نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للمعلق الأمريكي جاكسون ديهل، حول قيام السلطات
الإماراتية بتعذيب مواطنين أمريكيين في معتقلاتها.
ويقول الكاتب: "زارتني أمل الدارات، المولودة في أمريكا، التي أنهت دراستها في لندن، وعملت حتى وقت قريب مع (ديلويت كونسلتنغ) في دبي، الأسبوع الماضي، وروت لي قصة والدها وأخيها المروعة، وكلاهما مواطنان أمريكيان، ووصفت كيف قامت المخابرات الإماراتية باختطافهما قبل 18 شهرا وتعذيبهما، حتى حصلت منهما على اعتراف بأنهما يدعمان الإرهاب".
ويضيف ديهل: "لم تكن هذه القصة الحزينة غريبة، وبحسب بيان من المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فإنه تم اعتقال كمال الدارات وابنه محمد دون وجه حق في آب/ أغسطس 2014، واحتجزا في معزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أشهر، في مكان غير معلوم، وتعرضا لتعذيب مكثف، بما في ذلك الإيهام بالغرق والصعقات الكهربائية والضرب والتعليق، ومنعا من حقهما في تعيين محام لهما ومن الزيارات العائلية، كما أنهما لم يخبرا بالتهم الموجهة ضدهما حتى تم عرضهما على محكمة الشهر الماضي، وتم توجيه التهم لهما بموجب قانون بدأ العمل به بعد اعتقالهما، ويمكن أن يحكما بالسجن مدى الحياة، أو الإعدام دون إمكانية الاستئناف، عندما تستمر محاكمتهما في 29 شباط/ فبراير".
وتذكر الصحيفة أن أمل الدارات وصفت أباها وأخاها بأنهما رجلا أعمال ناجحان، وأن استهدافهما من المخابرات الإماراتيه له علاقة بأصولهما الليبية، ومشاركتهما في الجهود الإغاثية خلال وبعد الربيع العربي في 2011، مشيرة إلى أن كمال الدارات حصل على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة هربا من ديكتاتورية معمر القذافي، وعندما قام الشعب الليبي بثورته، قامت العائلة بإرسال المساعدات لمدينتهم مصراتة، التي كانت مركزا للقتال.
ويعلق الكاتب قائلا: "بعد ذلك بسنوات، وقفت قوات مصراتة مع جانب في الحرب الأهلية، بينما تؤيد الحكومة الإماراتية الجانب الآخر، وبعد أيام من تدخل الطيران الإماراتي في القتال في
ليبيا، قامت قوات الأمن في الإمارات باعتقال 10 رجال من أصل ليبي، وتم اتهامهم بدعم جماعات (إرهابية)، ومع أن عائلة الدارات لا علاقة لها بالإسلاميين المتطرفين، إلا أنه تم اعتقال كمال وابنه محمد، وأخبرتني أمل بأنهما (عذبا دون توقف)، وعندما سمح لها بزيارتهما بعد الاعتقال بستة أشهر، وجدت أباها محدودب الظهر من الألم، بينما فقد أخوها السمع في إحدى أذنيه".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أمل قولها: "كنت أستطيع رؤية علامات
التعذيب على رقبة والدي، ولم يكن والدي أو أخي الشخصين نفسهما اللذين عرفتهما".
ويقول ديهل: "عندما كنت أستمع لذلك، تذكرت قصصا شبيهة سمعتها في الأعوام القليلة الماضية، مثل قصة محمد سلطان، المصري المتخرج في جامعة أوهايو في أمريكا، الذي اعتقل في القاهرة بعد انقلاب عام 2013، وتم احتجازه مدة 21 شهرا، تعرض خلالها للتعذيب الشديد. أو مريم الخواجة، التي درست في جامعة براون ببعثة من فولبرايت، وقد جابت العالم لشرح قضية أبيها وأختها، وهما ناشطان حقوقيان سجنا في البحرين بعدد ثورة عام 2011".
وتجد الصحيفة أن "القاسم المشترك بين هذه القضايا هو أنها تتعلق بأشخاص عرب، تستطيع أن تقول أنهم (متأمركون) ويحلمون بالديمقراطية لبلادهم، تستهدفهم الأنظمة الرجعية (السنية)، التي أعادت فرض وتقوية الاستبداد، ويدعي هؤلاء الحكام بأنهم يحاربون الإرهاب الإسلامي، الذي يخلطونه مع الحركة الإسلامية اللاعنفية، مثل الإخوان المسلمين، ولكنهم يعدون أشد أعدائهم هم دعاة الديمقراطية، الذين يسعون إلى إصلاح أنظمة بالية رجعية لا يمكن الدفاع عنها".
ويلفت التقرير إلى أنه "في وسط الغضب العارم للعلمانية والتطرف، فإن الديمقراطيين العرب يمثلون الأمل الوحيد للشرق الأوسط، لكنهم عادة ما يهملون من واشنطن؛ لأن إدارة أوباما ومعظم معارضيها الجمهوريين اعادوا أحتضان الزعماء (السنة) الوحشيين، مثل عبد الفتاح السيسي في مصر، وتغض الإدارة الأمريكية الطرف عن القمع الوحشي، حتى عندما يتعلق الأمر بمواطنين أمريكيين".
ويمضي الكاتب قائلا: "ربما هذا هو السبب الذي جعل الخارجية الأمريكية تصمت تماما عن قول كلمة واحدة في العلن حول قضية الدارات، حتى سألت عنها الأسبوع الماضي، والرد الذي وصلني في الواقع كان بيانا تمت صياغته بشكل محايد، قالت فيه إن الدولة (أثارت) موضوع (مزاعم) عائلة الدارات، حول (سوء المعاملة) مع حكومة الإمارات العربية المتحدة، ولم يحو البيان أي كلمة توحي بالاحتجاج أو القلق".
ويستدرك ديهل بأنه رغم هذا "يصور سفير الإمارات النشيط يوسف العتيبة، بلده على أنها حليف قوي لأمريكا ضد تنظيم الدولة، وعندما سألته عن قضية عائلة الدارات، أرسل لي بيانا من وزارة الخارجية يقول فيه إن الرجلين يحاكمان (وفقا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة)".
وتنوه الصحيفة إلى أن أمل الدارات، التي استطاعت أخيرا رؤية ملف القضية الشهر الماضي، لم تجد أدلة ضد أبيها وأخيها، سوى اعتراف مطبوع في 200 صفحة، وموقع عليه منهما.
ويخلص الكاتب إلى القول: "لحسن الحظ يبدو أن ما توصلت إليه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بخصوص عائلة الدارات، اضطر القاضي الأسبوع الماضي إلى أن يسمح بالتحقيق في دعاوى التعذيب، وتأمل العائلة بأن تحظى القضية باعتناء دولي أكبر يجعل النظام يسقطها".