أجرت صحيفة الموندو الإسبانية حوارا مع زعيم
حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة التونسية، تحدث فيه عن النموذج الديمقراطي التونسي، وأسباب إقبال الشباب التونسي على الالتحاق بالتنظيمات المتشددة.
وقالت الصحيفة إن حركة النهضة الإسلامية المعتدلة تشهد حركة كبيرة في هذه الفترة، بمناسبة إحياء ذكرى سقوط نظام زين العابدين بن علي، والتي تأتي في وقت يعيش فيه حزب نداء تونس الحاكم؛ أزمة كبيرة، بسبب موجة من الانشقاقات الداخلية والتي أدت إلى تصدر حركة النهضة للمشهد النيابي، كأكبر كتلة برلمانية.
وذكرت الصحيفة أن الغنوشي الذي كان منفيا في بريطانيا منذ سنوات التسعينيات، بعد أن قضى فترة بين السجون والمضايقات من أجهزة أمن الرئيس السابق بن علي، تمكن من العودة لبلاده في كانون الثاني/ يناير 2011، بعد أيام قليلة من هروب الدكتاتور.
وخلال هذا الحوار الذي أجرته معه مراسلة "الموندو" في منزله في ضواحي العاصمة تونس، وترجمته "
عربي21"، قيّم الغنوشي تجربة خمس سنوات من الثورة، والتحديات التي لا تزال بانتظار البلاد.
وحول نجاح تونس في تحقيق الانتقال الديمقراطي والمحافظة على استقرارها بعكس بقية بلدان الربيع العربي، قال الغنوشي إن الثورة في تونس لا تزال متواصلة، وهي بصدد تحقيق النجاحات، بعد أن تمكن التونسيون من بناء مؤسسات ديمقراطية واختيار رئيس للجمهورية وبرلمان، وإرساء هيئات دستورية تُعنى بالعدالة الانتقالية.
وسألت الصحيفة الغنوشي حول التحدي الأمني ومعضلة محاربة
الإرهاب، فقال إن "تونس مصممة على محاربة الإرهاب على جميع الأصعدة، وعلى الانتصار عليه، ولكن المشكلة الأساسية التي تواجهها البلاد هي الفوضى التي تعصف بالجارة ليبيا، وإذا لم يتم حل الأزمة التي تعاني منها ليبيا، فإن تونس ستكون دائما في خطر".
وذكرت الصحيفة أن آخر الأرقام تشير إلى وجود أكثر من ستة آلاف شاب تونسي في صفوف
تنظيم الدولة ومجموعات أخرى في سوريا والعراق، وتساءلت حول السبل لوقف هذه الظاهرة.
وقد اعتبر راشد الغنوشي أن "هذه المشكلة هي تركة نظام بن علي وسياساته الأمنية، حيث إن النظام السابق كان في حرب مع الإسلام المعتدل، وخلق حالة من الفراغ الديني أدت لظهور الفكر المتشدد كنوع من رد الفعل على القمع والظلم".
وأضاف الغنوشي أن "النظام السابق أغلق الباب أمام الحريات، ودفع بالعديد من الشباب نحو أحضان تنظيم القاعدة، وتواصلت هذه الظاهرة الآن بالتحاقهم بتنظيم الدولة".
وقال أيضا: "مع وجود مشكلات أخرى كانت تغذي هذه الظاهرة، مثل غياب التنمية وضعف التعليم، وتفشي البطالة، لكن مع رحيل بن علي واستعادة الشعب لحريته؛ لم يعد هناك مبرر لاستعمال العنف وممارسة الإرهاب".
وأضاف: "ومن المؤكد أن هذه الظاهرة ستختفي في تونس بمرور الوقت، خاصة بعد أن يتم حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، ويعود الإسلام المعتدل ليتصدر الخطاب الديني".
وذكرت الصحيفة أن حزب حركة النهضة تعرض لانتقادات عديدة في فترة حكم الترويكا، بين 2011 و2014، منها اتهامه بالتساهل مع المجموعات المتشددة.
ولكن رئيس حركة النهضة أكد أن "هذه الادعاءات المضللة، صنعها الخصوم السياسيون لتشويه سمعة الحركة، ولكن الوقائع تؤكد أن النهضة هي التي وقفت ضد مجموعة أنصار الشريعة، حيث إن حكومة علي العريض هي التي صنفت هذه المجموعة كتنظيم إرهابي في آب/ أغسطس 2013، بعد أن تسببت في تشويه صورة الإسلام وإضعاف حكومة الترويكا".
وحول العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي، قال الغنوشي إن "هذه الدول عبرت عن دعمها لتونس، ولكن هذا الدعم بقي في مستوى القول ولم يترجم لأفعال في أغلب الحالات. ورغم أهمية الدعم المعنوي، فإن هذا لا يكفي، إذ يجب الاستثمار في تونس ودعمها اقتصاديا لإنجاح جهود إرساء الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، لأنها تمثل النموذج البديل عن نموذج تنظيم الدولة".
كما أكد راشد الغنوشي أن "تنظيم الدولة يقدم صورة مشوهة عن الإسلام، وتونس تعمل على تصحيح هذه الصورة من خلال الجمع بين الإسلام والديمقراطية، لإثبات خطأ من يقولون إنهما لا يلتقيان".
وقال الغنوشي إنه "إذا نجحت تونس في توفير مواطن الشغل للشباب العاطل عن العمل، ومنحهم الأمل بمستقبل أفضل، عندها سيقتنع هؤلاء بأن الديمقراطية هي الحل لمشكلات البلاد، ولن يفكروا في الالتحاق بتنظيم الدولة".