لا يخفي
اللبنانيون قلقهم البالغ بعد إعلان المملكة العربية
السعودية وقف مساعدتها للجيش اللبناني والقوى الأمنية، وينتظر اللبنانيون الخطوات التصعيدية القادمة التي قد يكون من بينها سحب
الودائع السعودية من المصارف اللبنانية.
ونقلت صحيفة "النهار" اللبنانية عن رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه قوله: "نحن مطمئنون أن القطاع المصرفي لا يدخل ضمن التجاذبات السياسية، فهو قطاع مهني ومهنيته تشكل الضمانة الأولى له، وأية وديعة موجودة هي في صالح من أودعها، ونطلب من السياسيين أن يكفوا اليد عن القطاع المصرفي وعن نشر أفكار وهمية ليست واردة وغير مؤثرة، لا في أداء القطاع المصرفي ولا في أداء زبائنه". ورأى أن "قرار سحب الودائع ليس قرار شخص واحد ولا قرار سلطة ولا حكومة، فهو مرتبط بالعلاقة بين المصرف والعميل".
وعن إغلاق البنك الأهلي التجاري السعودي، قال طربيه إن قرار الإقفال كان تجاريا، وليس سياسيا، بسبب النشاط المتواضع في لبنان، أما باقي الاستثمارات السعودية في القطاع المصرفي السعودي فهي غير مرشحة للانسحاب أو الخروج من لبنان.
وأما الخبير الاقتصادي، غازي وزني، فأوضح أن "الودائع غير المقيمة في لبنان تمثل 20 بالمائة من إجمالي الودائع "أي ما يقارب 30 مليار دولار، منها ما يتراوح بين 3 و4 مليارات دولار لمستثمرين سعوديين. من هذا المنطلق فإن سحب هؤلاء ودائعهم لا يؤثر على القطاع المصرفي اللبناني الذي يعتمد بشكل كبير جدا على الودائع المقيمة".
وتابع وزني لـ"النهار": "الودائع السعودية ازدادت بين عامي 2007 و2010 بسبب الأزمات التي حصلت، كالأزمة المالية العالمية في العام 2008، وغيرها من الأزمات التي شهدتها المنطقة حين بات القطاع المصرفي ملجأ آمنا للتوظيفات وللأموال. وازدادت أكثر مع اهتمام المستثمرين السعوديين بالاستثمار في لبنان، خصوصا في القطاعين العقاري والسياحي، حيث شهد هذان القطاعان بين عامي 2007 و2010 استثمارات ضخمة تجاوزت سنويا الـ10 مليارات دولار، مع تضاعف أسعار العقارات من أراض وشقق".
وأضاف أن "الاستثمار الثاني للسعوديين كان في القطاع التجاري ثم في القطاع الصناعي، حيث تبلغ الاستثمارات السعودية في لبنان حوالي 6 مليارات دولار بين عامي 2004 و2015. لكن بين عامي 2010 و2015، فقد تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 4.9 مليار دولار في عام 2010 إلى 2.7 مليار دولار في 2015، وقد طال التراجع بشكل أساسي القطاع العقاري الذي يشهد حاليا جمودا في الأسعار وتراجعا".
وعن ارتباط الاقتصاد اللبناني بدول الخليج، قال الخبير الاقتصادي: "الاقتصاد اللبناني مرتبط بشكل وثيق باقتصاد الدول الخليجية، إذ إنه يتفاعل إيجابا عندما تكون العلاقات اللبنانية الخليجية جيدة ويتفاعل سلبا عندما تتدهور هذه العلاقات، لأنه يوجد في منطقة الخليج حوالي 500 ألف لبناني يحوّلون سنويا ما يقارب الـ4.5 مليار دولار، أي ما يمثّل حوالي 60% من تحويلات الاغتراب. وقد مثلت في العام 2010 السياحة الخليجية حوالي 30% من إجمالي السياح، وبلغت الصادرات باتجاه هذه الدول أكثر من 35%، إضافة إلى أن السوق الخليجي مهم جدا للعمالة اللبنانية".
خبير آخر، رأى أن سحب الودائع لن يؤثر على القطاع المصرفي اللبناني، وقال الدكتور لويس حبيقة، إنه "لا توجد إحصائيات دقيقة لقيمة الودائع السعودية في المصارف اللبنانية، فهذه الودائع قد تكون مسجلة في شركات لبنانية سعودية، لذلك فإنه من الصعب حصر ما هو سعودي منها، لكن سحب الأموال السعودية لن يؤثر، في كل الحالات، على الاقتصاد النقدي أو المصرفي، لأن الأموال في الإجمال تكون لبنانية سعودية وليست سعودية صافية".
وتطرق في حديثه للصحيفة، إلى الوديعة السعودية البالغة مليار دولار في مصرف لبنان، قائلاً إنه "تم وضعها في العام 2006 على أثر الحرب الإسرائيلية على لبنان، وحتى لو تم سحبها فإن الأمر لا يؤثر على الاستقرار النقدي، لأن مصرف لبنان يملك حوالي 40 مليار دولار من الاحتياطي النقدي إضافة إلى 902 مليون أونصة ذهب، أي حوالي 50 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، والوديعة كانت للدعم المعنوي أكثر من المادي".
وختم بأن "الوضع المالي النقدي في لبنان سليم جدا وليس هناك أي سبب للخوف أو القلق أو الشك. نعم توجد ودائع مهمة في لبنان، لكنها لا تؤثر على النقد اللبناني". واستطرد بأنه "يوجد 150 مليار دولار ودائع في المصارف، لكنها لا تعرف كيف توظفها، كون الإقراض في لبنان صعبا، والودائع تكلف المصارف فوائد".
أما الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، فلفت إلى أن "ما يتم الحديث عنه هو فرضيات غير مبنية على وقائع وأرقام، فأولاً لم يعلن أحد عن قرار سحب ودائعه من لبنان. ثانيا، أن هناك سرية مصرفية يعني أننا لا نعلم بالتحديد ما هي المبالغ السعودية المودعة لدينا. ثالثا، أنه وصلت قيمة ودائع القطاع الخاص إلى 152 مليار دولار في آخر عام 2015، معظمها من اللبنانيين، لذلك فإنه لا يجب أن نستبق الأمور". ولفت إلى أنه "منذ عشرات السنين كانت هناك ودائع سعودية في لبنان وعلاقة وطيدة بين السعوديين والمصارف اللبنانية، لكن قرار سحب الودائع قرار شخصي يعود لكل مودع". وعن إغلاق المصارف السعودية، أجاب بأن "الهدف الأساسي لوجود المصارف السعودية في لبنان هو خدمة السياح السعوديين، ومنذ العام 2011 فإن أعدادهم تشهد تراجعا".