هل هذه هي بداية النهاية لتنظيم الدولة في
العراق وسوريا؟ تساءل المحلل كون غوغلين في صحيفة "ديلي تلغراف"، وجاء سؤاله في ضوء انسحاب مقاتلي
تنظيم الدولة من مدينة
الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار.
ويلاحظ الكاتب أن الجيش العراقي أعلن سيطرته على المدينة، بعد فترة قصيرة من بث رسالة من زعيم تنظيم الدولة أبي بكر
البغدادي. مشيرا إلى أن إعلان الحكومة العراقية هو الأهم في عام 2015، بعد النكسة والإهانة اللتين تعرض لهما الجيش، عندما نجح مئات من المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة بهزيمة ودفع قوات مدربة تدريبا جيدا. وهو ما كان، كما يقول الكاتب، نكسة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي نجح قبل ذلك بشهر، بمساعدة من المليشيات المدعومة من إيران، باستعادة مدينة تكريت.
ويشير التقرير إلى أن "تحرير" تكريت كان مقدمة لعملية عسكرية أهم، وهي "تحرير" الموصل، التي سيطر عليها التنظيم في حزيران/ يونيو عام 2014. مستدركا بأن الطريقة التي سيطر فيها التنظيم على الرمادي، "حيث قام مئات من المقاتلين الجهاديين بهزيمة قوة ذات تدريب أفضل وأحسن، هو ما وضع التفكير بتحرير الموصل جانبا. كما أن أداء القوات العراقية الفقير في الرمادي، أثر على ثقة قادة التحالف بقدرتها على أخذ المعركة إلى تنظيم الدولة. وعليه فقد تم وضع الخطط التي رسمت بعناية لتحرير الموصل على الرف، وتم التركيز على إعادة بناء القدرات العسكرية لقوات الأمن العراقية".
ويرى غوغلين أنه في الحملة المعقدة لتدمير تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا "توصل قادة التحالف الدولي إلى أهمية وجود الإرادة القتالية لدى القوات الأمنية العراقية لقتال تنظيم الدولة، الذي يتميز مقاتلوه بالدافعية القتالية، وتتوفر لهم المعدات العسكرية الجيدة". لافتا إلى أنه في حالة تم التخلص من تهديد الجهاديين للعراق، فإن هذا سيكون مقدمة لشن هجوم يتم من خلاله سحق تنظيم الدولة في
سوريا.
ويعلق الكاتب قائلا إن "خيار (العراق أولا)، كما يحب بعض قادة التحالف الإشارة إليه، أدى بالمستشارين العسكريين الأمريكيين والبريطانيين إلى تركيز الجهود على إعادة بناء قوة قوات الأمن العراقية، لدرجة يوفرون فيها المكون الميداني البري المهم؛ من أجل أن تحقق الحكومة العراقية هدفها الطويل الأمد لاستعادة السيطرة على كامل البلاد من المتشددين الإسلاميين".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحكم على هذه الاستراتيجية ونجاحها يمكن من خلال النظر للعملية المشتركة بين قوات الأمن العراقية وقوات التحالف، التي تمت من خلالها استعادة مدينة الرمادي، فربما وجد التحالف الآن النسخة المناسبة التي يمكنه من خلالها هزيمة تنظيم الدولة، وهو تعاون يبشر بمكاسب مهمة في عام 2016.
وتشير الصحيفة هنا إلى النقد الذي يوجه لاستراتيجية قوات التحالف في سوريا، حيث يشير النقاد إلى غياب قوات برية على الأرض هناك، تقوم باستغلال الهجمات الجوية التي تشنها طائرات التحالف على مواقع تنظيم الدولة. مبينة أنه في عملية الرمادي تم التصدي لهذا القصور، من خلال قوات الأمن العراقية، التي استفادت من الغارات الجوية الفعالة للطيران الأمريكي والبريطاني على مواقع تنظيم الدولة، وقامت بمداهمة قلب المدينة، ورفعت العلم العراقي على المجمع الحكومي.
ويرى غوغلين أن التقدم قدم صورة لا معنى لها لخطاب أبي بكر البغدادي في اليوم الثاني لأعياد الميلاد، حيث تحدث متفاخرا بأن قوات التحالف لن تتجرأ على إرسال قواتها ضد قوات التنظيم.
ويستدرك الكاتب بأنه "على خلاف هذا، فمع بدء عام 2016، أصبح تنظيم الدولة في حالة دفاعية في كل من العراق وسوريا، حيث زادت وتيرة الهجمات الجوية، ويرجع جزء من ذلك للتصويت في مجلس العموم على مشاركة الطيران البريطاني في شن غارات على سوريا، وهو ما أدى إلى تدمير تجارة تهريب النفط المربحة التي يقوم بها التنظيم".
ويقول غوغلين: "السؤال الكبير هنا يتعلق فيما إذا كان النجاح العسكري يمكن أن يوسع لإلحاق هزائم أخرى بالتنظيم في سوريا وكذلك في العراق. فالموصل التي تعد ثاني كبرى المدن العراقية، ويعيش فيها 1.5 مليون، تعد تحديا أكبر من الرمادي. ويخشى قادة التحالف من أن المعركة المقررة في خريف العام المقبل ستشمل على حرب شوارع، يقوم فيها مقاتلو التنظيم باستخدام السكان المدنيين دروعا بشرية".
ويعلق الكاتب على تصريحات حيدر العبادي، الذي وعد باستعادة المدن العراقية كلها من يد تنظيم الدولة في نهاية عام 2016، قائلا إن هذا ضروري من أجل تحقيق هدف التحالف في سوريا التي يعد فيها الوضع أكثر تعقيدا.
ويفيد التقرير بأن القوى السنية التي تعمل في سوريا مهتمة أكثر بمحاربة بشار الأسد وليس قتال تنظيم الدولة. وقد أجبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على التراجع عن زعمه بوجود 70 ألف مقاتل معتدل جاهزين لمحاربة الجهاديين في الرقة.
ويقترح غوغلين حلا، وهو عمل دول التحالف مع التحالف الذي أعلنت عنه السعودية، ويضم 34 دولة لمواجهة الإرهاب الإسلامي. فحتى هذا الوقت ترددت تركيا والسعودية بنشر قواتها في سوريا.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أنه في حالة إقناع الدول السنية بأداء دور فاعل، فعندها ستكون هناك فرصة لهزيمة تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا.