شجبت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها حالة القمع في
مصر. وقالت إن إدارة الرئيس باراك أوباما تواصل تقديم 1.3 مليار دولار مساعدة سنوية للنظام المصري، الذي يقوده عبد الفتاح
السيسي، كون هذه المساعدة ضرورية، في حال واجه حليف بغيض
تنظيم الدولة، الذي أوجد لنفسه فرعا في شبه جزيرة
سيناء.
وتستدرك الافتتاحية بأن"القمع الذي يمارسه السيسي، بما في ذلك الهجمات العشوائية ضد المدنيين في سيناء، يعمل على تقوية التنظيم الإرهابي وليس إضعافه، وهو ما يقود إلى تراجع متزايد للأمن، كما هو واضح من إسقاط الطائرة الروسية في المنطقة".
وتشير الصحيفة إلى اعتقال أحد الصحفيين البارزين، وهو إسماعيل الإسكندراني، وهو صحفي وباحث في شؤون سيناء، وتعاون مع مراكز بحث في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وتم اعتقاله يوم الأحد عندما عاد إلى مصر. لافتة إلى أنه بعد احتجازه لمدة يومين، والتحقيق معه أمرت النيابة باعتقاله؛ بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين و"نشر الأخبار الكاذبة"، وهي التهمة التي يستخدمها النظام لإسكات الصحفيين.
وتعلق الافتتاحية: "في الحقيقة، فإن الإسكندراني ليس عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه واحد من نقادها، والمقالات والأوراق البحثية التي نشرها عن عمليات الجيش المصري في سيناء تقوم على أبحاث دقيقة. وقضى الصحفي البالغ من العمر 32 عاما في هذا العام عدة شهور كونه زميل بحث في مركز (وودرو ويلسون) الدولي للباحثين في واشنطن. كما أنه ينتمي إلى مبادرة الإصلاح العربية ومركزها باريس. ووردت نتيجة أبحاثه لما يجري من أحداث في سيناء في ورقة ذات رؤية متقدمة، نشرت بالإنجليزية العام الماضي، تحت عنوان (الحرب في سيناء: معركة ضد الإرهاب أم تنشئة الإرهاب في المستقبل؟)" .
وتورد الصحيفة نقلا عن الإسكندراني قوله:"استئصال الإرهاب يقتضي تنمية بشرية، تهتم بكرامة الحياة والتماسك الاجتماعي والتعليم والصحة والمواقف الدينية المعتدلة، لكن الواقع يشير إلى أن القوات العسكرية وسياسات الحكومة تسير في الاتجاه الخطأ". ويضيف أن "التصرف البربري، القريب لما تمارسه جماعات المرتزقة المسلحة، الذي عانى منه سكان المناطق الحدودية في سيناء، يقوم بتدمير إمكانية ولادة علاقة محترمة بين مواطني سيناء والدولة".
وتفيد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، بأن"الإسكندراني قدم أفكاره في مؤتمر عقد في تشرين الأول/ أكتوبر، في مدينة برلين، ودعمه مجلس العلاقات الخارجية الألماني، وذلك بحسب أحد المشاركين المصريين فيه. وحاولت السفارة المصرية في العاصمة الألمانية منع المصريين من المشاركة، وحذرتهم من توجيه اتهامات جنائية ضدهم. فعلى ما يبدو ترى السفارات المصرية في الخارج أن من واجبها قمع حرية التعبير خارج البلاد".
وتلفت الصحيفة إلى أنه "في الشهر الماضي اعتقل النظام صحفيا ليبراليا معروفا، وهو حسام بهجت، بعد نشره مقالا حول اتهام ضباط في الجيش بتهمة التخطيط لانقلاب. وأفرج عن بهجت بعد عملية شجب دولية، بما في ذلك احتجاج من الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن كتابا ليسوا مشهورين لا يزالون في الحبس. وذكرت نقابة الصحفيين المصريين أن عددهم 33 صحفيا".
وتبين الافتتاحية أنه "ليس لدى وزارة الخارجية (الأمريكية) ما تقوله حول اعتقال الإسكندراني، حتى عندما وجهنا لها سؤالا. وردا عليه تلقينا بيانا جاء فيه: (نتابع القضية عن كثب، ونواصل عقد حوارات صريحة مع الحكومة المصرية فيما يتعلق بحقوق الإنسان)".
وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالإشارة إلى أنه لا توجد هناك دعوة إلى إطلاق سراح الصحفي، وترى أنه ينبغي أن تكون هناك دعوة للإفراج عنه، مشيرة إلى أنه يجب على من لا يزالون في الإدارة الأمريكية يعتقدون بأن مواصلة الدعم لمصر مثمر، قراءة أوراق الإسكندراني البحثية.