دعت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها النواب البريطانيين إلى رفض المشروع الذي تقدم به رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون، لشن
غارات ضد
تنظيم الدولة في
سوريا، والتصويت بـ"لا" .
وجاء في الافتتاحية: "على النواب قول لا لغارات دون استراتيجية". وقالت إن المهمة الملقاة على كاميرون هي تقديم طريقة موثوقة يحدد فيها السبب الذي سيكون فيه التدخل البريطاني مفيدا لسوريا، وبدلا من ذلك، فقد قدم "جناح مقاتلة سلاح الجو الملكي وصلاة".
وتقول الصحيفة: "هناك تفكير جيد للتعامل مع مسألة جدية، حول ما إذا كان على
بريطانيا توسيع الغارات الجوية لتشمل تنظيم الدولة في سوريا أم لا، وتفكير خاطئ".
وتضيف الافتتاحية أن "التفكير الخاطئ هو التعامل معها من خلال عدسة النقاش الحاد، حول مستقبل حزب العمال، وبالتحديد قيادته. فرغم الدراما الكبيرة، حول السماح لأعضاء الحزب بالتصويت الحر، إلا أن خطر تنظيم الدولة عظيم كي يستخدم لفقط إضعاف أو تعزيز موقف زعيم الحزب جيرمي كوربين".
وتشير الصحيفة إلى أن "السؤال الذي سيطرحه كاميرون يوم الأربعاء أمام النواب يجب أن يكون من نوع آخر. وسيبدأ أولا بالحديث عما إن كانت هناك مصلحة بريطانية حيوية في هزيمة تنظيم الدولة. وثانيا فيما إن كانت الغارات الجوية وسيلة لتحقيق هذه الغاية. وهناك إجماع على السؤال، فلا يوجد نائب لا يرغب برؤية ظهر هذه الحركة القاتلة. ولكن النقاش هو حول الوسيلة، وإن كانت الوسيلة التي اقترحها ديفيد كاميرون فاعلة أم لا".
وتوضح الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن "المبرر للقيام بعمل عسكري أقوى مما يعتقد نقاده. فهذا ليس العراق عام 2003. فمن ناحية لا يقترح كاميرون غزوا شاملا لسوريا. ومن ناحية أخرى يخشى الرأي العام تنظيم الدولة أكثر مما كان يخاف من صدام حسين. وفي هذه المرة هناك شيء يشبه الإجماع الدولي. فالدعوة للسلاح تأتي من فرنسا، حليفتنا التاريخية المقربة، التي عارضت بشكل واضح مغامرة عام 2003. وصحيح أنه عندما نقوم بالغارات على تنظيم الدولة، فإن بريطانيا ستصبح هدفا، مع أن البريطانيين هم الهدف".
وتعلق الصحيفة بأن "هناك مسؤولية على من يريدون استخدام القوة، كما هي العادة، يسقط في الحرب أبرياء وكذلك أعداء، عليهم أن يشرحوا لماذا يعد مقترحهم للضربات الجوية ضروريا وفعالا، وهي مسؤولية كبيرة في ضوء التاريخ الحديث. ومع ذلك فلو قدم كاميرون استراتيجية شاملة وذات مصداقية لإضعاف وهزيمة تنظيم الدولة، لكانت هذه الصحيفة مستعدة للإنصات. فتنظيم الدولة لا يمكن التخلص منه بالأماني. فهذه مشكلة لا يمكن حلها من خلال خنق التمويل الخارجي للتنظيم مثلا".
وتضيف الافتتاحية معلقة على خطة كاميرون: "المشكلة أن كاميرون في الأسبوع الماضي، وخلال ثلاث ساعات في البرلمان، لم يقدم استراتيجية شاملة، فقد اقترح غارات جوية هي في حد ذاتها ليست كافية. فطرد تنظيم الدولة من الرقة والرمادي والموصل يحتاج بالتأكيد إلى قوة، ويعتمد أيضا على وجود القوات البرية. والنموذج هنا استعادة سنجار في تشرين الثاني/ نوفمبر، الذي تحقق من خلال المقاتلات الأمريكية في الجو والبساطير الكردية على الأرض، ولكن كاميرون لم يقدم أي خطة موثوقة للقوات الأرضية، التي يمكن أن تردف القوة الجوية، وحتى لو كانت قوة تدعمها التورنيدو البريطانية".
وتذكر الصحيفة أن "إعلان كاميرون عن وجود 70 ألف مقاتل (معتدل) مستعدون للقيام بالمهمة كان مثارا للسخرية وبشكل واسع. فالرقم على ما يبدو يجمع جماعات مشتتة، لا يمكن أن تشكل قوة متماسكة، وبالتأكيد ليست قوة توازي قوة البيشمركة".
وتتساءل الافتتاحية قائلة: "ما هي الأهداف التي سيقوم الطيران البريطاني بضربها؟ علينا أن نكون واضحين بأن القتلى المدنيين من القصف، الذي شنه التحالف، لا يعادل عشر ما قتله الطيران السوري والجماعات المقاتلة الأخرى وتنظيم الدولة. وقام هذا الأخير بتحويل جل سكان الرقة المدنيين إلى دروع بشرية. واستمع لأصوات السوريين الذين فروا من مناطق تنظيم الدولة، وناشدوا بعدم القصف. فضرب قوافل الشاحنات دون تحذير يعد مشكلة. فتنظيم الدولة يعتمد على السائقين المدنيين. كما أن استهداف المنشآت النفطية يؤدي إلى كارثة بيئية، وكلما نظرت إلى الخارطة بحثا عن أهداف محتملة، فإنك ستجد انتصارات ممكنة لتنظيم الدولة، وتجنيد عدد من المقاتلين لقضيته البغيضة".
وتجد الصحيفة أن "هذا قد يكون مختلفا لو كانت الغارات جزءا من استراتيجية شاملة لدول التحالف. ولكن لا توجد رؤية واضحة عند بريطانيا أو حلفائنا للدور الذي سيؤديه الأسد. ودون هذه الرؤية فسيتوصل السنة في سوريا إلى نتيجة مفادها أن العالم الخارجي عقد صفقة شيطان مع الديكتاتور الذي كان له حظ الأسد في قتل الشعب. فالغضب الذي سيشعر به السنة سيحصن تنظيم الدولة أكثر. وحتى لو تم التخلص من التنظيم، فمن سيحل محله؟".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "على الحكومة البريطانية ألا تتظاهر بأن أيا من هذه الأسئلة سهلة الإجابة، وهي ليست سهلة. ولكن عليها (الحكومة) أن تقدم أكثر من الطيران الجوي والصلاة. ولو جاء كاميرون وقدم للبرلمان استراتيجية واسعة لهزيمة تنظيم الدولة، على الجبهات كلها، ثقافيا وماليا وأمنيا وعسكريا، لكنا منفتحين لهذا النقاش، ولكنه فشل حتى الآن. فسقف المواجهة عال، والرأي العام متشكك أكثر مما كان عليه الوضع قبل العراق. ولكن وكما تبدو الأمور، نعتقد أن على النواب قول لا".