نشر موقع "وور أون ذي روكس" مقتطفات من كلمة السيناتور جون
ماكين في مؤتمر ميونخ للسياسات الأمنية، على شكل مقال، قال فيه السيناتور إنه يتمنى أن يشارك زملاءه الذين يرون اتفاقية وقف إطلاق النار في
سوريا أنها اختراق لشعورهم، لكنه لا يراها كذلك، ويتمنى لو كان مخطئا، مؤكدا أنه ليس كذلك، ويقول: "إن شكوكي قائمة ببساطة على طبيعة طموحات العدو وواقع القوة والالتزام في العالم اليوم".
ويضيف ماكين: "لنكن واضحين حول ما تفعله هذه الاتفاقية: إنها تسمح بالاعتداء على حلب لمدة أسبوع آخر، وتطلب من المعارضة وقف القتال، لكنها تسمح لروسيا بالاستمرار في قصف (الإرهابيين)، الذين تصر
روسيا على أنهم الجميع، بمن فيهم المدنيون، وتلزم الاتفاقية القوات الأمريكية والروسية ليس فقط بألا تتقاتلا، بل بأن تنسقا معا، الأمر الذي رفضته واشنطن إلى الآن، وإن خرقت روسيا والأسد هذه الاتفاقية، فماذا يترتب على ذلك؟ لا أرى شيئا".
ويتابع السيناتور قائلا: "الفطرة السليمة وحدها لن تنهي الصراع في سوريا، بل هناك حاجة للضغط، فالرئيس الروسي فلاديمير
بوتين ليس حريصا على أن يكون شريكا لنا، بل يريد أن يدعم نظام الأسد، ويريد أن يعيد مكانة روسيا كونها قوة عظمى في الشرق الأوسط، ويريد أن يستخدم سوريا لتجربة أسلحته المتطورة في حرب حية، كما أنه يريد تحويل اللاذقية إلى قاعدة عسكرية روسية متقدمة؛ ليزيد من مساحة مجال السيطرة الروسية - كـ ليننغراد أو قرم جديد - ويقويها، ويريد مفاقمة مشكلة اللاجئين، واستخدامها سلاحا لكسر التحالف عبر الأطلسي، وأن يقوض المشروع الأوروبي. والشيء الوحيد الذي تغير بالنسبة لبوتين هو أنه كلما أكل أكثر انفتحت شهيته أكثر".
وتحدث ماكين في المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، عن إيران قائلا: "كذلك الأمر مع النظام الإيراني، فقد قيل لنا إن الاتفاق النووي مع إيران سيقوي المعتدلين ويهمش المتشددين، لكن يبدو أن ما حصل هو العكس، فحتى قبل أن يجف حبر الاتفاقية كانت إيران تصعد من أنشطتها الشريرة في الشرق الأوسط، وتجرب أسلحتها الجديدة، وذلك كله لا لتصبح شريكا مع الغرب، بل لتصبح القوة الإقليمية المسيطرة، التي تخرج النفوذ الأمريكي من الشرق الأوسط، وهو الدور الذي ستضطلع به، مستخدمة مليارات الدولارات بعد رفع العقوبات عنها".
ويقول السيناتور الأمريكي عن المغامرة الروسية في سوريا إنه "عندما انضمت روسيا إلى إيران، وذهبتا إلى الحرب معا في سوريا، قال البعض إن بوتين تورط في المستنقع السوري، وإنه سيضطر قريبا للجري وراء حل سلمي، وبدلا من ذلك فقد قامت روسيا بقصف المدنيين وقوى المعارضة المعتدلة لأشهر طويلة دون حساب، وصرحت قيادات الاستخبارات الأمريكية بأن التدخل الروسي ثبت وضع الأسد، وساعده للعودة إلى الهجوم. والآن وفي الوقت الذي نجلس نحن فيه هنا يقوم السوريون والإيرانيون وحزب الله وروسيا يتشديد حصارهم على حلب".
ويضيف ماكين: "لم تكن صدفة أن وافق بوتين على وقف الأعمال العدائية، وقد رأينا هذه التمثيلية في أوكرانيا: روسيا تضغط بالواقع العسكري وتخلق حقائق جديدة على الأرض، وتستخدم السماح بتمرير المساعدات الإنسانية ومنعها ببطاقات تفاوض، وتفاوض للتوصل إلى اتفاق يحفظ لها مكاسبها، ثم تستمر في الحرب. أي أن هذه الدبلوماسية هي لخدمة العدوان العسكري، وتنجح لأننا نسمح لها بالنجاح، والردع الوحيد الذي حققناه هو ردع أنفسنا".
ويؤكد السيناتور الأمريكي قائلا: "دعوني أقول ثانية: آمل أن أكون مخطئا، وأريد أن أكون مخطئا؛ لأنه إن تبين أن هذه الاتفاقية تكافئ العدوان بدلا من معاقبته، وإن أصبح ينظر إليها كونها إشارة إلى ضعف الغرب وليس إلى قوته، وإن عمقت المفهوم لدى حلفائنا وشركائنا في الشرق الأوسط بأننا لا يوثق بنا وأننا جبناء، فلن يتوقف الأمر عند فشل هذه الاتفاقية، بل إن الحرب في سوريا ستستمر، وسيموت المزيد من الأبرياء، وسيتضاءل النفوذ الغربي وتتضاءل مصداقية الغرب، وسيستمر تدفق اللاجئين إلى الخارج وتدفق الإرهابيين إلى الداخل، وسيهاجم مواطنونا أو يهاجمون مكررا".
ويتحدث ماكين عن خبرة العمر، قائلا: "أصدقائي، من الفوائد النادرة لكبر سني هو أنني حظيت بحضور هذا المؤتمر لعدة عقود، وشهدت ولاد فون كليست وغيره من عمالقة تحالفنا عبر الأطلسي يجتمعون عاما بعد عام لمناقشة أعظم التحديات في وقتهم، إنهم آمنوا بأهمية نظام عالمي قائم على القوانين؛ لأنهم يعرفون أهوال الفوضى العالمية، وكانوا يعتقدون بالحفاظ على توازن القوة؛ لأنهم عاشوا انهيارها، فقد آمنوا بالغرب وقوته ونجحوا".
ويشير السيناتور إلى أن "تلك الرؤية للنظام العالمي – رؤيتنا– هي التي يعتدى عليها اليوم، إنه توازن القوى الذي يتآكل في منطقة آسيا والباسيفيكي، وهنا في أوروبا، وبأوضح شكل في الشرق الأوسط، إن هذا لا يشبه إعصارا أو تسونامي، ولا يحصل لنا نحن فقط، إنه يحصل بسبب القوى الاسترجاعية والحركات الإرهابية، مثل تنظيم الدولة، التي تختبرنا وتهددنا وتهاجمنا، وتأمل في المحصلة بإقصائنا واستبدالنا".
ويتساءل ماكين قائلا: "ألا نرى ماذا يحصل؟ هل نعيره اهتماما؟ ماذا كان سلفنا سيفعلون لو كانوا هنا اليوم؟ هل سيعتقدون أننا ننجح؟ وهل نعتقد نحن أننا ننجح؟".
ويختم السيناتور الأمريكي مقاله بالقول: "بدأ النظام العالمي الذي بنيناه، وميراثنا العزيز الذي تعهدناه ودعمناه عاما بعد عام هنا في ميونيخ، بالتصدع. وحصول ذلك ليس محتوما، وليس هذا بسبب قلة القوة أو النفوذ أو الخيارات التي توظفها، لا، لكن السبب في المحصلة هو تقديرنا وتصميمنا، وعلى هذا الصعيد يجب علينا تحويل المسار في أسرع وقت ممكن".