غادرت قريتها الصغيرة التي تدعى "عي" الواقعة في محافظة الكرك جنوبي الأردن، الأسبوع الماضي، دون إخبار أهلها، في طريقها إلى العاصمة عمان، لتستقل أول طائرة متوجهة إلى
تركيا، ومن ثم إلى
سوريا، للانضمام إلى
تنظيم الدولة.
"ح.م" الأحرف الأولى من اسم الفتاة، التي تحجب "
عربي21" اسمها الصريح، وذلك لاعتبارات متعددة، فالفتاة من مواليد العام 1990، وتعدّ أول فتاة أردنية حاولت الانضمام إلى تنظيم الدولة في سوريا، وتبلغ من العمر 25 عاما، وتحمل شهادة البكالوريوس في الرياضيات، وتعمل في محل لبيع الملابس، يعود ملكيته لوالدها في محافظة الكرك.
بحسب رواية المصدر الذي روى لـ"
عربي21" تفاصيل محاولة انضمام "ح.م" إلى تنظيم الدولة، إذ وافق على ذكر الأحرف الأولى من اسمه أيضا، وذلك لاعتبارات مختلفة أهمها عشائرية، قال "ع.م" لـ"عربي21" إن "الفتاة "ح.م" كانت تتواصل مع بعض عناصر تنظيم الدولة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قبل سفرها إلى تركيا للانضمام إلى تنظيم الدولة".
وتابع "ع.م" المقرب من العائلة، قائلا: "بعد الاتفاق ما بين الفتاة وتنظيم الدولة، أرسل التنظيم من جهته فتاة مجهولة الاسم والشكل، يعتقد بأنها سورية الجنسية، حيث كانت تلبس الخمار ولم تعرّف عن نفسها أو اسمها، وقامت بتسليم مغلف إلى ح.م، الذي كان يحتوي على تعليمات من التنظيم عن كيفية السفر إليه، إضافة إلى مبلغ من المال، وجواز سفر فيما يبدو أنه كان مزورا"، وفق قوله.
وواصل المصدر حديثه بالقول: "بالفعل استلمت الفتاة المغلف، وحددت بعد ذلك، موعد السفر، وتحضرت له، وغادرت المنزل دون إخبار أهلها، إذ اتصلت مع أهلها هاتفيا بعد وصولها تركيا، وأخبرتهم عن رغبتها بالانضمام إلى تنظيم الدولة".
ووفقا لرواية المصدر، "افتقد ذوو الفتاة ابنتهم في أول يوم من غيابها عن المنزل، حيث لم تعد، فقاموا بإبلاغ الأجهزة الأمنية عن اختفائها، وبدورها قامت الأجهزة بواجبها وبحثت عن الفتاة، ولكنها لم تجد لها أي أثر داخل البلاد، حتى أنه لم يرد اسمها على الحدود، الأمر الذي يرجح فرضية مغادرتها البلاد بجواز سفر مزور".
وأوضح "ع.م" قائلا: "هنا بدأت رحلة معاناة الأهل، وذلك في كيفية البحث عن طريقة لإعادة ابنتهم إلى منزلها، وإقناعها بضرورة ترك التنظيم، فقاموا بالاتصال مع النائب في مجلس النواب مازن الضلاعين الذي يقطن محافظة الكرك أيضا، وذلك لما له من خبرة وسابق تجربة مع تنظيم الدولة، وذلك للاتصال بها وإقناعها بالعودة، حيث كان نجله محمد أحد أعضاء التنظيم".
وكان محمد نجل النائب مازن الضلاعين، قتل بعد تنفيذه عملية تفجيرية، في منطقة الجرايشي شمال مدينة الرمادي في العراق قبل أشهر قليلة، حيث التحق محمد الضلاعين الذي كان يبلغ من العمر 21 عاما، بتنظيم الدولة، متسللا إلى سوريا عبر الأراضي التركية ، التي وصل إليها من أوكرانيا، حيث كان يدرس الطب هناك، فيما حاول والده النائب مازن الضلاعين آنذاك إعادته إلى الأردن، من خلال الاتصال مع أصدقائه ممن ينتمون إلى تنظيم الدولة، لكن محاولته باءت بالفشل.
وعودة إلى المصدر "ع.م"، قال: "بعد تزويد الأهل برقم هاتف ابنتهم للنائب مازن الضلاعين، وبعد الاتصالات التي تمت ما بين النائب والفتاة، فقد أقنعها بالعودة، تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب، مستفيدا بذلك من تجربة الاتصالات السابقة بخصوص نجله محمد".
بيد أن الراوي "ع. م" أشار لـ"
عربي21"، إلى صعوبة بالغة في كيفية عودة الفتاة من تركيا، حيث كانت قد استقطبها عناصر من تنظيم الدولة هناك، وأنزلوها في منزل تابع لهم، وهذا الأمر صعّب طريق العودة، ولكن النائب تمكن من إرشاد الفتاة إلى طريق للهروب، حيث أخبرها بضرورة تسليم نفسها إلى أقرب مركز أمني تركي".
وقال "ع.م": "بعد أن سلمت الفتاة نفسها للمركز الأمني، قام النائب الضلاعين بالاتصال مع السفارة الأردنية في إسطنبول، وأخبرهم بضرورة استلام الفتاة من المركز الأمني، وإعادتها إلى الأردن، وبالفعل قامت السفارة باستلام الفتاة، وأصدرت لها جواز سفر رسمي، وحجزت لها على أول طائرة متوجهة إلى العاصمة عمان، على أن يتم تسليمها للأجهزة الأمنية للتحقيق معها، التي بدورها ما زالت تحتجز الفتاة ولم تفرج عنها بعد تعهدات لأهلها بعدم الإساءة لها أو تعذيبها أثناء التحقيقات".
إلى ذلك، طبقا لتقديرات غير رسمية، فإن عدد الأردنيين الذين قضوا بالأحداث الدائرة في سوريا من مدينة الكرك وحدها، وصل إلى ستة أشخاص، كان آخرهم الشاب معاذ نصر المجالي الذي يسكن بلدة القصر شمالي المدينة.
في حين بلغ عدد الأردنيين جميعا الذين يقاتلون مع تنظيم الدولة منذ بداية الأحداث، حوالي أربعة آلاف مقاتل، بينما وصل عدد القتلى منهم إلى أكثر من 400 قتيل، وفق توقعات مراقبين لتنظيم الدولة.
من الجدير بالذكر أن الدولة الأردنية من الدول التي تشارك في الحرب ضد تنظيم الدولة، وذلك في إطار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أرسلت طائرات للمشاركة في الغارات الجوية ضد التنظيم وقواعده في سوريا والعراق.