قال المفكر ووزير التربية الوطنية التونسي في حكومة الترويكا السابق، أبو يعرب المرزوقي، إن رئيس حزب
نداء تونس قائد السبسي، قد مهد الطريق لخروج
الاستئصاليين من الحزب، داعيا إياه إلى مصالحة مع الإسلاميين.
وتابع أبو يعرب المرزوقي في مقال نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الجمعة، أن المراقبين "جميعهم يتصور هذا الخروج حدثا مهما، وأن الاستئصاليين إذا خرجوا من نداء تونس سيصبحون قوة سياسية يعتد بها، لكن كلامهم كله غاب فيه ذكر علة هذا الانشقاق الرئيسية وما سيترتب عليه حقا".
وأضاف أبويعرب: "رأيي أن ما سينتج عن خروجهم سيبين لهم أن كل ما يتوهمونه من وزن لجماعتهم لا حقيقة له وأنهم لن يمثلوا قوة سياسية ذات وزن إلا إذا ظل (الدساترة) متفرقين".
وشدد على أن "الاستئصاليين لم يخرجوا طوعا بل أخرجوا كرها بمنهجية (شيوخ) العمل السياسي اللطيف".
وسجل أن نداء تونس يقف بين خيارين متناقضين، بين هدف السعي لتحقيق التوازن السياسي في البلاد وهدف الاستئصاليين،
فالأول لا يتنافى مع الصلح بين البورقيبية والإسلاميين بل هو شرطها، والثاني يلغي كل إمكانية لإخراج تونس من صدام الحضارات الداخلي.
واعتبر أن "الصلح بين البورقيبية والإسلاميين يعني تحرر الصفين من التطرفين باسم التأصيل وباسم التحديث".
وأوضح المرزوقي أن السبسي يعلم أن معركة خامسة مع الإسلاميين ستؤول إلى حرب أهلية لا تتحملها تونس، اثنتان قبل الاستقلال (ضد الثعالبية واليوسفية)، واثنتان بعده (ضد النهضة من بورقيبة وابن علي)، والخامسة هي التي يريدها الاستئصاليون والهدف منها القضاء على عدويهما، أي الدساترة والإسلاميين".
وتابع أن السبسي "يعلم أن هذه المعارك كلها خسرها خصوم الإسلاميين في المدى الطويل حتى وإن بدو قد ربحوها في المدى القصير، وهو يعلم -وهذا يحسب له شخصيا أن خوض هذه المعركة حتى لو سلم لخصومه الذين يستأنسون بتجربة السيسي في مصر بأنها مربوحة- أنها ستكون طويلة لأن الجيش والأمن التونسيين ليسا مثل ما يوجد في مصر".
وأفاد: "لأن الدولة ليس لها شروط القيام بهذه المهمة بسبب قلة الموارد، فما حصل في الجزائر كان ممكنا لأن الجزائر يمكن ألا تفلس حتى لو توقف العمل (البترول والغاز) بخلاف تونس التي مواردها كلها ثمرة العمل وليس المواد الخام".
وزاد أن "المعركة لم تعد بين شقين في الحزب بل بين مشروعين اختار أفضلهما لتونس وطنيا وله شخصيا، استئصالي يؤدي إلى حرب أهلية، وتصالحي يخرج تونس من مآزقها".
وأضاف: "ينبغي أن نفهم علة العجلة في سلوك الاستئصاليين، إنهم مستعجلون لأن أي نجاح في طريق المصالحة سيفقدهم السيطرة على النداء ومن ثم كل أمل في الخلافة، ولو لم يكونوا خائفين من نجاح المصالحة بين الدستوريين والإسلاميين لصبروا ولهادنوا السبسي حتى يستفيدوا منه في السيطرة على مقاليد الدولة".
وزاد: "لقد دفعهم إلى ما يريد، فرض عليهم عزل أنفسهم بل أكثر من ذلك هو الآن سيستعمل خروجهم ولكن في الاتجاه المقابل لدخولهم، في المرة الأولى استعملهم للوصول إلى الحكم وتحقيق التوازن في المسرح السياسي التونسي، والآن سيستعملهم لتوحيد الحزب البورقيبي الحقيقي ليصبح المسرح مؤلفا من قوتين إسلامية وبورقيبية".
وتساءل أبويعرب: "هل يفكر حقا في الصلح بين فرعي الحركة الوطنية أم مازال يناور، كما فعل في المرحلة السابقة، وهو ما قد يؤدي إلى نكبة في تونس إذا فشل التدارك؟ هل العمل الحالي مع الإسلاميين سيتواصل أم أنه سيكتفي ببناء الحزب الدستوري الجديد ثانية ويعود إلى الحرب عليهم دون أن يصدق في تحقيق المصالحة بحق؟".
وختم مقاله بأن علاقة السبسي "بالاستئصاليين حسمت ولن ينجحوا حتى لو مولهم علي بابا".