نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب هيو نايلور عن مواقف السعوديين من الخطط التي تحدثت عنها الحكومة للمشاركة في الحرب السورية، وقال إن
السعودية تقوم باستعراض عضلاتها في وقت تحقق فيه القوات المؤيدة للنظام السوري تقدما في شمال
سوريا، ووسط قلق عام من إمكانية دخول البلاد في حرب جديدة.
ويقول الكاتب إن القوات الموالية لبشار
الأسد قامت مدعومة من المليشيات الشيعية والطيران الروسي بحملة في شمال مدينة حلب، رغم التقدم القليل الذي تم تحقيقه في محادثات السلام، مشيرا إلى أن التحرك يهدد جماعات المعارضة السورية التي تتلقى دعما من السعودية.
ويشير التقرير إلى أن السعوديين ردوا بشكل رسمي، من خلال إرسال طائرات حربية إلى تركيا، التي تعارض النظام السوري، وقالوا إنهم قد ينشرون قوات برية لمواجهة تنظيم الدولة في العراق والشام.
ويرى البعض أنها محاولة لدعم المعارضة السورية، وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت عن تشكيل تحالف من الدول الإسلامية يضم دولا عربية وأفريقية.
وتورد الصحيفة أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تحدث لشبكة أنباء "سي أن أن" قائلا: "سيرحل الأسد، لا شك في هذا"، وأضاف: "إما سيرحل من خلال عملية سياسية أو بالقوة".
ويلفت نايلور إلى أن السعودية منخرطة الآن في حملة عسكرية في اليمن، مشيرا إلى أن احتمال مشاركتها في حرب جديدة يثير قلق السعوديين، خاصة في ظل تراجع الاقتصاد.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مراقب سعودي قريب من المسؤولين البارزين في البلد، قوله: "اقتصادنا يشق طريقه بصعوبة، ومع ذلك يخرج بعض القادة ويصدرون تصريحات قد تورطنا في الحرب السورية ضد الروس". ويشير المراقب إلى التدخل الروسي في سوريا العام الماضي لدعم موقف حليفها الأسد، وهو تدخل قد يغير مسار الحرب التي مضى عليها خمسة أعوام، وقتل فيها أكثر من 250 ألف شخص، وتم تشريد الملايين.
وتنوه الصحيفة إلى أن "الحرب التي تخوضها المملكة في اليمن، التي لم يتحقق فيها النصر بعد، بدأت آثارها تمتد إلى داخل المملكة، فعلى الجبهة الداخلية تعاني الدولة من وضع مالي سببه انخفاض أسعار النفط، الذي قاد الحكومة إلى تخفيض النفقات العامة، ورفع الدعم عن الوقود والطاقة".
ويورد الكاتب نقلا عن سعودي بارز قوله: "على المستويات كلها في المجتمع السعودي، وبينهم العائلة المالكة، هناك قلق جدي حول مشاركتنا في هذه الحروب الأجنبية". وأضاف: "أعتقد أن هناك شعورا بأننا فقدنا القدرة على النظر للأمور بطريقة واقعية".
ويلفت التقرير إلى الدور الذي يؤديه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي حول مسار السياسة السعودية الحذرة في طبيعتها، إلى اتجاه موقف أكثر حزما، مشيرا إلى أنه اتجاه مكلف ماليا، يهدف إلى وقف ما يراه الكثيرون توسعا إيرانيا لا حدود له في المنطقة.
وتفيد الصحيفة بأن من مظاهر التغير في السياسة الخارجية تشكيل تحالف عربي سني، قاد حملة جوية وبرية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين، الذين يلقون دعما من إيران، وفي الوقت ذاته عززت السعودية من دعمها للمعارضة السورية، لافتة إلى أنه في كانون الأول/ ديسمبر احتضنت العاصمة الرياض مؤتمرا لفصائل المعارضة السورية قبل عقد اجتماع جنيف، الذي انهار بداية هذا الشهر بسبب العمليات العسكرية في حلب، التي شنها النظام بدعم من الطيران الروسي.
ويجد تايلور أن الرهان زاد بشكل كبير بسبب القتال الذي تقوم به الحكومة في حلب، حيث تهدد القوات الموالية لنظام الأسد بقطع خطوط الإمداد للمقاتلين من تركيا، مشيرا إلى أن هذا سيعطل الجهود السعودية وقدرتها على دعم المقاتلين المعارضين لنظام الأسد.
وينقل التقرير عن المحلل السعودي الذي يعيش بين الرياض وواشنطن سلمان الأنصاري، قوله: "يجب عدم التسامح مع التوسع الإيراني"، ووصف إمكانية سقوط مدينة حلب أو الجزء الذي يسيطر عليه المقاتلون بالتهديد للأمن القومي السعودي، لكنه لاحظ أن المملكة ستتجنب اتخاذ قرارات من طرف واحد.
وتورد الصحيفة أنه بحسب الصحافي جمال خاشقجي، فإن المناورات العسكرية السعودية، وعرضها لنشر قوات برية في سوريا، يشكل امتحانا لدعم الولايات المتحدة لسياسات المملكة.
ويذهب الكاتب إلى أن المملكة تخشى من عدم استعداد إدارة الرئيس باراك أوباما لدعم المملكة، خاصة في سوريا، التي استبعد فيها أوباما نشر قوات عسكرية كبيرة، لافتا إلى أن من القضايا المثيرة للدولة السعودية رفع الحظر عن إيران بعد الاتفاق معها حول ملفها النووي، حيث يخشى المسؤولون السعوديون من جرأة إيران.
ويعلق خاشقجي قائلا: "في المحصلة يشعر السعوديون بأهمية عدم السماح للروس والإيرانيين بالنصر في سوريا؛ لأن ذلك يمثل تهديدا لأمن السعودية القومي". ويعترف خاشقجي بمحدودية الخيارات السعودية، حيث يقول: "خياراتنا محدودة وما تراه يخرج من هنا هو محاولة لدفع حليفنا الرئيسي إلى الانخراط من جديد"، في إشارة إلى الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.
وبحسب التقرير، فإنه في المقابل فقد دعا المسؤولون الأمريكيون السعودية إلى المشاركة أكثر في الحرب ضد تنظيم الدولة، ومع أن السعودية شاركت في بداية الحملة واستهدفت مواقع لتنظيم الدولة، إلا أنها حرفت تركيزها نحو الحرب في اليمن.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن المعلق لبيب قمحاوي يقول: "كشف السعوديون عن ضعفهم من خلال هذه التصريحات"، ويضيف: "لا توجد طريقة يمكنهم فيها إرسال قوات برية إلى سوريا وهم يخوضون حربا في اليمن".