإحدى المحلات في العاصمة عمان، ويتقاضى 250 دينارا شهريا.
"
عربي21" التقت الحمصي أثناء عمله، حيث قال عن أوضاع معيشته في عمان: "عملت في هذه المهنة مؤقتا، لأني أنتظر اتصالا من المفوضية، تخبرني فيه بالسماح لي بالهجرة إلى بلد أوروبي للإقامة هناك، فالمعيشة في الأردن صعبة للغاية من حيث الأسعار وتكاليف المعيشة والعلاج".
وبين الحمصي الذي يبلغ من العمر 25 عاما، أنه تزوج حديثا، ويسكن في إحدى مناطق عمان الشرقية، بإيجار يصل إلى 150 دينارا شهريا، وهو ما يراه مبلغا باهظا، مقابل ما يحصل عليه من راتب شهري، علاوة على ما يترتب عليه من مواصلات يوميا".
وبالحديث عن الهجرة غير الشرعية التي يقوم بها لاجئون سوريون من الأردن إلى الدول الأوروبية، وما إذا كان يعلم بها الحمصي أو يعرف لاجئين سوريين أقدموا على فعلها، أوضح أنه سمع عن أشخاص أقدموا على فعل ذلك، مستدركا بأنه لا يؤيد هذه العملية، لما يترتب عليها من مخاطر تصل حد الغرق والموت.
وبحسب الحمصي، فإن تكلفة الهجرة غير الشرعية للشخص الواحد تتراوح ما بين 2000 و3000 دولار.
يذكر أن محاولات هجرة اللاجئين السوريين، شهدت غرق العشرات منهم، في رحلات محفوفة بالمخاطر لأسباب عدة، منها تخلي المهربين عن المهاجرين، أو لنفاد الوقود في عرض البحر، أو بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع أمواج البحر.
وكثيرا ما يصادفك وأنت تتصفح موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، صفحات متخصصة وموجهة للاجئين السوريين في أنحاء العالم، تعلن عن الاستعداد لتأمين خدمات سريعة وتلبية الطلبات في تجديد جوازات السفر المنتهية، وإطلاق رحلات برية وبحرية إلى أوروبا، وتأمين تأشيرات دخول إلى معظم الدول الأوروبية.
بالعودة إلى اللاجئين الراغبين بالهجرة والسفر، يبين عبد الله حسان الذي يعمل "كاشيرًا" في أحد المطاعم في العاصمة عمان، أن يحمل شهادة البكالوريوس في القانون، وقد وصل إلى الأردن منذ بداية الأزمة في سوريا.
وقال حسان لـ"
عربي21": "اضطررت أن أعمل في مطعم بالرغم من تخصصي وشهادتي، ولكن الظروف التي مررنا بها لم تبق أمامي خيارا آخرا، فهنا لا بد من التنازل للحصول على مصدر رزق لي ولأسرتي المكونة من زوجتي وبناتي الاثنتين".
وعما إذا كان يفكر بالعودة إلى بلده سوريا، أكد حسان أنه في الظروف السياسية الحالية، لا أمل بالعودة، فهو ينتظر فرصة للهجرة إلى بلد أوروبي، لعله يفوز بوضع أفضل وحياة أسعد.
إلى ذلك، وبحسب إحصائيات صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السوريين في الأردن، فإن "العدد الإجمالي للاجئين السوريين المسجلين حتى شهر تموز/ يوليو 2015 هو 629 ألفا و883 لاجئا".
وطبقا للمصدر ذاته، فإنه يوجد في الأردن خمسة مخيمات للسوريين، أكبرها مخيم
الزعتري، إلى جانب مخيمات: مريجب الفهود، والأزرق، والحديقة، وسايبر سيتي.