دعا الرئيس الأمريكي باراك
أوباما يوم الأربعاء في خطابه، الذي ألقاه في مسجد بالتيمور في ميريلاند، الإعلام لتجنب تصوير المسلمين من خلال شخصيات لا علاقة لها بهم.
وقال أوباما في أول زيارة له إلى مسجد في الولايات المتحدة منذ توليه الرئاسة قبل سبعة أعوام، إن "البرامج في شبكات التلفزة يجب أن تقدم شخصيات مسلمة لا علاقة لها بالأمن القومي"، في إشارة إلى هوس
الدراما والمسلسلات والأفلام بتصوير المسلمين بأنهم قتلة وإرهابيون متعطشون للدم.
ويعلق الكاتب ديف شيلينغ في تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" على كلام أوباما بالقول: "مثل أي شيء يقوله الرئيس حول المسلمين، فهذا لا علاقة له بقتلهم عبر الطائرات دون طيار، فهذا ليس مدهشا، ويشبه غياب التعاطف مع الرئيس من اليمين المتطرف، الذي ينظر إليه على أنه جبان، وفي أسوأ الحالات خائن".
ويستدرك التقرير بأن "المدهش هو إشارة أوباما إلى التلفاز على أنه وسيلة لتخفيف التوتر الديني، في الوقت الذي يستخدم فيه للهدف المعاكس"، أي مفاقمة المشاعر الدينية.
وتشير الصحيفة إلى عدد من الأمثلة في التلفزة، التي حاولت تقديم صورة عن مجتمع متساو وإيجابي، ففي مسلسل "ستار تريك"، حاول تصوير أول قبلة بين شخصين من عرقين مختلفين في الستينيات من القرن الماضي، كما قدمت مسلسلات كوميدية، مثل "شأن عائلي" (فاميلي ماترز) ومسلسل "غوسبي" الثقافة السوداء في أنحاء الولايات المتحدة.
ويستدرك الكاتب بأن التلفزيون يمكن استخدامه وسيلة لتأكيد النمطيات، ففي الكوميديا التي أنتجتها شبكة "إن بي سي" بعنوان "أوات سورس" (مصدر خارجي للعمل)، توقف عن البث بعد الاعتراض عليه أنه يقوم باستخدام الكليشيهات المعروفة عن الهنود، حيث كانت الحلقات عن "مراكز الاتصال" التي يتم من خلالها تحويل المكالمات الهاتفية لها، وتضطلع بالإجابة عن تساؤلات المواطنين، مشيرا إلى أنه في كل مرة يظهر فيها شخص ملون في مسلسل أو فيلم ويؤدي دور المجرم، فهو يؤكد مفهوم الشخص الشرير، وأن الرجال البنيين والسود هم محتالون وغرباء.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الوضع بالنسبة للمسلمين الأمريكيين يعد أصعب، فكما أشار أوباما في خطابه، فإن تصوير المسلمين عادة ما يميل نحو النوع الذي يظهر في مسلسل "هوم لاند" -جواسيس مزدودجين ومتعطشين. فمنتج المسلسل "هوارد غوردون" مسؤول عن إنتاج مسلسلات متعلقة بالإرهاب، وهي "24" و"إف إكس" و"تايرنت" (طاغية)، وتعد الأخيرة مثيرة للدراسة؛ لأنها قدمت دراما للعائلة، وفيها يؤدي الممثل آدم رينر دور عربي اسمه بسام الفايد، وهو طبيب أطفال يعيش مع زوجته وأطفاله في باسادينا في كاليفورنيا، وهو ليس طبييا فقط، ولكنه أيضا ديكتاتور شرق أوسطي، يخفي حقيقته لسنوات عدة، وبعد وفاة والده، كان عليه السفر إلى بلده العربي، واستخدم اسما خياليا، حيث يحاول أن يصحح الأمور وتجنب الاغتيال.
