تمثل كارثة
الطائرة الروسية التي سقطت مؤخرا فوق سيناء ضربة جديدة لقطاع السياحة المصري الذي يمثل أحد أهم أعمدة الاقتصاد في البلاد، فيما يتوقع أن يؤدي سقوط الطائرة إلى ركود سياحي كبير قد يفاقم من الأزمات الاقتصادية في البلاد.
وتقول الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة المعلومات في مصر إن القطاع السياحي يمثل ما بين 7% إلى 11% من اجمالي الناتج المحلي للبلاد، كما أن نحو 20% من إيرادات النقد الأجنبي تأتي من القطاع السياحي.
وكانت السياحة في
شرم الشيخ تتجه للانتعاش مرة أخرى بعد سنوات من الاضطراب السياسي، حيث توافدت عليها أعداد كبيرة جدا من السياح الروس الذين يستمتعون بأشعة الشمس على شواطئ المنتجع حيث يستخدم مدربو ألعاب الأيروبكس اللغة الروسية وليس العربية أو الإنجليزية.
وكانت الأوضاع قد بدأت تتحسن أخيرا لسكان المنتجع المطل على البحر الأحمر لكن هذا كان قبل سقوط الطائرة التي كانت تقل سائحين من روسيا في شبه جزيرة سيناء التي يشتبه أن عناصر من جماعة ولاية سيناء المرتبطة بتنظيم الدولة زرعوا قنبلة فيها.
ويبدو الآن المستقبلُ مظلما لآلاف المصريين من سائقي سيارات الأجرة إلى مدربي الغطس الذين تدفقوا على شرم الشيخ بحثا عن فرص عمل. وتكهن مسؤول بإحدى شركات السياحة بأنه قد يتم تخفيض أسعار العطلات الآن ما يصل إلى 50 في المئة.
وقال أحمد ربيع: "أنا أعمل في شرم الشيخ منذ ثلاث سنين، وهذه هي المرة الأولى التي أجد فيها المدينة خالية من السياح بهذه الدرجة". وكان ربيع يتحدث خارج المقهى الذي يديره في خليج نعمة بقلب شرم الشيخ، حيث كانت المقاعد مكدسة فوق الطاولات ولم يكن هناك أي رواد داخل المقهى.
وأضاف "هذه المقاهي والمطاعم عادة ما تكون مكتظة بالزبائن في مثل هذا الوقت من السنة".
ويسدد ربيع 30 ألف جنيه مصري (3700 دولار) شهريا قيمة إيجار المكان إلى جانب تكاليف التشغيل.
وقال إن الكثير من أصحاب المشاريع الصغيرة أغلقوا متاجرهم بعد أن أعلنت حكومات غربية أن الطائرة التي كانت من طراز "إيرباص 321" سقطت نتيجة انفجار قنبلة على الأرجح، ثم علقت الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ، وحذت روسيا حذوها.
وأضاف ربيع: "نحن ننتظر يومين إلى ثلاثة أيام لنرى ما الذي يستجد، لكن لو ظل الأمر على حاله فهذا يعني أننا سنضطر لاغلاق متاجرنا".
وفي ظل الأسعار الرخيصة، والعروض السياحية منخفضة التكلفة، وتوفر الكثير من الغرف الفندقية، كانت شرم الشيخ القوة المحركة وراء جهود مصر لإغراء السائحين بالعودة لزيارتها.
وكانت الأوضاع قد بدأت في التحسن، ثم سقطت الطائرة الروسية وأعلنت جماعة ولاية سيناء المرتبطة بتنظيم الدولة المسؤولية عنه. وأثار هذا قلق المصريين على الفور، فهم يعون تماما مدى حساسية قطاع السياحة لهذا النوع من العنف.
وفي 17 من تشرين الثاني/ نوفمبر 1997 هاجم إسلاميون متشددون معبد "حتشبسوت" قرب مدينة الأقصر فقتلوا أو طعنوا حتى الموت 58 سائحا وأربعة مصريين.
وفي شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير اللذين أعقبا الحادث، هبطت أعداد السائحين بنسبة 60 في المئة تقريبا عن الفترة ذاتها من العام الماضي. ونجح قطاع السياحة في استرداد عافيته لكن ذلك استغرق أعواما.
وتوقع وزير السياحة المصري هشام زعزوع الشهر الماضي لهذا القطاع- وهو ركيزة أساسية للاقتصاد- تحقيق نمو متوسط خلال العام الجاري بفضل حملة دعاية عالمية.
وفي العام الماضي استقبلت مصر 9.9 مليون سائح، وهو رقم يقل كثيرا عن 14.7 مليون حضروا إليها في عام 2010 وهو العام السابق على انتفاضات الربيع العربي التي عصفت بالمنطقة.
وقال مسؤول بشركة "شرم ترافيل سولوشنز" -وهي شركة مقرها بريطانيا تسير رحلات إلى شرم الشيخ- إن أسعار الرحلات إلى المنتجع قد يتم تخفيضها بنسبة 50 بالمئة، هذا إن أمكن بيعها على الإطلاق.
وقال المسؤول "قد يبيعون هذه العطلات بنصف الثمن، لكن مع وقف رحلات الطيران هل سيجدون من يشتريها؟".
وتعرض شركات سياحة أخرى تنظيم رحلات إلى شرم الشيخ بتخفيضات في الأسعار تصل إلى 200 جنيه إسترليني (300 دولار).
ويكشف السير على خليج نعمة عن منشآت معطلة امتلأت جميعها بلافتات كتبت باللغة الروسية لمخاطبة النسبة الأكبر من زبائن المنتجع.