أجرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية، حوارا مع القيادي في "
جيش الإسلام" السوري
محمد علوش، على هامش مباحثات السلام في جنيف، تحدث خلاله عن الأوضاع في
سوريا، وعن "تعنت نظام الأسد، الذي يفكر في البقاء بالسلطة، ولا يفكر في السلام وإنهاء معاناة الشعب السوري".
وقالت الصحيفة في الحوار الذي ترجمته "
عربي21"، إن محمد علوش ولد في مدينة دوما بضواحي دمشق، وهو يبلغ من العمر 45 عاما، ويضطلع بمهمة عضو مكتب سياسي في تنظيم جيش الإسلام، أحد فصائل
الثورة السورية، الذي يتبني الفكر السلفي، ويحظى بدعم المملكة السعودية.
وأضافت أن علوش كان من بين الذين أمضوا على إعلان الرياض في كانون الأول/ ديسمبر 2015، الذي جمع ممثلي الفصائل العسكرية والسياسية في
المعارضة السورية، وقد اختارته مؤخرا اللجنة العليا للتفاوض ككبير مفاوضين خلال مباحثات جنيف، بعد اغتيال ابن عمه زهران علوش، مؤسس جيش الإسلام، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن دمشق وموسكو تعتبران جيش الإسلام "منظمة إرهابية"، بسبب علاقته بجبهة النصرة التي تمثل الفرع السوري لتنظيم القاعدة، على حد قولها، إلا أن علوش رد بالقول إن "
بشار الأسد يعتبر الجميع إرهابيين، بما في ذلك الأطفال في درعا الذين أطلقوا شرارة الثورة السورية، وهو لا يقبل المنطق والتحاور حول هذا الأمر، ولكن الواقع أن جيش الإسلام وبقية الفصائل المعارضة السورية ليست تنظيمات إرهابية، بل هي منظمات وطنية تمثل الشعب السوري، وتشارك في المفاوضات من أجل التوصل لحل سياسي عادل للأزمة السورية".
وأضاف علوش أنه "باسم المعارضة السورية لا يطلب شيئا سوى الحرية للشعب السوري، بينما الروس والإيرانيون والنظام السوري يقتلون المدنيين في الأسواق والمدارس، وكان من أفظع هذه الجرائم قيام بشار الأسد في 21 آب/ أغسطس 2013 بارتكاب مجزرة مأساوية، عندما استعمل الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا ضد الأطفال في دمشق، وهو ما يذكر بإرهاب الأنظمة الفاشية والنازية".
وحول علاقة جيش الإسلام بجبهة النصرة وتنظيم الدولة، قال علوش إن "المعارضة السورية أكدت في عدة مناسبات أنها ترفض مشاركة المقاتلين الأجانب وتنظيم القاعدة في سوريا، رغم أن هؤلاء أتوا لسوريا بدعوى أنهم يريدون مد يد العون للشعب السوري الذي تخلى عنه المجتمع الدولي".
وفي المقابل؛ أكد علوش أن التعاون العسكري مع
جبهة النصرة سيظل واردا طالما اهتمت جبهة النصرة بمحاربة النظام السوري، رغم الاختلافات الأيديولوجية الواضحة بينهما.
وذكر علوش أن "جيش الإسلام طلب من جبهة النصرة النأي بنفسها عن تنظيم القاعدة، ولكنها رفضت، والآن هو في جنيف من أجل البحث عن حل سياسي، ترفضه أيضا جبهة النصرة".
وأضاف: "أما
تنظيم الدولة؛ فهو عدو المعارضة السورية، ويمارس القتل ضدها، ويستهدفها عوض استهداف قوات النظام السوري التي قامت بعقد عدة اتفاقات وتنسيق عسكري مع هذا التنظيم الإرهابي، لبيع وشراء الكهرباء والنفط، وتبادل السيطرة على بعض المناطق".
وحول وجود أمل في التوصل لحل سياسي بعد تعليق مفاوضات جنيف؛ قال علوش إنه "كان ولا يزال يدعم هذا الحل السياسي، ولكن بشار الأسد يدفع المعارضة نحو حمل السلاح، ويتصرف مثل هتلر، ولا يترك مجالا للمعارضة للتشبث بخيار السلام، ولذلك فهي مضطرة للقتال من أجل الدفاع عن الشعب السوري".
واعتبر علوش أن "بشار الأسد هو الذي أفسد مسار السلام، من خلال محاصرته لـ21 مدينة سورية، وقطع كل الإمدادات عنها، في ظل فشل المجتمع الدولي في إدخال أية مساعدات إنسانية، أو فرض احترام القوانين الدولية".
وردا على سؤال للصحيفة حول المبادئ التي يدافع عنها محمد علوش، وتصوره للانتقال السياسي في سوريا؛ قال هذا الأخير إن "جيش الإسلام وقع على إعلان الرياض الذي يهدف إلى إقامة دولة مدنية يسودها القانون والمساواة بين المواطنين، ولذلك فهو يقترح صياغة قانون جديد، وبناء مؤسسات ديمقراطية تقوم على التمثيل البرلماني مع انتخاب الرئيس".
وأكد أنه "قبل التفاوض في جنيف؛ كان لا بد من إعادة بناء الثقة بين الأطراف المتفاوضة، من خلال وقف استهداف المدنيين، والسماح ببعض الإجراءات الإنسانية، وتحرير المعتقلين، والسماح بعودة اللاجئين، حيث إن جدول أعمال المفاوضات يجب أن يكون مبنيا على إعلان (جنيف1)، مع تركيز هيكل حكومي للمرحلة الانتقالية؛ يمتلك كل السلطات، بما في ذلك صلاحيات الرئاسة".
وفي المقابل؛ أشار علوش إلى "إمكانية التفاوض حول بعض المسائل الأخرى، مثل إعادة هيكلة الجيش السوري والأجهزة الأمنية، لكن الأهم هو إنهاء تواجد أولئك الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري، أي بشار الأسد وعصابته".
وعبّر عن رفضه القاطع لمشاركة بشار الأسد في أي انتخابات مقبلة، أو فترة انتقالية، معتبرا أن "كل شيء يمكن أن يبدأ في اللحظة التي يغادر فيها الأسد الحكم".
وحول مدى قدرته وجيش الإسلام على إقناع بقية فصائل المعارضة بالالتزام بقرار لوقف إطلاق النار؛ قال علوش إنهم "يحققون تقدما ملحوظا نحو حل سياسي بحسب المخطط الذي عرضه عليهم، ولهذا فهو يمكنه أن يضمن وقف إطلاق النار من جانب كل فصائل المعارضة، ولكن هذا لا يمكن أن يبدأ إلا عندما يغادر بشار الأسد سوريا".