وتعلق الصحيفة بأن لا شيء غريبا في حبكة الدراما، غير أن البطل يؤدي دوره شخص غير عربي، ولكنه يقول شيئا آخر، فهو مسلسل موجه للعائلة يريد أن يقول للمشاهد الأمريكي إن جارك المسلم لا يمكن الثقة به.
ويلفت شيلينغ إلى أنه في المسلسلات الثلاثة، "هوم لاند" (وطن) و"24" و"تايرنت" (طاغية) فيها شخصيات مسلمة متورطة في قضايا
إرهاب وشؤون تتعلق بأمن الدولة، ودراما "طاغية" هي عن عائلة تكذب حول حقيقتها ومن أين جاءت، مشيرا إلى أن قصصا كهذه مثيرة إن كانت في فراغ، ولكن الرئيس يشير إليها على أنها القصص الوحيدة التي تعرض في التلفزة عن المسلمين.
وهنا يتساءل الكاتب: "أين هي (العائلة المسلمة الحديثة؟)، فمتى ستعبر محطة أو شركة عن رغبتها بإنتاج مسلسل يصور المسلمين كونهم عائلة طبيعية، وليست مجموعة من المتطرفين والجواسيس؟".
ويفيد التقرير بأن معظم المسلمين الذين يظهرون على الشاشة هم نتاج تعاون ومغامرات، تتم بين مركز "سابان" للشرق الأوسط في معهد "بروكينغز" وبرنامج أرقام المسلمين في الغرب في معهد "غالوب"، وغيرها من المؤسسات التي تقدم لعالم الترفيه مصادر ومعلومات عن الإسلام والثقافة العربية، من أجل منع انحدار تصوير المسلمين الأمريكيين لصورة كاريكاتيرية.
وتذكر الصحيفة أن هناك قاعدة معلومات وتقارير عن المسلمين الأمريكيين، وإحصاءات وبيانات وأبحاثا، وبالإضافة إلى أن هناك شهادات من رموز في
هوليوود ممن استخدموا المعلومات في أعمالهم، وهناك منتجون وكتاب وأكاديميون ومديرون، مستدركة بأن المثير للغرابة هو شهاده هوارد غوردون، التي يقول فيها: "نريد تقديم المسلمين بشخصيات غير كونهم إرهابيين، وأكثر من هذا فنحن بحاجة إلى كتاب ومبدعين يقدمون مواد للتفكير، ويعملون على دمج المسلمين في السيناريو بطريقة مبدعة، وتشجيع المسلمين للمشاركة في كتابة النصوص".
ويعلق شيلينغ بأن شهادة غوردون تدعو على الأقل إلى مشاركة المسلمين في النصوص، لكن عندما يتم النظر للمسلمين عبر منظور الإرهاب، فلا شيء يتغير على الشاشة، ففي مسلسل "ضائع" كان سيد عضوا في الحرس الجمهوري العراقي، وعذب الناس كون ذلك جزءا من وظيفته.
وينوه التقرير إلى أنه "يعتقد أنه في قضية التنوع، سواء تتعلق بالهسبانو والأفرو الأمريكيين والآسيويين الأمريكيين والمثليين، فإن الحل الأسلم هو دعوة كتاب من هذه الأقليات إلى كتابة قصص تعكس تجربتهم الحقيقية، وعندما توجد مواهب خلف الكاميرا من المسلمين، وهي موجودة، وإن بحث المنتتجون عنها، فستكون الأعمال ناجحة".
ويخلص الكاتب إلى القول: "حتى نفتح أبواب هوليوود لعدد متنوع من الناس، فإننا سنواصل الاستماع لخطابات الرئيس، وسنواصل مواجهة مشكلات مثل (هاشتاغ أوسكار بيضاء) جدا. ويظل هوارد غوردون كاتبا يستطيع كتابة رواية مثيرة، ولكننا ننتظر إن كان يستطيع الكتابة عن مسلم دون بندقية".