بدا من التغطيات الواسعة التي أفردتها الصحف ووسائل الإعلام
المصرية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة محاولتها صرف الانتباه عما جاء في الخطاب الأخير للسيسي، الأربعاء، بمسرح الجلاء، بمناسبة تدشين "رؤية مصر 2030"، علاوة على إلهاء المواطنين عن سوء أداء برلمان 2016، وفضائح أعضائه التي لا تتوقف، وذلك تحت غطاء "مقاومة التطبيع"، فضلا عن تصفية خصومات شخصية بين النواب.
وجعلت وسائل الإعلام المصرية، من حادثة ضرب عكاشة بالحذاء داخل البرلمان، الحدث الأبرز في تغطياتها، حتى إنه تقدم على جولة السيسي الآسيوية أحيانا.
وبدا أيضا أن الأمر ليس له علاقة بمقاومة التطبيع، لأن العلاقات المصرية
الإسرائيلية تجري على قدم وساق، وذهب صحفيون مصريون إلى القدس المحتلة دون أن تعاقبهم نقابتهم، و"حج" آلاف من الأقباط إلى "إسرائيل" دون أن تحرمهم الكنيسة، فيما يستقبل السيسي - رسميا - شخصيات ووفودا أمريكية تتعاطف مع إسرائيل علنا، لكنه يوالي من خلالها في إرسال رسائل الطمأنة إلى الغرب.
الباحث في الشؤون الإسرائيلية، أمين المهدي، قال إن البرلمان "مزور"، وجاء في ظل عصيان وطني، ونسبة المشاركة التصويتية فيه لا تتعدى الـ2%، كما أنه يمثل أداة للتلاعب بالوعي العام لدى المصريين.
وأضاف، في تصريحات نقلتها صحيفة "التحرير"، أن "مصر ستواجه كارثة مائية خلال أشهر، عبر التلاعب في حصتها عبر اتفاق سري يسمى اتفاق الخرطوم، كل هذا والنواب منشغلون بمن قابل السفير الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: نائب مصري يضرب عكاشة بـ"الجزمة" (فيديو)
واستنكر تصرف كمال أحمد، مشيرا إلى أن مصر فيها كوارث اقتصادية واجتماعية وسياسية تستحق اهتمام النواب، بدلا من اتباع سياسة "الأدرينالين الوطني"، مضيفا أن الفكرة العربية بـ"الرد بالأحذية"، لا يعرفها العالم المتقدم، وإنما يعرف قيمة الكلمات.
هجوم يؤهل عكاشة لـ"نوبل"
وأشار أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، إلى أن الهجوم على
توفيق عكاشة بعد لقائه بالسفير الإسرائيلي سيؤهله للحصول على جائزة نوبل للسلام.
وقال في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "انتبهوا.. عكاشة يخطط للحصول على نوبل".
وتابع: "الضجة العالمية والهجوم المحلي ضد النائب توفيق عكاشة سيؤهلانه للحصول على جائزة نوبل للسلام التي يسعى إليها".
وأضاف: "تذكروا أن زويل لم يحصل عليها إلا بعد أن زار إسرائيل، وتعاون معها، والسادات لم يحصل عليها إلا بالسلام مع إسرائيل، ومحفوظ حصل عليها لهجوم المتشددين عليه".
وواصل: "كل ما تفعلونه يعلمه عكاشة تماما، ويقربه من تحقيق هدفه، وسيكون الهجوم على ناصر، والثناء على السادات، خطوة على الطريق (فعل عكاشة ذلك بالفعل).. عالجوا الأمر بهدوء وحكمة والرجل يخطط إلى ما بعد نوبل"، وفق قوله.
هل هو انتقام لعبد الناصر؟
وعلّق الفنان نبيل الحلفاوي، على المشهد، فقال إن "العنف مرفوض بالطبع، لكن الحقيقة أن من استدعى الجزمة هو النائب عكاشة نفسه الليلة الماضية في قناته.. استدعاها مرتين".
