يكرر النظام الانقلابي بمصر، أخطاء نظام مبارك بكل حذافيرها، ويصر على أنه نظام مستقر، وصلب الأركان، ومتماسك الأطراف، متجاهلا حقيقة تأزم جميع الملفات بيده، وأنه يحكم من على سطح صفيح ساخن، وفق عدد من المحللين والسياسيين.
ويؤكد مراقبون أن إنكار النظام حالة عدم الاستقرار؛ يدلل على أنه يُحكم من خلال الشعارات، لا من خلال الإنجازات على أرض الواقع.
رهان خاسر
وقال الباحث والمفكر السياسي، محمد عصمت سيف الدولة، إن "طبيعة المشهد اليوم تتلخص في أن
الثورة المضادة تمكنت من
ثورة يناير، وموازين القوى لا تزال ضد القوى الوطنية، التي ما زالت متمسكة بمشروع وحلم
25 يناير".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "النظام يراهن على أدواته القمعية، وليس على إنجازاته، وهذا الرهان خاسر على المدى الطويل"، مبينا أن "الأوضاع قد تؤول إلى ثورة بمجرد اكتمال أسبابها، وأدواتها، وحلول وقتها".
وأكد أنه "بعد هزيمة الثورات؛ تكون الدولة البوليسية في ذروتها"، مستدركا بأن هناك "متغيرا رئيسا بين يناير المقبل، ويناير الفائت، وهو اختفاء جزء كبير من الذين راهنوا على 30 يونيو، ثم أقصتهم الأجهزة الأمنية، فهؤلاء ينزعون الغطاء السياسي عن النظام الحالي".
وبشأن قدرة النظام على الصمود والاستمرار؛ ذهب سيف الدولة إلى أن هناك تفاعلا نحو التغيير، ولكننا لا نعرف الوقت الذي سوف يحتاجه ليحدث، كما أنها لم تتبلور بعد حالة الغضب عند النخب السياسية، إلا أن المؤشر في صالح روح الثورة وهدفها وقواها".
الإنكار لا يفيد
بدوره؛ قال محمد يوسف، عضو المكتب السياسي لحركة 6 إبريل - جبهة ماهر، إن "25 يناير ليست بعيدة عن الحدوث، وقد تحدث في أي وقت"، موضحا أن "ما نحن فيه ينذر بحدوث ما هو أسوأ، بالرغم من ترويج النظام لغير ذلك، تماما كحال الأنظمة الماضية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "محاولة النظام إنكار حالة الغليان أسفل منه؛ ستجعله أول ضحاياها، وقد أكدنا في الحركة أن ثورة الشعب المقبلة ستكون مختلفة عن كل المرات الماضية، وعواقبها وخيمة، لكن النظام مستمر في إنكار كل ذلك".
وأكد أن "أي حديث عن الاحتفال بذكرى يناير من قبل النظام؛ هو ضحك على الذقون، ومحاولة لسرقة الحدث وتسويقه لصالحه، وللدفع ببعض المؤيدين للنزول والاحتكاك مع الآخرين".
وشدد يوسف على أن "
السيسي فقد الهالة التي كانت حوله، والناس أدركت أنه ليس بالرجل الحكيم، والمبدع، والفيلسوف، كما روجت له وسائل إعلامية"، مستشهدا بـ"جرأة الناس على انتقاده في كل وقت ومكان، وبات التذمر سيد الموقف".
النظام خائف
من جهته؛ أكد المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، أن "ممارسات النظام تنبئ بأنه خائف مما هو قادم".
وقال لـ"
عربي21"، إن "خوف النظام من القادم يتجلى في دفع أبواقه الإعلامية، ومنابر مشايخه، وأقلام كتابه، للتحذير من الخروج في
ذكرى الثورة، وشن حملات تخوين ضد كل من يدعو للنزول، بدعوى الحفاظ على الدولة".
وأكد أبو زيد أن "النظام ليس بمأمن من حدوث أي غضبة شعبية ضده، ولكن لا يعلم أحد مدى قدرتها -إن حدثت - على الإطاحة به، وبالرغم من توافر أسباب قيام الثورة؛ فإنه لا يمكن استنساخ ما جرى قبل خمس سنوات بتاريخه وتفصيله".
تكلفة باهضة
أما الناشط السياسي، والعضو السابق للحملة الانتخابية لعبدالفتاح السيسي، حازم عبدالعظيم، فرأى أن "هناك ما يدعو لحدوث ثورة، ولكن الوضع مختلف عن يناير 2011، فنظام السيسي مختلف عن نظام مبارك؛ لأنه هو الأساس، ونظام مبارك كان القشرة"، على حد قوله.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "المؤسسة العسكرية، والقيادات السياسية من جنرالات الجيش؛ هم الأساس في الحكم، وبالتالي فإن النزول أمام هذا النظام ستكون تكلفته باهظة؛ لأنه سيكون قمعيا جدا"، مؤكدا أن "كل من ينتمي إلى هذه الثورة، إما مطارد، أو مسجون، أو هارب، أو ممنوع من الظهور، أو خارج
مصر".
واعتبر عبدالعظيم أن "إعلام أجهزة الدولة ومخابراتها؛ لا يزال ينكر أن شعبية السيسي في تراجع، فالتركيز على مشروعات قومية لا طائل من ورائها، واستهلكت أموالا ضخمة؛ لم تنعكس على المواطنين، ومن انتخب السيسي لم يُحقَّق له شيءٌ على المستوى الاقتصادي".