تعد الطرق والمعابر التي يسلكها أهالي محافظة
الأنبار النازحين الذين فرّوا في وقت سابق بالعشرات من مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في مدينتي الرمادي والفلوجة، أماكن خطيرة على حياتهم، إذ تنتشر حواجز
المليشيات الشيعية المسلحة بكثرة على طول تلك الطرق خاصة المؤدية إلى معبري الرزازة والرحالية الحدودين مع محافظة كربلاء، بعد إغلاق الطرق الأخرى المؤدية لبغداد.
ويروي فلاح رداعة الفهداوي (38 عاما)، وهو أحد الناجين بالاختطاف لكنه تعرض للإصابة، كيف "قامت مليشيات مسلحة تنتمي إلى ما يسمى مليشيا حزب الله الجناح العسكري
العراقي باختطاف الموطنين السٌنة الهاربين من داخل مدن الرمادي والفلوجة باتجاه كربلاء وبغداد، لافتا إلى أن عددهم تجاوز 30 عائلة".
وقال الفهداوي لـ"
عربي21" إن من بين المختطفين من "اقتادته المليشيات إلى أماكن مجهولة، ولا أحد يعلم مصيرهم، ولا يمكن أيضا الوصول إليهم بسبب وعورة المنطقة الصحراوية"، مؤكدا أن بين المختطفين نساء وأطفال حديثي الولادة.
وأشار الفهداوي، الذي يرقد الآن في أحد مشافي بغداد الخاصة لتلقي العلاج بعد تعرضه لإطلاق نار، إلى أن عدة رصاصات اخترقت جسده خلال محاولته الفرار، وأن مليشيا حزب الله فشلت باعتقاله مع عدد من الرجال والشبان أثناء الدخول معبر الرزازة.
وتابع قائلا: "من بين النازحين المأسورين من مضى على اختطافه أشهر، ولا تتم عملية إطلاق سراحهم إلا بعد إجراء اتصالات ومفاوضات مع ذويهم مقابل دفع مبالغ مالية ضخمة جدا"، كاشفا عن تنفيذ المليشيات سلسلة من الإعدامات لعائلات بأكملها خاصة الأسر النازحة من مدينة الفلوجة، بحسب قوله.
أما الحاجة أم أركان، التي خطف أولادها الأربعة، على أيدي مليشيا حزب الله التابع لمليشيات الحشد الشعبي الشيعية، عندما كانوا في طريقهم باتجاه معبر الرحالية الذي يربط محافظة الأنبار بمحافظة كربلاء، فتقول لـ"
عربي21": "لم تمض 20 دقيقة بعد أن سلكنا الطريق النائي حتى تفاجأنا بمجموعات ملثمة تقيم الحواجز الوهمية على طول الطريق، ويرتدي عناصرها الزي المدني، أرغمونا جميعا بقوة السلاح على النزول من السيارة، واقتادونا سيرا على الأقدام لمسافات طويلة".
وقالت أم أركان إن الخاطفين كانوا يصرخون بصوت عال: "هل أنتم نازحون من الرمادي"، مضيفة: "حينها بدأت أصرخ وأتوسل إليهم أن يتركوا أولادي أحياء. حاول محمود ابني الإفلات من بين أيديهم، لكن أحدهم صوب سلاحه نحو رأسه وهدده بالقتل إذا قام بأي حركة، ما أجبره على الاستسلام والذهاب مع الخاطفين بعد أن عصبوا أعينهم جميعا".
لكن مدة اختطاف أم أركان لم تتجاوز الساعة، حيث أخلت المليشيا سبيلها دون الإفراج عن أبنائها. وتضيف: "سرقوا السيارة، والمصوغات الذهبية، ومبالغ كبيرة من المال، وبقيت وحدي في الصحراء، جلست أذرف الدموع، ليصادف مرور عائلة أخذوني معهم وعدنا أدراجنا إلى الرمادي"، وفق قولها.
من جانبه، قال الشيخ محمد العسافي، القيادي في "الحشد العشائري" في محافظة الأنبار، في حديث خاص مع "
عربي21"، إن مليشيا حزب الله ليست الوحيدة المتهمة بجرائم اختطاف النازحين، فهناك فصائل متعددة داخل صفوف الحشد الشعبي أيضا مشاركة بهذه الجرائم.
وأضاف: "منذ أيام بدأنا بالتحراك وبمعية شخصيات برلمانية وسياسية شيعية للتوسط لدى زعماء المليشيات للضغط على قادة مليشيا حزب الله لإطلاق سراح عدد من النازحين".
يشار إلى أن النازحين الهاربين على الطريق الواصل إلى المحافظات كربلاء لا يتعرضون للاخطاف والمساومة فحسب، بل يتعرضون للإذال والتضييق الأمني المتعمد بعد منع حكومة كربلاء نازحي الأنبار من دخولهم إليها، ما دفعهم للبقاء لأيام على مشارف معابر المحافظة، واضطر بعضهم للسكن في خيام تحت وطأة البرد القارس، وآخرون ظلوا في العراء داخل سياراتهم.