نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية تقريرا حول الأوضاع
الأمنية في
بلجيكا، وتأثيرها على نمط حياة السكان، نقلت فيه آراء المخرج البلجيكي "جاكو فان دورمال"، الذي اعتبر أن السياسات الأمنية والتضييق على الحريات أسوأ من
الإرهاب.
وقال المخرج إن ظاهرة التطرف مرتبطة بالغباء والجهل، لا بالدين الإسلامي، محملا الحكومة جزءا من المسؤولية؛ لأنها فشلت في دمج الشباب، بحسب رأيه.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المخرج البلجيكي الذي عرف بانتقاداته للسياسات الأمنية للحكومات، واعتراضه على الانتشار الأمني في بلجيكا بعد هجمات باريس، علق على ظاهرة الإرهاب بقوله: "إن الدين لا علاقة له بما يجري الآن، فكل ما يحدث هو أن بعض الأشخاص الأغبياء يتم استعمالهم في هذه الحرب، عبر حثهم على تفجير أنفسهم".
وذكرت الصحيفة أن هذا المخرج المرشح لنيل جوائز أوسكار، انضم إلى قائمة المثقفين والمشاهير الذي يوجهون انتقادات شديدة لما اعتبروه مبالغة من الحكومة في استعمال القوة، والحصار الذي فرضته على العاصمة البلجيكية.
فقد اعتبر هذا المخرج أن بلجيكا الآن تواجه رعبا من الجهتين، سببه الإرهاب، وسببه أيضا الجيش الذي يقف في الشوارع والدبابات التي تتمركز في الأماكن العامة وفوقها المدافع الرشاشة، وإجبار الإذاعات على بث الأغاني الكلاسيكية وعدم تناول المسألة الأمنية، إلى جانب غلق المدارس، وهو ما أدى إلى حالة شلل تام في مدينة
بروكسل.
وقال فان دورمال إن الإجراءات الأمنية هي أمر لا بد منه، ولكنها تحولت في هذه الفترة إلى طريقة لتخويف الناس والتضييق عليهم، متهما الحكومة بالتذرع بالتهديدات الإرهابية لتسجيل نقاط في سجالها مع المعارضة، واستعراض قوتها أمام الشعب، وفق قوله.
وذكر فان دورمال أن مدينة بروكسل كانت عبر التاريخ ملاذا للعديد من الهاربين، على غرار الكاتب الفرنسي فيكتور هيغو، والفيلسوف الشيوعي كارل ماركس، لأنها مدينة يسهل فيها الاختباء.
وأضاف أنه يعرف جيدا حي "مولينبيك" الذي كثر الحديث حوله بعد هجمات باريس، ويزوره في كثير من الأحيان، وهو معجب بتعدد الثقافات والتعايش في هذا الحي. ورغم أنه خرج منه حوالي 500 شاب للحرب في سوريا، فإن هذا الأمر لا يغير من نظرته للحي؛ لأن المتطرفين يأتون إلى سوريا والعراق من كل أنحاء العالم وليس فقط من مولنبيك.
وأكد فان دورمال أنه سيواصل القيام بالأنشطة الثقافية في حي مولينبيك، وبالتحديد في المسرح الذي يقع بجانب المسجد الذي كثر الحديث حوله في الآونة الأخيرة، لأنه يعتبر أن ما حدث لا علاقة له بالدين الإسلامي، وهو مرتبط فقط بالغباء، كما يقول.
ويرى المخرج البلجيكي أن المشكلات التي يعانيها البعض، وحبهم للسيطرة والظهور، بالإضافة إلى الحسابات الدولية المتعلقة بالسلطة والحدود والأموال والبترول، هي كلها صراعات يتم خوضها الآن باسم الدين.
وأضاف أن الدين يتم استغلاله للتشريع للحرب، وإقناع الشباب الأقل ثقافة والأقل وعيا بتفجير أنفسهم، من أجل خدمة أهداف أطراف أخرى.
كما وجه هذا المخرج انتقادا كبيرا للحكومة البلجيكية؛ لأنها فرضت التقشف في ميزانية التعليم والثقافة، وكل الأشياء التي تخدم مستقبل البلاد.
واعتبر أن الإسلام في بلجيكا يتطور، والجالية الإسلامية بصدد التطور، ومشكلة الإرهاب تخص الأقلية فقط؛ حيث يعاني بعض الشباب من العزلة، بعد أن انقطعوا عن الدراسة مبكرا، وفشلوا في الاندماج في سوق الشغل، كما أنهم لم يحظوا بدعم من عائلاتهم وأئمة المساجد، وهو ما جعلهم فريسة سهلة لبعض الأطراف الأخرى التي تلاعبت بهم واستغلتهم، في هذه الحرب التي أكسبوها غطاء دينيا.
وشدد فان دورمال على أن
المسلمين في أوروبا لطالما عانوا من صعوبات كثيرة ومن المعاملة السيئة، ولكن الأمور الآن ستصبح أصعب بالنسبة لهم بعد هجمات باريس، كما أن السلطات ستواصل استعراض عضلاتها، رغم أن هذه السياسة لن تؤدي إلى نتائج عملية في مجال مكافحة الإرهاب.