إلى أي حد يشكل
تنظيم الدولة تهديدا للأردن؟ سؤال يطرحه باحثون
إسرائيليون، خصوصا بعد التدفق الكبير للاجئين السوريين، وتواجد فصيل سوري موال للتنظيم قرب الحدود الأردنية، وبالتحديد في درعا.
اهتمام الباحثين الإسرائيليين يقع بالدرجة الأولى على حماية إسرائيل من
الخطر الذي سيتهددها إن فقد الأردن الاستقرار الذي يعيشه الآن، أو تمكنت خلايا لتنظيم الدولة من التسلل عبر الأردن لتهديد أمن إسرائيل.
وفي تقرير لموقع "تايمز اوف إسرائيل"، يقول إنه على الرغم من أن 94% من مواطني المملكة لا يؤيدون "داعش"، بحسب تقديرات صدرت مؤخرا، فإن الأردن أرسل 2,500 مقاتل أجنبي إلى العراق وسوريا. هذه ثالث أعلى نسبة بين الدول العربية، بعد السعودية وتونس.
ويربط التقرير بين التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة على الأردن وبين الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الشباب في الأردن.
ويشير إلى أن الأب الروحي لتنظيم القاعدة، أبو مصعب الزرقاوي، ينحدر من مدينة الزرقاء الأردنية، وهو الذي تبنى تفجيرات فنادق عمان 2005، وقد هدد الأردن أكثر من مرة قبل مقتله عام 2006.
ويرى التقرير أن الأردن يعتمد بشكل كبير على المساعدات الأجنبية من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج؛ فمنذ انطلاق الربيع العربي في 2011، حصل الأردن على 12 مليار دولار على شكل ضمانات قروض ومساعدات تنموية ومساعدات عسكرية.
ولكن دكتور يوآف ألون، المختص في الشؤون الأردنية في جامعة تل أبيب ومؤلف كتاب "صنع الأردن: العشائر والاستعمار والدولة الحديثة"، يقول إن الوضع الاقتصادي الحالي غير قابل للاستمرار.
ويضيف قائلا: "من الواضح أن الصدقات العرضية من حلفاء الأردن لن تكون كافية على المدى الطويل"، ويتابع: "المطلوب هو حل أساسي للاقتصاد الأردني المريض، حل يكون قادرا على تلبية احتياجات جيل شاب يزداد تعليما، لكنه عاطل عن العمل، وضمان مقاومة هذا الجيل للاجتذاب الوحشي لتطرف داعش".
ويقول ألون إنه على الرغم من أن المعطيات الحكومية الرسمية تشير إلى أن نسبة البطالة تصل إلى 15%، لكن معظم الأشخاص يعتقدون بأن النسبة تصل إلى 30%، بل أعلى من ذلك بين الشباب.
عوديد عيران، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأردن، والباحث الكبير في معهد دراسات الأمن القومي، يقول إن نسبة البطالة قد تصل إلى 50%، وفق التقرير.
ويضرب التقرير مثلا على البطالة والإحباط الذي يصيب الشباب الأردني جراءها، من خلال قصة شاب أردني يدعى محمد الكردي، حيث باءت جميع محاولاته للحصول على وظيفة في الملكية الأردنية بالفشل، وينحو الكردي باللائمة على المحسوبية والواسطة المتفشية في المجتمع الأردني، حيث ينال أبناء الذوات والمقربين من الحكومة الحظوة ومعظم الوظائف.
ويعتقد كاتب التقرير أن تنظيم الدولة فقد الكثير من الأراضي والموارد البشرية والمصادر منذ التدخل الروسي الأخير في سوريا، لكن في الوقت نفسه، نجحت "كتائب شهداء اليرموك" التابعة للتنظيم بوضع موطئ قدم لها في محافظة درعا على الحدود مع شمال الأردن ومع هضبة الجولان داخل الاحتلال الإسرائيلي. وهو أمر يقلق إسرائيل كثيرا.
يقول قائد هيئة الأركان العامة الإسرائيلي غادي آيزنكوت، في مؤتمر نظمه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في الأسبوع الماضي، إن هذه التطورات "تزيد من الاحتمال -بنظري- بأننا سنراهم يوجهون بنادقهم ضدنا وضد الأردنيين".
قبل أسبوع من تحذير قائد الجيش الإسرائيلي من احتمال وقوع هجوم خارجي لـ"داعش"، أبدى مدير مكتب الشؤون السياسية-العسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غيلعاد، في تصريح نادر عن مخاوف من التدفق الهائل للاجئين السوريين في الأردن، وقدر بأن أعدادهم قد تكون حوالي 1.4 مليون – حوالي 20% من مجموع السكان.
وقال غيلعاد في مقابلة أجرتها معه مجلة "إسرائيل ديفنس" في 13 كانون الأول/ يناير: "لا شك بأن داعش يحاول اختراق الأردن من هناك، على مستوى منخفض في الوقت الراهن".
لمنع هجمات محتملة لتنظيم الدولة ضد الأردن من الداخل والخارج؛ تدرس إسرائيل أيضا تقديم المساعدة للمملكة الهاشمية عسكريا وماليا، كما يقول التقرير.
العلاقات الاقتصادية بين البلدين عميقة أصلا. في العام الماضي، قبل تقديمه الاستقالة من الحكومة بسبب فضيحة تحرش جنسي، وقع وزير الطاقة والمياه سيلفان شالوم على اتفاقات تاريخية لمعالجة حاجات الأردن للطاقة والموارد – خط أنابيب مياه بقيمة 800 مليون دولار وصفقة غاز تُقدر قيمتها بـ15 مليار دولار. (تقوم الأردن حاليا باستيراد أكثر من 95% من الطاقة التي تحتاجها، بتكلفة تصل إلى حوالي خُمس الناتج المحلي الإجمالي).
على الجانب الأمني، يقول التقرير إن هناك تنسيقا استخباراتيا وثيقا ضد المقاتلين الجهاديين.
ويكشف التقرير قيام إسرائيل بنشر طائرات استطلاع على الحدود السورية-الأردنية لتوفير المعلومات الاستخباراتية للأردنيين. وقامت إسرائيل أيضا بإمداد الأردن بـ16 مروحية قتالية من طراز "كوبرا" في تموز/ يوليو؛ من أجل حراسة الحدود.
وفي النهاية، فإن إسرائيل لا تعتمد فقط على الأردن في تحقيق أمنها، حسب التقرير.