نشر موقع "وور أون ذي روكس" تقريرا لبنجامين رنكل، يشير فيه إلى أن القول بأن عام 2015 كان عاما بائسا للشرق الأوسط، يبقى أقل مما يقتضيه الواقع.
ويقول الكاتب إن الكوارث الإنسانية التي ولدتها الحرب المستمرة في كل من سوريا واليمن تواصلت، كما وسع تنظيم الدولة مجال عملياته الإرهابية في أنحاء المنطقة كلها، وسارعت
إيران بتجريب صواريخها البالستية، وزادت من القمع محليا، بعد أن وافقت على صفقة نووية ستمنحها حوالي 150 مليار دولار؛ بسبب رفع العقوبات.
ويضيف رنكل أنه "لسوء الحظ، قد يكون عام
2016 بدأ بداية أسوأ من العام السابق، ففي 2 كانون الثاني/ يناير، قامت
السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر، بعد إدانته بالإرهاب؛ بسبب تأييده لمظاهرات عارمة ضد الحكومة عام 2011، وردت إيران بالسماح للغوغاء بمهاجمة مقر البعثة الدبلوماسية السعودية في كل من طهران ومشهد، فقامت السعودية والدول الخليجية الأخرى بقطع العلاقات الدبلوماسية، ما زاد من التوتر الطائفي القاتل في منطقة تعج بهذا التوتر".
ويستدرك التقرير بأنه "مع ذلك، فإنه من المستبعد أن تتطور هذه التوترات إلى حرب في المدى المنظور. وتواجه السعودية تحديات لاستقرارها الداخلي، وهي متورطة في حرب في اليمن. وفي الوقت ذاته فإن القوة الإيرانية التقليدية لا تزال أقل من دول الخليج، عند أخذ قوة أمريكا في المنطقة في الحسبان. ومع ذلك، فإن التهديد المتوقع من إيران لن يصل إلى مواجهة عسكرية، ولكن ستعمل إيران في الغالب في المناطق الرمادية من الحرب الهجينة، مثل ما تفعل روسيا في أوكرانيا. ولأن إيران تنزع إلى العمليات التي تؤذي أعداءها، التي تعطي طهران مجالا للتملص من المسؤولية، فيجب على صانعي السياسة الأمريكيين أن يكونوا قلقين من احتمال حرب
سايبرية بين إيران وحلفائنا في الخليج".
ويتحدث الموقع في هذا السياق عن الحروب السايبرية قائلا: "مع أن الحروب السايبرية ظاهرة جديدة، إلا أن لإيران تاريخا من القيام بهجمات سايبرية ضد منافسيها الإقليميين خلال الأزمات الدبلوماسية، فمثلا قامت مجموعة سمت نفسها (سيف العدل القاطع) عام 2012، بشن حرب برمجيات خبيثة ضد شركة أرامكو السعودية للنفط، دمرت فيها 30 ألف جهاز حاسوب، قالت إنها فعلت ذلك انتقاما لـ(جرائم وفظائع) الحكومة السعودية في بلدان مثل سوريا والبحرين. تبع ذلك بعد فترة قصيرة هجوم مماثل بالفيروسات على شركة راس غاز القطرية، كما استهدفت (عملية الساطور) الإيرانية في الفترة من عام 2012 إلى 2014، شركات في الكويت وقطر والسعودية والإمارات، و12 بلدا آخر في قطاعات مختلفة تتضمن (النفط والغاز والطاقة والخدمات والنقل والمستشفيات والاتصالات والتكنولوجيا والتعليم والطيران ومقاولي الدفاع والكيماويات). وبعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، قام قراصنة مجهولون بالهجوم على مواقع رئيسة تعود إلى وزارة الدفاع السعودية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "إيران قامت بتوظيف وكلاء يقومون بهجمات سايبرية ضد البلدان التي تعارض مصالح إيران في الصراعات الإقليمية المختلفة، فقام ما يسمى بـ (الجيش الإلكتروني السوري) بمهاجمة السعودية وقطر وغيرها من البلدان المعروفة بدعمها للثوار السوريين، واستهدف شبكات إخبارية، مثل قناة (الجزيرة) التابعة لقطر، وقناة (العربية) التابعة للسعودية، وصحف أمريكية مثل (نيويورك تايمز) و(واشنطن بوست). كما هاجم سفنا حربية تابعة للبحرية الأمريكية، وحتى أنه سرق صفحة الـ(فيسبوك) التابعة للرئيس الأمريكي باراك أوباما. وقامت مجموعة سمت نفسها (جيش اليمن السيبري)، لم يسمع بها من قبل، بنشر حوالي نصف مليون وثيقة مسروقة من وزارة الخارجية السعودية؛ انتقاما من تدخل السعودية في اليمن".
ويقول الكاتب إنه "في الوقت ذاته، فإن التخوف من هجوم سايبري على نطاق هجمات 11 أيلول/ سبتمبر مبالغ فيه، وحتى أشد الحروب السايبرية تسببا بالضرر في الشرق الأوسط تبقى أفضل من مواجهة عسكرية بين إيران والسعودية، ولكن أي صراع سايبري بين البلدين ستكون له تداعيات كبيرة على أمريكا، فأولا لأن الرئيس أوباما تعهد بالدفاع عن دول الخليج ضد أي حرب سايبرية إيرانية خلال لقاء القمة في كامب ديفيد في أيار/ مايو الماضي، فإن أي حرب سايبرية في الشرق الأوسط غالبا ما ستجر أمريكا إلى الصراع، حيث إن وقوف أمريكا مكتوفة الأيدي في مثل هذه الحالة سيسبب المزيد من الضرر لمصداقية أمريكا، التي ضعفت في المنطقة، وقد يدفع بدول الخليج إلى طلب الدعم من قوى كبيرة أخرى لديها إمكانيات في الحرب السايبرية، وتسعى للتمدد في الشرق الأوسط".
ويورد الموقع أن "الأمر الثاني هو أنه من الصعب حصر آثار أسلحة الحروب السايبرية بدقة، فمثلا انتشر فيروس (ستكسنيت) دون قصد للحواسيب من أندونيسيا إلى الهند إلى أمريكا، علما بأنه كان مصمما لتخريب نظم ضبط صناعية محددة تستخدم في محطة (ناتانز) النووية الإيرانية، وهناك شك بأن إيران قادرة على إنتاج أسلحة سايبرية بالدقة ذاتها. ومن جهة أخرى لو سعت دول الخليج لشراء أسلحة سايبرية هجومية، أو تشغيل قراصنة ليعملوا لصالحها للانتقام من إيران، فلن يكون لديهم التطور الكافي أو المسؤولية للحد من مفعول الهجمات السايبرية. ولذلك فإن أي برمجيات ضارة قد تنتج في حرب الشرق الأوسط السايبرية قد تتكرر وتنتشر مسببة أضرارا كبيرة خارج نطاق الصراع".
ويفيد التقرير بأن "الأثر الثالث والأخير لهذه الحرب هو أن هناك خطر إمكانية نشوب حرب تقليدية بسبب هجوم سايبري مدمر، فأمريكا تحتفظ بحقها بالرد بالقوة العسكرية على أي هجوم سايبري قد يتسبب بحدوث وفيات. فهل ستعد السعودية هجوما سيبريا يعطل شبكة الكهرباء مثلا في حر الصيف متسببا بوفيات؛ بسبب الحرارة المفرطة، يكون سببا لشن عمل عسكري ضد إيران؟ فإن كان الأمر كذلك، فيمكن للصراع أن يتحول من الأرقام صفر وواحد، (التي تشكل أساس الكود في الحاسوب) إلى قنابل وصواريخ بأسرع مما يمكن للدبلوماسية أن تحتويه".
ويختم "وور أون ذي روكس" تقريره بالإشارة إلى أن "إدارة أوباما كانت محقة بأن تعهد بحماية دول الخليج من هجمات إيران السايبرية، وحتى وإن لم تكن التفاصيل واضحة. وفي ضوء التقارير الأخيرة بأن سبب وقوع شبكة الكهرباء الأوكرانية قد يكون هجوما روسيا سايبريا، ما يرفع من المخاطر المحتملة للحرب السايبرية، فإن على صانعي السياسة الأمريكية أن يعدوا خطط طوارئ؛ لاحتمال أن تتسبب التوترات السعودية الإيرانية الحالية بهجوم سايبري بالأضرار ذاتها التي حدثت في هجوم أرامكو على الأقل. كما أنه من واجب المرشحين الرئاسيين من الحزبين بأن تكون لديهم مواقف واضحة في حالة التصعيد السريع في الحرب الباردة الإيرانية السعودية".