نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا، قالت فيه إن
القذافي حذر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني
بلير، بأنه إن سمح لنظامه بالسقوط، فسيهاجم الإسلاميون أوروبا، بحسب نصوص المكالمات الهاتفية التي تم نشرها حديثا.
ويشير التقرير إلى أن توقعات القذافي وردت في مكالمتين هاتفيتين مع بلير في شباط/ فبراير 2011، قبل عدة أسابيع من بدء التحالف بضرب قوات القذافي، وقبل أن يقبض على القذافي ويضرب حتى الموت، بثمانية أشهر.
وتذكر الصحيفة أن بلير اتصل بالقذافي بصفة شخصية، في محاولة منه لإقناعه بالتنحي، ولكن القذافي أصر أنه محق في حماية بلده من خلايا تنظيم
القاعدة النائمة، التي ترهب الشعب الليبي.
ويكشف التقرير عن أنه في المكالمة الأولى من المكالمتين، التي كانت في يوم 25 شباط/ فبراير 2011، حث القذافي بلير على تحذير زعماء العالم من المتطرفين الجهاديين في بلده، الذين لا يمكن التفاهم معهم، والذين يسعون للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط، وبعدها سيهاجمون أوروبا.
وتورد الصحيفة نقلا عن القذافي قوله: "نحن لا نقاتلهم، هم من يهاجمونا، أريد أن أخبرك الحقيقة، الوضع ليس صعبا، والقصة بكل بساطة هي أن هناك منظمة زرعت خلايا نائمة في شمال إفريقيا، وتسمي نفسها تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا، واستطاعوا الحصول على أسلحة، وهم يرهبون الناس، والناس لا يستطيعون الخروج من بيوتهم، إنها حالة جهاد".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه في المكالمة الثانية في ذلك اليوم، كرر القذافي تحذيراته، وقال إن المتطرفين يرنون إلى ما هو أبعد من بلاده، وأضاف: "الضرر سيصيب المتوسط وأوروبا والعالم، هذه المجموعات المسلحة تستغل الوضع لتبرير ما تقوم به، وسنحاربها".
وتفيد الصحيفة بأن لجنة العلاقات الخارجية، التي تحقق في السياسة البريطانية تجاه
ليبيا في تلك الفترة، والدور الذي أدته في إسقاط النظام، نشرت نص تلك المكالمات.
وبحسب التقرير، فإن رئيس اللجنة كريسبين بلنت يرى باحتمال أن يكون إهمال تحذيرات القذافي بهذا الشأن كان خطأ؛ بسبب الافتراض أنه كان يهذي كعادته في موضوع العلاقات الخارجية.
ويقول بلنت: "لا تزال آثار الفشل في متابعة تلك المكالمات الأولية التي أجراها بلير، وإبقاء الخطوط مفتوحة لمحاولة بدء عملية سلمية تتفاعل. وستسعى اللجنة لدراسة ما إذا كانت التحذيرات التنبؤية للقذافي بصعود الجماعات المتطرفة بعد سقوط النظام أهملت خطأ، بسبب ما كان يعد نظرة القذافي الوهمية للعلاقات الخارجية، وما جمعته اللجنة من أدلة إلى الآن، تشير إلى أن صانعي السياسة الغربيين كانوا أقل تفهما من القذافي، حول مخاطر التدخل للشعب الليبي والمصالح الغربية".
وتبين الصحيفة أنه منذ سقوط النظام، وقعت مساحات واسعة من البلاد تحت سيطرة الجهاديين المرتبطين بتنظيم الدولة، المسؤول عن هجمات باريس، التي راح ضحيتها 130 شخصا، والعديد من الحوادث الصغيرة الأخرى.
وينوه التقرير إلى أن بلير كان قد زار القذافي ست مرات على الأقل منذ مغادرته لرئاسة الوزراء عام 2007. وحصل على موافقة كل من ديفيد كاميرون وهيلاري كيلنتون، وزيرة الخارجية الأمريكية وقتئذ، لإجراء المكالمتين، وكان بلير قد حث القذافي على أن يجد له مخبأ حتى يتم القيام بإصلاحات دستورية في البلاد.
وتورد الصحيفة أن بلير قال للقذافي: "إن كان هناك مكان آمن تذهب إليه، يجب أن تذهب هناك؛ لأن الأمور لن تنتهي سلميا، ويجب أن تكون هناك عملية تغيير". فسأل القذافي بلير إن كان الأخير يؤيد تنظيم القاعدة، وفي مرحلة من المكالمة وضع القذافي السماعة بالقرب من سماعة التلفزيون، وقال لبلير اسمع الأطفال يهتفون بحياتي.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه في نهاية المكالمة، طلب القذافي من بلير أن يذهب إلى ليبيا، ويرى الواقع بنفسه، فقال له بلير إنه سيسأل عن ذلك، وطلب منه إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة.