سادت حالة من الاستياء والغضب بين أقارب عدد من المرضى أصيبوا بالعمى بعد حقنهم بمادة محرمة دوليا وغير مصرح باستخدامها، في أحد المستشفيات الحكومية بمدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية في دلتا
مصر.
ولم يكن المرض الثقيل وحده هو سبب غضب المرضى وأقاربهم، بل زاد عليه تجاهل المسؤولين لهم والتعامل مع مأساتهم بلامبالاة، تجسدت في مبلغ التعويض الهزيل الذي أمر محافظ الغربية اللواء أحمد صقر بصرفه لكل مريض مقابل فقد بصره وبلغ 500 جنيه فقط، أي ما يعادل 60 دولارا أمريكيا تقريبا!
وكان 13 مريضا قد فقدوا بصرهم بعد حقنهم بمستشفى الرمد بالغربية بمادة غير مصرح باستخدامها.
وتساءل أهالي الضحايا كيف يمكن لأطباء في مستشفى حكومي أن يستخدموا مادة غير مصرح بها لعلاج المرضى، وكأنهم فئران تجارب لا قيمة لهم.
وطالب بعض الضحايا بالقصاص من الأطباء الذين أصابوهم بالعمى، كما يحكم الشرع، فالعين بالعين على حد قولهم، كما قام الأهالي الغاضبون باحتجاز وكيل وزارة
الصحة بالغربية في أثناء وجوده داخل مستشفى الرمد، وحاولوا الاعتداء عليه قبل أن ينجح رجال الأمن في إنقاذه من بين أيديهم وإخراجه من المستشفى.
مكبرين الموضوع ليه
وأكدت إحدى المريضات، في مداخلة مع قناة "تن" مساء الأحد، أن المحافظ هاجمهم قائلا لهم "أنتم مكبرين الموضوع ليه؟"، مشيرة إلى أنها أنفقت أكثر من 10 آلاف جنيه في محاولة يائسة لإعادة الإبصار إلى عينيها دون جدوى.
وأكدت أنهم يعانون في المستشفى من الإهمال لأنهم فقراء، على عكس ما يعلن المسؤولون في وسائل الإعلام.
أما خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، فشارك هو الآخر في التهوين من الواقعة مشيرا إلى أن أي عمل بشري يحتمل الخطأ، مضيفا، في تصريحات صحفية، أن الطبيب "كتر خيره" أنه عرض نفسه للعدوى ليعالج المرضى، في ظل المنظومة الصحية المتدهورة وضعف الإمكانيات في مصر.
وكان المحافظ قد قام بزيارة المرضى داخل مستشفى الرمد الجامعي، وأعلن أن النيابة العامة ستتولى التحقيق في واقعة حقن المرضى بمادة "الأفاستين" التي تسببت في إصابتهم بالعمى، مشددا على أنه لا تهاون مع المنحرفين الذين يتكسبون من دخول هذا العقار الفاسد للمستشفى".
وأضاف المحافظ، أن هذه المادة تستخدم في علاج أورام المعدة، وتستخدم بحذر شديد وبنسب محددة في علاج العين بتقنيه عالية، وتحت إشراف أساتذة متخصصين، وهو ما لم يحدث في تلك الوقائع.
غير مسجلة
من جانبه قال وزير الصحة عماد الدين راضي إن المادة التي تسببت في إصابة المرضى بالعمى غير مصرح بها من وزارة الصحة، معترفا أن مستشفى رمد طنطا أخطأت باستخدام هذه المادة، وسيتم محاسبة المسؤولين فيها".
وأضاف "راضي"، في تصريحات نقلها التليفزيون المصري مساء الأحد، أن بعض الأطباء يعالجون المرضى بهذه المادة، التي تنتجها بعد اتفاقهم مع الشركة الأجنبية التي تنتجها، مؤكدا أنه لن يتخذ أي إجراءات حيال هذه الواقعة قبل انتهاء التحقيقات لاستجلاء أسباب الكارثة، وتقييم الأضرار الصحية التي لحقت بالمرضى.
وأعلن الوزير تشكيل لجنة من كبار أساتذة الرمد بجامعتي عين شمس وطنطا، للكشف على المرضى وإعداد تقرير يكون أساسا للتحقيق الذي ستجريه الوزارة حول الواقعة، مؤكدا قيامه بزيارة إلى محافظة الغربية، يوم الاثنين للقاء الضحايا وأهاليهم، بعد أربعة أيام من وقوع الكارثة.
وأكد وكيل نقابة الصيادلة السابق محمد سعودي أن مادة "الأفاستين" التي تم حقن المرضى بها، هي مادة مهربة ويتم استخدامها في غياب أي رقابة رسمية على الأطباء المعالجين، ما ينذر بوقوع مزيد من الضحايا.
فيما أكد أطباء داخل مستشفى الرمد أن تلك المادة لا يعرف مصدرها بشكل دقيق أو تاريخ إنتاجها، وعلى الرغم من ذلك يتم استخدامها في الكثير من المستشفيات الخاصة والحكومية بسبب رخص ثمنها.
وأضاف محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء، أن المادة التي تسببت في هذه الكارثة محظورة دوليا؛ حيث منعت منظمة الصحة العالمية استخدامها منذ 2008.