تسبب
القصف الروسي العنيف على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بتعطيل
المدارس ووقف العملية التعليمية، حيث تبدي السلطات الجديدة خشيتها من استهداف ممنهج ومبرمج للأطفال، وهو ما تم رصده خلال الفترة الماضية.
ويقول المواطن أحمد الحمود لــ"
عربي21" إنه يحاول أن يتقبل القرار الذي أصدرته مديرية التربية الحرة في
إدلب، والذي يقضي بإيقاف الدوام في كل مدارس المحافظة لمدة أسبوع قابلة للتجديد؛ على خلفية القصف الجوي الروسي الذي يستهدف المدارس.
ويعيش الحمود في جبل الزاوية بريف إدلب شمال
سوريا، ولديه أربعة أطفال، يتوزعون على مراحل دراسية متعددة، أكبرهم خالد وهو في الصف الثامن، تعليم أساسي، وأصغرهم علا في الصف الأول مرحلة ابتدائية.
ويقول أحمد في تصريح لـ"
عربي21": "أحاول أن أقنع نفسي بالقرار الصادر عن مديرية التربية، خوفاً على أطفالي من القصف الروسي الذي يستهدف المدارس؛ ولكن بالمقابل أخاف على مستقبلهم أن يضيع، وقعنا في حيرة من أمرنا، فإما أن نفرط بهم ونرى أشلاءهم تتناثر هنا وهناك كما حصل مع أطفال تعرضوا للقصف أثناء الدوام الرسمي في مدارسهم، أو نقضي على مستقبلهم التعليمي ونتركه يضيع أمام أعيننا دون أن نستطيع فعل أي شيء".
ويستطرد أحمد: "لا أعلم ماذا أفعل، تارة أفكر بالهجرة خارج البلد؛ لأكمل تعليم أطفالي، وتارة أخرى تراودني أفكار بالبحث عن سبل لتعليمهم هنا بطريقة أخرى غير المدرسة، على أن أبقى متشبثا بهذه الأرض التي ولدت فيها، أفكر بأشياء كثيرة من أجل أن أكمل تعليم أولادي الأربعة دون أن أصل إلى حل يجعلني أرى أولادي يتابعون دراستهم وتعليمهم، وأحقق حلمي بحصولهم على أعلى الشهادات، لاسيما أن أولادي كلهم مجتهدون كما كان يخبرني المدرسون في المدرسة".
ويتابع أحمد حديثه قائلا: "قبل أن يلتحق أولادي بالمدارس التابعة للائتلاف، كانوا يتعلمون في مدارس
النظام التي باتت قليلة جدا؛ بسبب قطع مرتبات المدرسين وفصل قسم كبير منهم، حينها فكرت كثيرا أنه حتى لو أكملوا تعليمهم في مدارس النظام سيأتي يوم ويذهبون لإجراء الفحوصات في مناطق سيطرة النظام، وتخيلت كيف سيتعرضون للضرب والإهانة من قبل الحواجز التابعة للنظام على الطرق، ففضلت أن أفصلهم من تلك المدارس وألحقهم بمدارس الائتلاف؛ ليبقوا تحت نظري".
من جهته، قال علي عبد المجيد، المدير الإداري لمديرية التربية والتعليم الحرة في إدلب، في تصريح خاص لـ"
عربي21" إنه "بسبب القصف الروسي المتكرر والذي استهدف عدة مدارس في إدلب أثناء الدوام الرسمي وخارجه؛ وحرصا على سلامة الكوادر التعليمية والتلاميذ، اضطرت المديرية لإصدار قرار يقضي بإيقاف الدوام في كل مدارس ريف محافظة إدلب لمدة أسبوع قابلة للتجديد في حال استمر القصف، ويشمل القرار 208 مدارس تخضع لملاك المديرية".
ويتابع علي حديثه: "مدارس حربنوش، جبالا، بنات كنصفرة، ابتدائية سرجة، الصحن شريان الحياة ذكور، ذكور جرجناز، إناث جرجناز، وما يقارب العشر مدارس في مدينة جسر الشغور، كل هذه المدارس تعرضت للقصف من الطائرات الروسية خلال الشهرين الماضيين؛ ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى فيها من المدرسين والتلاميذ ودمار كلي وجزئي لها".
وعن سبب استهداف المدارس، قال علي بأن "الهدف من استهداف المداراس هو قتل أكبر عدد من المدنيين، المدارس هي مركز تجمع وتعطي مساحة أكبر للإجرام، لاسيما أنهم يستهدفون أجيالا تتعلم في ظل القصف والحرب الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات".
وعن الحلول المقترحة قال علي: "ليس لدينا خيار سوى هذا الحل الوقائي المؤقت الذي يقضي بإغلاق المدارس، أما الحل العلاجي فيكمن في تسوية سياسية أو أي شيء ينهي الطيران، المهم أن نتخلص من إجرام الروس والنظام على حد سواء"، حسب تعبيره.
وينهي علي كلامه: "أملنا بالنسبة لأولادنا ألّا نراهم أشلاء أو مقطعين أو محروقين بسبب القصف، ونتمنى أن يكونوا في مكان علمي ممتاز بعيدا عن الدمار، بعيدا عن كل الواقع الذي نعيشه، كما نتمنى إعادة تفعيل المؤسسات والكيانات التعليمية لتخريج أجيال، وبناء البلد لتكون فرصة للانطلاق نحو الأفضل، ناشدنا عشرات المرات للتدخل والضغط على النظام وروسيا للابتعاد عن استهدف المدارس لكن دون جدوى، فيما يبقى الخوف من توقف العملية التعليمية الذي سببه القصف من قبل الطيران الروسي".