نشرت صحيفة ليسبريسو الإيطالية؛ تقريرا حول الدوافع التي تحرك مقاتلي
تنظيم الدولة، وقالت إن سر نجاح هذا التنظيم في استقطاب أكثر من 30 ألف مقاتل أجنبي، يعود أساسا إلى قدرته على إقناع الشباب المهمش بقدرته على تحقيق أمنياتهم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدراسات التي أجريت حول استقطاب تنظيم الدولة لشباب أوروبا وشمال أفريقيا، مكنت من تصنيف دوافع هؤلاء الشباب إلى تسعة أصناف، بحسب الرغبات التي جعلت كل واحد منهم يتخلى عن كل شيء ويلتحق بهذا التنظيم.
وأضافت أن فهم هذه الدوافع أصبح الشغل الشاغل للأجهزة الأمنية الأوروبية، حتى تتمكن من التعامل مع ظاهرة سفر شبابها نحو سوريا والعراق، وتكون مستعدة للتعامل معهم في حال عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، في ظل تزايد المخاوف من مخططات تنظيم الدولة لنقل الحرب إلى أراضي هذه الدول.
وذكرت الصحيفة أن مجموعة "ستوفان غروب" الأمريكية؛ قامت بتجميع وتحليل عدد كبير من الروايات والشهادات، المأخوذة من أشخاص عادوا من صفوف التنظيم أو فشلوا في السفر إلى هناك. وبالاستعانة بتقارير وتحليلات خبراء وباحثين آخرين، تم تصنيف الأشخاص المتأثرين بدعاية تنظيم الدولة إلى تسعة أنماط.
وبحسب الصحيفة، فإن النوع الأول هم أولئك الذين يبحثون عن مكانة مرموقة وعن الشعور بالأهمية والتقدير، حيث إنهم يريدون تحسين مكانتهم بين الناس، ويبحثون عن اعتراف بأهمية دورهم في تحقيق إنجاز ما، كما أن فكرة تقاضي مرتب داخل التنظيم تجتذبهم.
أما النوع الثاني، فهم أولئك الذين يبحثون عن هوية، وهم الذين يشعرون بالعزلة والإقصاء داخل مجتمعاتهم، ويشعرون بأنهم غرباء عن محيطهم، ولذلك يبحثون عن هوية جديدة داخل مجتمع جديد. والخطاب الإسلامي لتنظيم الدولة يشكل فرصة لهذا الشباب التائه، لاكتساب هوية دينية لا تعترف بالاختلافات والحدود.
وأشارت الصحيفة إلى أن النوع الثالث يلتحق بتنظيم الدولة بحثا عن الانتقام؛ إذ يعتبرون أنفسهم جزءا من المجتمع الإسلامي الذي يعاني من الاضطهاد ومن جرائم الدول الغربية.
والنوع الرابع هم أولئك الذين يبحثون عن المغفرة، حيث إنهم عاشوا حياة المجون واللهو، ويشعرون بالندم إزاء ما ارتكبوه من ذنوب، وتنظيم الدولة يقدم لهم وعدا بتخليصهم من كل ذنوبهم، ودخولهم الجنة.
كما يوجد أشخاص يقاتلون في صفوف التنظيم بدافع من الشعور بالمسؤولية، حيث إنهم يعتقدون أن الانضمام لهذا التنظيم سيمكنهم من توفير الدعم مادي ومتطلبات الحياة، لعائلاتهم وأحبائهم.
وبينت الدراسات أيضا أن البعض يسافر نحو سوريا والعراق بحثا عن المغامرة، وطلبا لحياة الإثارة والتشويق والمخاطرة. كما يوجد أشخاص يلتحقون بالتنظيم لأنهم يريدون فرض رؤيتهم الدينية، وتطبيق ما يعتبرونه الشريعة الصحيحة على بقية أفراد المجتمع الذين يعيشون فيه. وهناك من يتخذون هذا القرار؛ لأنهم يبحثون عن العدالة، بسبب الظلم الذي عايشوه في حياتهم، وهنالك أيضا من يبحثون بكل بساطة عن الموت.
ولاحظت الصحيفة أن الدوافع التي تجعل الشباب يلتحق بتنظيم الدولة تكون دائما شخصية، ومتعلقة بالتجارب التي عاشها الإنسان وبآرائه الشخصية، وهي غالبا لا علاقة لها بالإسلام أو بالسياسة، وبالتالي فإن دور الإسلام في هذه الظاهرة هامشي، وليس هو السبب الرئيسي لالتحاق الشباب بالقتال في سوريا والعراق، حيث إنه "مجرد عباءة يرتديها هؤلاء لإخفاء مشكلاتهم الاجتماعية ودوافعهم الشخصية"، بحسب الصحيفة.
وذكرت أيضا أن الشباب الأوروبي ينظر إلى مناطق سيطرة تنظيم الدولة في سوريا والعراق على أنها "أرض الحصول على الانتماء، والمغامرة والاحترام"، التي يمكنهم فيها تكوين شخصية جديدة وبدء صفحة جديدة والتطلع للمستقبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحيط أيضا يلعب دوار هاما في تفشي الفكر المتطرف؛ حيث توجد أحياء وضواحي وقرى تسمى "نقاطا ساخنة"، تنتشر فيها المجموعات العنيفة والمتشددة، ويمكن نقل هذه الأفكار من جيل إلى آخر بسهولة، على غرار مدينة درنة الليبية، التي ينتشر فيها تهريب السلاح والمهاجرين والمخدرات، ومدينة بن قردان في الجنوب التونسي، بالإضافة إلى أحياء مدينة الدار البيضاء المغربية، وحي مولنبيك في العاصمة البلجيكية بروكسيل، ومنطقة "ليسلبي فريدريكشتاد" في النرويج.
وأضافت الصحيفة أن الدعاية في هذه النقاط الساخنة لا تتم عبر شبكة الإنترنت، وإنما بشكل فردي من شخص إلى آخر، ومن منزل إلى منزل، بين الأصدقاء والإخوة والجيران، مثلما حدث مع الأخوين عبد السلام، اللذين شاركا في هجمات باريس.