مع أن لفظتَي الروسية والسورية المتشابهتين تحتملان خطأ التبادل العفوي نتيجة سبق لسان أو زلّات مطبعية، إلا أن الأمر ليس كذلك، فقد كان الرئيس فلاديمير
بوتين يتحدث فعلا عن
سوريا وليس عن بلاده "الستاندرد" حين حذّر أنقرة من انتهاك الأجواء السورية. علما أنه أعلن في نفس المقام رفضه أن تُقرّر أي قوة خارجية من سيحكم سوريا، دون أن يوضح ما إذا كان يقصد برّ سوريا أو أجواءها.
وكأنه يريد أن يقول "أنا لست قاسم سليماني (قائد العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا) ولست بشار
الأسد يا أردوغان"، ردد بوتين: "إذا كان الطيران التركي ينتهك أجواء سوريا في وقت سابق، فعليه الآن أن يتحسب كثيرا". وخلال مؤتمره الصحافي السنوي الموسّع أمس الخميس شدد بوتين على "استحالة التوصّل إلى اتفاق مع القيادة التركية الحالية أو آفاق للتعاون معها في المجال السياسي".
وإذ قرّر أن "الفكر المتطرف الذي يقلق
روسيا ينتشر في
تركيا" كرر الرئيس الروسي أن ما وصفه بمشكلة "تدفق المسلحين تحديدا دفعت موسكو لإلغاء نظام السفر دون تأشيرات بين روسيا وتركيا"... لكن بوتين لم تَلزمه سوى بضع دقائق أمام نفس الميكروفون حتى يردد كلاما دبلوماسيا مختلفا فقال: "إن موسكو لا تعتبر تركيا دولة معادية على الإطلاق على الرغم من إسقاطها القاذفة الروسية ما شكل عملا عدائيا ضد روسيا".
بوتين الذي كان يخاطب شعبه المتذمر من سياساته الاقتصادية ركز على أن حربه في سوريا بدون كلفة إضافية: "إننا نوجّه جزءا من الأموال المخصصة للتدريبات العسكرية لتمويل العملية في سوريا. ومن الصعب أن نخترع طريقة أفضل من ذلك لتدريب جنودنا. ومن حيث المبدأ يمكننا أن نتدرب هناك لفترة طويلة، دون أن يضر ذلك بالميزانية".
بوتين الذي أقسم في سره وعلانيته على أن يمنع أي تدخل أجنبي في سوريا قال: "إن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند هو الذي بادر إلى طرح فكرة توحيد جهود قوات الجيش السوري والمعارضة من أجل محاربة داعش، ونحن ننجح جزئيا في ذلك.". كما أعلن تأييده المبادرة الأمريكية لإعداد قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا.
وعلى وقع دقّات علماء الاقتصاد الروس ناقوس الخطر على البنية الاجتماعية الاقتصادية لبلادهم نتيجة فشل السياسة الخارجية، رحب بوتين بتأسيس المملكة العربية السعودية تحالفا عسكريا إسلاميا لمواجهة الإرهاب، وأشاد بتطور العلاقات الثنائية بين موسكو والرياض حيث "يدور الحديث بيننا عن برنامج تعاون عسكري متكامل بمليارات الدولارات".
وشدّد بوتين على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية، فيما يرى كثير من المحللين الروس أن الحل الحقيقي لمعضلاتهم الاقتصادية والسياسية تكمن بالانكفاء إلى الشأن الداخلي وعدم الوقوع مرة جديدة في أفخاخ الاستدراج الأمريكي إلى وحول العالم الإسلامي.
بوتين ليس الأسد وليس سليماني... ولن يكون.