تتواصل أعمال
الحفريات تحت
المسجد الأقصى بحسب تأكيدات من مختصين، في ظل دخول المستوطنين إلى ساحات المسجد الأقصى، وكان آخرها اقتحام مجموعة من المستوطنين، صباح الاثنين، باحات المسجد الأقصى من جهة
باب المغاربة تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال.
وقال عضو الهيئة الإسلامية، والمختص بشؤون القدس والانتهاكات جميل حمامي، إن قوات الاحتلال مستمرة ومتواصلة في الحفريات تحت المسجد الأقصى ومتواصلة في خططها واقتحاماتها، "وهم ماضون في تغيير الواقع بشأن المدينة المقدسة، ولم يتغير شيء على أرض الواقع، وكل التصريحات والوعود التي نسمعها من المسؤولين الإسرائيليين لوقف الحفريات تتصف بالكذب الصريح والواضح، واتخذوا قرارا جديدا ببناء كنيس جديد".
وأضاف: "جهود الحفريات مدعومة من حكومة الاحتلال المتطرفة التي تسعى لتغيير واقع القدس. سابقا كانت حكومات الاحتلال تدعي أن المتطرفين قلة، أما الآن فالتطرف ترعاه، خاصة في موضوع الحفريات والاستيطان في القدس، والحكومة الإسرائيلية قررت أن تخدم هذه القضية وتدخلها في أهم قضاياها، وتعتبر تهويد الأقصى من أهم القضايا التي تتبناها على مستوى الوزارات وغيرها، ويستغلون أي فرصة للاستمرار بالحفريات".
ونوه إلى أن الاحتلال يستغل انشغال وسائل الإعلام بما يحدث في الضفة لتسريع الحفريات والمخططات، وبرأيه "الإعلام غافل عن هذه القضايا منذ عام 1967، ولم تتأثر كثيرا لأن الجمعيات مثل اليونسكو وغيرها لا تريد أن تغضب إسرائيل، والإسرائيليون لا يغفلون عن الحفريات، هم يستغلون هذه النقطة (ما يجري في الصفة) لإبعاد أنظار الناس عن قضية الحفريات".
مخططات تتواصل لتهويد الأقصى
بدوره قال الكاتب المختص بشؤون القدس، راسم عبيدات، إن الاحتلال يحاول رفع القدسية عن ساحات المسجد الأقصى لكي يحولها إلى أماكن عامة ويسيطر على هذه الساحات، وبالتالي يقلل مساحة المسجد الأقصى.
وأضاف أن الاحتلال لا يحاول فقط السيطرة على ساحات المسجد الأقصى وإنما أيضا يحاول اقتحام ساحته واستمرار الحفريات تحته بهدف هدم المسجد.
وأوضح أن الحفريات والأساسيات في الجهة الغربية مازالت مستمرة ومهددة هذه الجهة في أية لحظة بالانهيار، "نحن نرى أن السكة الحديدية ستستمر سواء في حائط البراق أو الجهة الغربية، كذلك عمليات حفر تجري تحت المسجد الأقصى والتي تهدد أساسيات المسجد الأقصى، كل هذه الإجراءات الهدف منها عملية السيطرة على المسجد الأقصى في مقدمة عملية التقسيم الزماني والمكاني".
ووصف هذه الحفريات بالخطيرة، وقال: "ما يجري من حفريات تحت المسجد الأقصى هي مسألة في غاية الخطورة، حقيقة تهدد المسجد الأقصى وأساسياته، وبالتالي فانهيار المسجد الأقصى سيفتح مبررا لسيطرة الاحتلال عليه. عمليات الدخول إلى المسجد الأقصى واقتحامه من قبل المستوطنين تجري من باب المغاربة المستولى عليه من قبل قوات الاحتلال، الحفريات تقوم بها ما يسمى بسلطة الآثار الإسرائيلية بالتعاون مع وزارة السياحة وتشديد الاحتلال".
وفي ظل انتشار مصطلح "التقسيم الزماني والمكاني" أوضح عبيدات: "يجري الحديث الآن عن عمليات التقسيم الزماني والمكاني وتعويد الناس على تقبل عملية اقتحام المسجد، بالتالي لم يتوقفوا عن عمليات الاقتحام حتى يتم فرض الأمر الواقع كما جرى في الحرم الإبراهيمي في منطقة الخليل، لهذا فعملية التقسيم هي عملية جارية على أرض الواقع ويحاولون فرضها بالمسجد الأقصى".
حفريات قديمة جديدة
أما الخبير في شؤون القدس، زهير الدبعي، فقال إن "الحفريات تكاد تكون غير مرئية لكنها جدية وحقيقية وخطيرة. اقتحامات المستوطنين العنصريين للمسجد الأقصى مرئية وخطيرة جدا، وبالتالي أصبح التركيز على اقتحامات المستوطنين".
وأضاف الدبعي: "الهبة الشعبية وإن كان لها احترامها ومكانتها لكنها ليست كافية لإسقاط مخططات الاحتلال، لكن يبدو أن الأمريكان لديهم أولويات في المنطقة ولا يريدون تضخيم الأوضاع أكثر مما يجري الآن فضغطوا قليلا على الإسرائيليين، لكن الضغوطات الأمريكية على الإسرائيليين ليست حقيقة وليست دائمة، حين تتغير الأوضاع وتتغير قرارات أمريكا تجاه الوضع".
ونوه إلى أن الصراع حول المسجد الأقصى المبارك قديم منذ احتلال "اللمبي لمدينة القدس 1917، حيث حاول المشروع الصهيوني أن يغري المواطنين بشراء حائط البراق بمبلغ كبير، بعد ذلك حاول أن يغير الوضع القائم في حائط البراق الذي كان عبارة عن رصيف مقابل هذا الحائط يسمح لليهود أن يأتوا ويصلوا فيه بدون أي معيقات أو شتائم أو أية إجراءات أخرى".
وأشار إلى أن هذه الحفريات "منذ العام 1967 وحتى اليوم لم يترتب عليها إيجاد أي حجر أو حفنة تراب أو أي شيء يدل على وجود يهودي في المنطقة، وكلما حفروا أكثر، وجدوا آثارا للمسلمين تعود لعصور متنوعة، وإما آثارا لليونانيين أو غيرهم من الغزاة الذين غزوا
فلسطين واحتلوها في الحقب الأخيرة".
وتابع أن "المسجد الأقصى والمنازل المجاورة له تعرضت للتصدع وبالتالي أصبحت معرضة للانهيار، وتشكل خطرا على ساكنيها وعلى غيرهم من المصلين، لأن هذه الحفريات مستمرة، وأصبحت عبارة عن مدينة أسفل مدينة".
وذكرت أبحاث تاريخية أن الحفريات في فلسطين بحثا عن الآثار بدأت لأول مرة في النصف الثاني من القـرن التاسع عشر، إلا أن النتـائج كانـت مقرونـة بفرضيات خيالية غير دقيقة ومتضاربة بعضها مع بعض.
وأول حفرية تمت في القدس كانت في سنة 1863م من قبل بعثة فرنسية برئاسة عالم الآثار (ديسولسي) الذي اكتشف "مقابر الملوك" (kings tombs)، خارج بلدة القدس القديمة، وادعى أنها ترجع إلى عصر الملك داود، وكان فيها مخططا باللغة الآرامية نقله ديسولسي إلى متحف اللوفر في باريس.
وسارع الإسرائيليون إلى إجراء حفريات أسفل المسجد الأقصى وحوله بعد احتلال كامل للقدس عام 1967، بزعم البحث عن هيكل سليمان.