بعد 26 عاما من المطاردة؛ اغتيل القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عمر
النايف، على بقعة من الأرض تحمل الهوية الفلسطينية، في عملية تصفية محكمة؛ تؤكد بعض تفاصيلها أن بصمات جهاز "
الموساد"
الإسرائيلي محفورة عليها، بحسب خبراء فلسطينيين أكدوا أن تلك البصمات لم تكن لها أن تنقش إلا بـ"مشاركة فلسطينية".
وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاني الثوابتة، إن الشهيد عمر النايف، تعرض قبيل
اغتياله بأيام لـ"مضايقات كبيرة، ومطالبات بمغادرة السفارة، من قبل السفير الفلسطيني في
بلغاريا أحمد المذبوح، وطاقم السفارة".
وكشف الثوابتة لـ"
عربي21"، أن بعض من يعملون في السفارة، كانوا يطرحون على النايف بعض السيناريوهات؛ كـ"إمكانية وقوع اعتداء عليه، ومن ثم نقله للمستشفى تمهيدا لاعتقاله وتسليمه للاحتلال، أو دس السم له في الأكل".
وأوضح أن تصفية النايف تمت من خلال "دخول مجموعة للسفارة ليلا بشكل آمن عبر البوابة الرئيسة، والاعتداء عليه بشكل مباشر بآلات حادة وعصي"، مؤكدا أنه "بعد وصول أمن السفارة؛ بقي ينزف من قبيل الساعة السادسة صباحا، وحتى وصول سيارة الإسعاف بعد السابعة، وهذا يؤكد أن هناك انتظارا متعمدا ريثما تنتهي حياته قبل أن يتم إسعافه".
وقال إن "السفير الفلسطيني ضالع في تصفية النايف من خلال إهماله طلبا من الشهيد بتوفير قوة أمن لحمايته، ووضع كاميرات مراقبة، على أن يتحمل بعض أصدقائه التكاليف، إلا أن السفير كان يماطل"، مضيفا أن "كل ذلك يدل على أن اغتيال النايف؛ تم بتخطيط وتدبير وتواطؤ ومشاركة السفارة وطاقمها".
خلل أمني
من جانبه؛ رأي الخبير السياسي الفلسطيني، عبد الستار قاسم، أن عملية اغتيال النايف "تتطلب قيام أحد المتواجدين في السفارة بفتح أحد أبوابها للمعتدين"، مؤكدا أن هناك "خللا أمنيا كبيرا في الجانب الفلسطيني، ومن الضروري البدء فورا في تنظيف صفوفنا من الجواسيس"، على حد وصفه.
وأكد لـ"
عربي21" أن بعض الفلسطينيين "حريصون على أن تصل المعلومات للاحتلال؛ حتى يتمكن من رقابنا"، مشددا على أهمية وجود تحقيق تقوم به "جهة محايدة، لا علاقة لها بالسلطة أو الفصائل"؛ لأن لجنة التحقيق التي شكلها رئيس
السلطة الفلسطينية
محمود عباس "ليست مصدرا للثقة، وستنتهي كما انتهت سابقتها، ولن تنجز شيئا".
وحول مؤشرات لقاء رئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف، بالرئيس عباس في رام الله، ورئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، ورئيس جهاز "الموساد" يوسي كوهين، الأربعاء الماضي، كل بشكل منفرد، وذلك قبل اغتيال النايف بحوالي 48 ساعة؛ علق قاسم بقوله: "هناك ألاعيب تمت، ولا أستبعد مشاركة فلسطينية في اغتيال النايف"، مرجحا أن تكون النتيجة التي "ربما توصل إليها رئيس وزراء بلغاريا، من خلال عقده لقاءات مع كل المسؤولين المعنيين؛ أن اغتيال النايف هو أقصر الطرق وأسهل الخيارات لإنهاء هذه القضية".
مشاركة فلسطينية مباشرة
من جهته؛ قال الخبير في الأمن القومي، إبراهيم حبيب، إن "من الواضح أن هناك مشاركة فلسطينية مباشرة في عملية اغتيال النايف"، مرجعا ذلك إلى "عدم طلب السفارة الحماية الكاملة من قبل السلطات البلغارية للنايف".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "هناك الكثير من علامات الاستفهام التي تطرح على طريقة تعامل السفارة والسفير والعاملين في السفارة مع الشهيد النايف، من خلال ضغطهم عليه ومطالبته بمغادرة السفارة، مع علمهم بأن جهاز الموساد الإسرائيلي يحاول الوصول إليه".
وأضاف حبيب: "كان من المفترض أن تقوم السفارة باتخاذ إجراء قانوني لحماية نفسها وحماية النايف؛ بإبلاغ السلطات المعنية، وإظهار ذلك للعالم، قبل أن تقتحم قوة الموساد السفارة، وتغتال النايف"، معتبرا أن دخول السفارة من قبل المعتدين بشكل آمن؛ "يعزز سيناريو تواطؤ
السفارة الفلسطينية في تسهيل مهمة تصفية هذا المقاوم من قبل جهاز الموساد، وبتعاون السلطات البلغارية".
وقتل النايف (52 عاما) صباح الجمعة الماضي داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا، ويتهمه الاحتلال بقتل مستوطن إسرائيلي قبل 27 عاما، وحكم عليه بالمؤبد، إلا أنه تمكن من الفرار عام 1990، بعد مكوثه ثلاث سنوات داخل السجن، ووصل إلى بلغاريا قبل 21 عاما، ولجأ إلى سفارة فلسطين منذ 60 يوما، خوفا من قيام السلطات البلغارية بتسليمه للاحتلال الإسرائيلي.