تعاني
الجزائر، متاعب اقتصادية مرهقة وخطيرة بآن واحد، ولم تلبث حكومة البلد، تبحث عن علاجات ملائمة لأزمة انهيار أسعار
النفط، حتى دخلت معاناة أخرى على إثر انهيار أسعار
الغاز ودخول منافسين دوليين جدد، مع تضاعف الطلب الداخلي على هذه المادة الطاقية.
وعقد الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، الاثنين، اجتماعا وزاريا مصغرا خصص لتطوير
الطاقات المتجددة لتجاوز تبعات خطيرة لانهيار أسعار النفط والغاز، من أجل إنعاش الخزينة العامة التي تراجعت مدخولاتها إلى 50 بالمائة وأضحت عاجزة عن تمويل مشاريعها الكبرى ودفعت بها إلى توقيف عدد معتبر منها.
وأمر الرئيس بوتفليقة حكومته، بمواصلة تجسيد البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة والتي صارت تشكل أولوية للبلاد بحسب ما ورد ببيان الرئاسة بالجزائر، الثلاثاء. كما أمر الرئيس الجزائري بإنتاج كهرباء من مصادر متجددة لاسيما الطاقة الشمسية والرياح بمعدل سنوي قدره 22 ألف ميغاواط بغضون 2030، ستوجه أساسا إلى السوق المحلية فضلا عن 10 آلاف ميغاواط موجهة للتصدير.
وتتخوف الجزائر من تبعات انهيار أسعار الغاز دوليا مع تزايد الطلب المحلي ودخول منافسين جدد من مصدري الغاز كالولايات المتحدة الأمريكية، ويرى خبراء النفط بالبلاد أن الجزائر ستتحول من دولة مصدرة إلى مستورة للغاز.
وقال الخبير في مجال الغاز سعيد بهلول، في تصريح خاص لـ "
عربي21"، إن " الجزائر ستصبح دولة فقيرة بعد سنوات ولن يصبح لديها لا بترول ولا غاز، والحكومة الجزائرية هي من يتحمل المسؤولية لأنها عجزت عن إيجاد اقتصاد بديل للنفط والغاز".
ورتبت الحكومة الجزائرية آفاق العام 2030 لنشر الطاقة الشمسية وطاقات الرياح على مستوى واسع مرفوقة على المدى المتوسط بإنتاج الطاقة الشمسية الحرارية والهجينة والطاقة الحيوية والحرارية، حسب المخطط الرسمي.
لكن، وقبل ذلك، تتلقى الحكومة الجزائرية مطالبات بتقديم حصيلة أعمالها فيما يتصل بصرف 800 مليار دولار منذ 15 سنة، ويمثل هذا الرقم مداخيل الجزائر من تصدير النفط.
وقال رئيس حزب "جيل جديد" المعارض، جيلالي سفيان في تصريح لـ "
عربي21"، إن "الجزائر فوتت فرصة ذهبية لتحقيق التنمية والإقلاع الاقتصادي، وجرى صرف أموال النفط بشراء السلم الاجتماعي، وإقرار مشاريع فاشلة".
وتم خلال 2015 إدخال 14 محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية حيز الخدمة بطاقة إجمالية قدرها 268 ميغاواط في عدة ولايات بالهضاب العليا والجنوب الجزائري، وهي المشاريع التي بلغت كلفتها 70 مليون دولار.
وشدد الرئيس الجزائري، خلال الاجتماع المصغر، على ضرورة تعزيز الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي قصد الاستجابة للطلب الداخلي المتزايد وكذا الإيفاء بالالتزامات التعاقدية للشركاء الطاقيين للجزائر.
كما أمر بتكثيف جهود استكشاف الغاز الطبيعي، غير أن تراجع أسعار الغاز التي تبنى على أساس أسعار النفط وكذا دخول عدة منتجين منافسين في السوق تشكل أهم الرهانات التي يتوجب على الجزائر مواجهتها ببراغماتية قصد التكيف مع الوضع الجديد حسب تحليل عدة خبراء في الطاقة.
واعتبر الخبير الجزائري بمجال النفط عبد المجيد عطان، أن "الوضعية التي تمر بها الجزائر صعبة، خاصة بعد تراجع الأسعار في الأسواق الدولية"، مشيرا إلى أن "نمو الطلب الداخلي على الغاز بشكل متسارع وغياب اكتشافات جديدة وانخفاض الإنتاج، دفع بالسلطات العليا في الدولة إلى الاعتراف أخيرا بصعوبة الوضع ودق ناقوس الخطر".