وأضاف، في تغريدة على موقع "تويتر"، أن "الأولى عندما قال إن جزمة أقل واحد في عيلة أمه برقبة كل الناصريين واليسار، والثانية عندما طلب من الناس إما أن يحملوه على الأعناق أو يضربوه بالجزمة.. وهذا ما حدث".
ويذكر أن "كمال أحمد" ناصري، وقال ضمن تصريحاته إن ضربه عكاشة بالحذاء إنما هو رد اعتبار لـ"الزعيم جمال عبد الناصر"، وفق تعبيره.
الإبراشي: العالم مهتم
وعلق الإعلامي وائل الإبراشي، قائلا إن "الإعلام العالمي كله اهتم بهذا المشهد اهتماما كبيرا".
وأردف أن "اليوم هو يوم الحذاء، وحذاء كمال أحمد أصبح أشهر حذاء في مصر، واليوم يجب أن نطلق عليه (موقعة الحذاء)، لأن الجميع انتقل من واقعة لقاء عكاشة بالسفير الإسرائيلي إلى واقعة الحذاء".
وتابع، خلال برنامج "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم"، بأنه في كل الأحوال لا يجب أن يكون الحذاء وسيلة للتعبير، ولكن وجدنا أن هناك انشقاقا بين البعض داخل مجلس النواب، ما بين مؤيد ومحتج، وفق قوله.
الحسيني: الموقف السيادي هو المشكلة
وكشف الإعلامي يوسف الحسيني، عبر برنامج "بصراحة" على إذاعة "نجوم إف إم"، أن مشكلة عكاشة هي دخوله في موقف تفاوضي وسيادي بخصوص سد النهضة، عند حديثه مع السفير الإسرائيلي بالقاهرة.
وأضاف الحسيني أن النائب كمال أحمد، أول الضاربين بالحذاء داخل البرلمان لتوفيق عكاشة، مشيرا إلى أن الحذاء رفع من قبل في المجلس، ولكن للمرة الأولى يضرب نائب بالحذاء داخل المجلس، مختتما: "اللهم لا شماتة على الإطلاق".
برلمان السيسي يخرج من مطب التطبيع
إلى ذلك، ساعدت واقعة ضرب توفيق عكاشة بالحذاء "برلمان السيسي" على الخروج من مطب لقاء عضوه عكاشة بالسفير الإسرائيلي، مطهرا سمعته السيئة بين المواطنين، بواقعة ضرب عضوه الآخر "كمال أحمد" له بالحذاء.
وأشادت الصحف المصرية الصادرة الأربعاء بضرب عكاشة بالحذاء، ووصفته بأنه "نائب التطبيع"، واعتبرت صحيفة "الوطن" - في مانشيتها - أن "البرلمان يواجه نائب التطبيع بالجزمة"، وخصصت صفحة كاملة بعنوان: "جزمة على رأس التطبيع".
ولأول مرة استخدمت الصحيفة تعبير "الكيان الصهيوني" للإشارة إلى "إسرائيل" فقالت إن أزمة عكاشة تصاعدت خلال الجلسة العامة للبرلمان أمس، ووصل الأمر إلى ضربه بالحذاء، اعتراضا على استقباله السفير الإسرائيلي في منزله الأسبوع الماضي، ما أثار غضب النواب الذين اتهموه بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وقدموا طلبات لإسقاط عضويته، للتحقيق معه في البلاغات الموجهة ضده، وفق الصحيفة.
وقالت صحيفة "الشروق" إن "ضرب نائب التطبيع بالجزمة في البرلمان"، مضيفة أن "كمال أحمد يرد على تطبيع عكاشة بالجزمة".
وتابعت بأن "حذاء تحت القبة.. فصل جديد في (كوميديا البرلمان)".
وبصورة لعكاشة عليها حذاء، صدرت "اليوم السابع" بمانشيت يقول: "بالجزمة.. نائب الشعب كمال أحمد يضرب نائب التطبيع في البرلمان".
وأبرزت "اليوم السابع" في تغطياتها قيام مواطن في دائرة عكاشة بضرب نفسه بالحذراء لانتخابه، وجمع توقيعات في دائرته "طلخا ونبروة" لسحب الثقة منه، وقالت: "حكاية "جزمة مقاس 41 شفت غليل المصريين".
ودون رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير "اليوم السابع"، خالد صلاح أن "عاوزين نعمل مزاد علني لشراء جزمة النائب كمال أحمد.. أشرف جزمة على رأس الاختراق الإسرائيلي للبرلمان".
ومن جهته، اعتبر محمد البرغوثي في صحيفة "الوطن"، أن "نضال توفيق عكاشة على طريقة إنت اللي وسخت الكباريه"، على حد تعبيره، فيما قال عبد الفتاح عبد المنعم بجريدة "اليوم السابع": "تسلم جزمة كمال أحمد".
وفي المقابل، بدا تعاطف "المصري اليوم" مع توفيق عكاشة، قائلة في مانشيتها: "لغة الحذاء تعود لـ"المجلس الموقر"، قائلة: "اعتدى كمال أحمد عضو مجلس النواب على زميله توفيق عكاشة احتجاجا على استقبال الأخير السفير الإسرئيلي".
اضرب "نائب إسرائيل" بالجزمة
وأعلنت "اليوم السابع" أن الفريق الفني في الصحيفة سيطلق لعبة "اضرب نائب إسرائيل بالجزمة"، وذلك في إطار ما وصفته بحالة الغضب الشعبي والاستياء البرلماني من التصرفات المسيئة التي صدرت عن "نائب التطبيع".
حرق "عكاشة" شعبيا
إلى ذلك، تحدثت الصحف عن تزوير "دكتوراه" توفيق عكاشة، مؤكدة أن تقديمها للبرلمان يعني جريمة مخلة بالشرف، ومتكاملة الأركان تستوجب تحويله للجنة القيم، وإسقاط العضوية عنه.
وتحدثت وسائل الإعلام عن تداول العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيديو" يوضح لحظة إعدام الجاسوس فاروق الفقي، خال توفيق عكاشة - على حد قولهم - الذى تم تجنيده على يد خطيبته، الجاسوسة الشهيرة هبة سليم، إذ إنها استغلت وظيفته كمدير لمكتب قائد سلاح الصاعقة بالجيش المصري، وقت حرب الاستنزاف، وقام بمد إسرائيل بخرائط تفصيلية عن أماكن منصات صواريخ الدفاع الجوى المصري، قبل أن تقوم المخابرات العامة المصرية بكشفه، والقبض عليه هو وشريكته وإعدامهما في قضية شهيرة.
وعكاشة يقلل من الواقعة
وكان توفيق عكاشة وصف واقعة تعرضه للضرب بأنها واقعة عادية خالص، وفي إطار الديمقراطية، قائلا في لقاء خاص ببرنامج "العاشرة مساء": "من حق كل واحد أن يعبر عن رأيه".
وأضاف: "مجلس النواب عليه أن يجيب حقي، ولن أمتثل أمام لجنة الاستماع بالمجلس"، واصفا كمال أحمد بأنه مثل والده، وقائلا: "رجل أكبر من أبي، وأنا قابلت السفير الإسرائيلي في نفس توقيت اعتماد السفير المصري في إسرائيل.. واقرأوا بقى".
وكان عكاشة دعا عمليا، خلال حواره ببرنامج "مصر اليوم"، عبر فضائيته "الفراعين"، للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي قائلا: "مصر تعد عروسة شديدة الجمال بالنسبة لإسرائيل، وهي إما أن تتزوجها، أو تدمرها، إذ إنها تسعى الآن إلى محاصرة مصر في كافة المجالات"، حسبما قال.
لن تتم التضحية بعكاشة
في المقابل، قال رئيس ائتلاف "دعم مصر"، اللواء سامح سيف اليزل، إن ما قاله عكاشة عن أنه كان على اتصال بالاجهزة الأمنية بشأن لقائه مع السفير الإسرائيلي ليس صحيحا.
وفي الوقت نفسه قال اليزل: "أعلن رسميا، وعلى مسؤوليتي الشخصية، أن إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة أمر من الصعب حدوثه، ولكن سيكون له عقاب مثل المنع شهرين أو أكثر من حضور الجلسات".